الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

تمجيدا لخطوة تركيا.. حماس تتحول إلى جهة مانحة لتراخيص التطبيع مع إسرائيل !

تمجيدا لخطوة تركيا.. حماس تتحول إلى جهة مانحة لتراخيص التطبيع مع إسرائيل ! حركة حماس إلى جانب أردوغان (يمينا) رئيس إسرائيل
لم تبلع حركة حماس لسانها أمام إعلان المكتب الإعلامي لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، يوم الأربعاء 17 غشت 2022، عن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل، ولم تقرع طبول الحرب و"التخوين" و"الاستزلام"، كما تعودت على ذلك كلما أبرمت أي دولة عربية  أو إسلامية اتفاق سلام أو تعاون مع تل أبيبّ. بل إنها كانت تخرج كل ما جوفها من صراخ لإدانة الدول والهيئات والمؤسسات "المطبعة"، داعية إلى إحاطتها بجهنم. لم تبلع حماس لسانها لتحافظ، على الأقل، على ماء وجهها إذا كان لها وجه تستطيع أن تخرج به على الناس. فقد انتظرت ثلاثة أيام فقط قبل أن تسارع صباح اليوم (الجمعة 19 غشت 2022)، لتضع تاريخها بكامله أمام المدفعية الثقيلة لكل المراقبين الذين فوجئوا بانتهازية حماس وازدواجية خطابها ونفاقها.
فقد أعلنت "حماس"، في بيان لها، أنها "تبارك الخطوات التي اتخذتها حكومة تركيا الصديقة ممثلة بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان لإعادة العلاقات مع دولة إسرائيل".
وأوضحت الحركة أنها "تؤكد لأبناء الشعب الفلسطيني المجاهد في القدس والضفة وغزة والـ 48 ومخيمات الشتات بأن هذه الخطوة تصب في صالح الشعب الفلسطيني المجاهد بكافة أطيافه". كما أكدت "على ثبات الموقف التركي الداعم للقضية الفلسطينية واستمراره. كما تود الحركة أن تنبه على ضرورة عدم استغلال الدول الأخرى لقرار الجمهورية التركية لتشريع التطبيع مع دولة الكيان الإسرائيلي". مضيفة أن "الظروف والمسوغات تختلف تماماً".

بيان حماس، الذي يمكن وصفه بأنه صادر عن جهة "لا تخجل"، ولا "يندى لها جبين"، و"تحترف النفاق"، و"ذات اللسانين"، يوضح تناقضات حماس التي حولت القضية الفلسطينية إلى "أصل تجاري حصري"، بل أكد أنها لا تتوانى في تحويل نفسها إلى جهة إدارية جمركية متخصصة في منح "تراخيص التطبيع" إلى الدول والمؤسسات، حسب المنافع المرجوة أو حسب المزاج السياسي العام لقادتها. 

فماذا يمكن أن نسمي الترخيص لتركيا بالتطبيع، علما أن أردوغان لم يستأذن حماس للقيام بهذه الخطوة؟ وبماذا نسمي ازدواجية المعايير  بزعم أن أن "الظروف والمسوغات تختلف تماماً" بين تركيا (الدولة الحاضنة لحماس) وبين بقية الدول المطبعة؟ وما معنى الترخيص لتركيا وتحذير بقية الدول الأخرى من خطر التطبيع مع دولة الاحتلال؟ وما معنى التمييز بين "تطبيع يخدم القضية الفلسطينية" و"تطبيع لا يخدم مصالح حماس"؟ ثم ما معنى القبول بتطبيع تركيا والاستمرار في حمل السلاح، علما أن العملية السياسية تفضي في العمق إلى تعطيل المواجهة المسلحة؟.

لقد عرت تناقضات حركة "حماس" بخصوص التطبيع التي حرمته على الدول الخليجية والعربية واعتبرته طعنة في الظهر للفلسطينيين، وبررته ضمنيا لتركيا بمباركتها له، الوجه الحقيقي لحماس التي تستخدم القضية الفلسطينية كورقة للمتاجرة بها خدمة للأطراف التي ترتبط بها كإيران وتركيا وتنظيم الإخوان الدولي.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا قامت حماس بتغيير موقفها على النحو الذي يجعل رأسها مطلوبا من جل المتعاطفين معها؟ لماذا اختارت الانتحار عوض الالتزام بمبدئها الرافض للتطبيع؟.
الجواب نجده لدى المستشار السياسي السابق للرئيس التركي، تورهان شوماز، الذي قال: "أردوغان عقب تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، لن يكون بعد الآن صديقا جيدا للإخوان كما كان من قبل، وسيبتعد عنهم.. لن يسمح بعد الآن للتنظيم في أنقرة بمواصلة أنشطته السياسية مرة أخرى"..

لذلك، فإن بيان حماس وردة تقطر دما يقدمها "الحماسيون" من أجل الحفاظ على مجالهم الحيوي في أنقرة، ومن أجل تجنب صفقة قد تجعلهم تحت رحمة إسرائيل.