الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: حديث الريسوني صحيح صححه التاريخ في مسنده

محمد الشمسي: حديث الريسوني صحيح صححه التاريخ في مسنده محمد الشمسي
ما بال قوم يساجلون التاريخ، ويفرون من سجلاته، حتى إذا روى لهم غيرهم ما لا يطيقون سماعه هاجوا وماجو وجلبوا وعربدوا، لقد كانت موريتانيا أرضا مغربية اجتزأها الاحتلال الفرنسي في لحظة وهن نظام الحكم المغربي ، وكانت تحمل اسم بلاد شنقيط، و هذه حقيقة تاريخية.
أثناء زيارة  الملك محمد الخامس لمحاميد الغزلان التقى جلالته بممثلين عن القبائل الموريتانية التي جددت له البيعة والقى خطابا لا زال موثقا بالصوت والصورة، اعتبر فيه الملك بلاد شنقيط  والصحراء  أراض مغربية، وتعهد باسترجاعها، وهذه حقيقة تاريخية.
وقد قاطع المغرب أشغال مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية احتجاجا على مشاركة وفد يمثل الكيان الموريتاني وهذه حقيقة تاريخية.
قضم المحتل الفرنسي مساحات شاسعة من الأراضي المغربية بعد هزيمة الجيش المغربي في معركة للامغنية وضمها للجزائر التي كانت تعتبرها فرنسا جزءا من ترابها وتسميها" الجزائر الفرنسية" وتلك الاراضي المغتضبة هي الصحراء الشرقية التي تضم ولايتي تندوف وبشار وهذه حقيقة تاريخية.
عرض الفرنسيون على الملك محمد الخامس إرجاع الصحراء الشرقية للمغرب بشروط، لكن الملك رفض شروط فرنسا وطالبها بالخروج من الجزائر وانه سيحل مشكل تلك الاراضي مع الاشقاء الجزائريين بعد استقلال الجزائر وهذه حقيقة تاريخية.
في لقاء سابق بين الملك وفرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة أقر المسؤول الجزائري بقيام مشكل حدودي بين المغرب والجزائر وتعهد بحله، ويعني بذلك الصحراء الشرقية، وهذه حقيقة تاريخية.
قامت حرب الرمال بين المغرب والجزائر من أجل استرجاع المغرب لصحرائه الشرقية من الجزائر ، في الوقت الذي لوح فيه النظام الجزائري بورقة الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهذه حقيقة تاريخية.
لم يصادق المغرب على الحدود بينه وبين الجزائر الى اليوم لتمسك المغرب بأراضيه التي ضمها المحتل الفرنسي للجزائر الفرنسية خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر وهذه حقيقة تاريخية .
في فتواها أكدت محكمة العدل الدولية على وجود روابط بيعة وتبعية روحية ودينية بين القبائل الصحراوية وسلاطين المغرب، وظلت هذه البيعة قائمة ومستمرة لم يقطعها سوى الاحتلال، وهذا موثق في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وهذه حقيقة تاريخية.
ثم عادت محكمة العدل الدولية لتتناقض مع نفسها وتورد في رأيها الاستشاري بأنه لا وجود لسيادة إقليمية للمغرب على الصحراء، وهنا رجح قضاة المحكمة السيادة الاقليمية بمفهومها الأوروبي،  على نظام البيعة بمفهومه الإسلامي، لتختم محكمة العدل الدولية بوجوب إعمإل مقتضيات القرار 1514 بحق سكان الصحراء ( ننتبه لعبارة سكان الصحراء، وليس سكان تندوف)، وذلك في تقرير مصيرهم وهذه حقيقة تاريخية.
باتت موريتانيا في ظروف عالمية معينة دولة عضوا في منظمة الأمم المتحدة، أكسبها صفة دولة مستقلة ذات سيادة واعترف بها المغرب وانتهى أمر مطالبته بها كجزء من اراضيه وهذه حقيقة تاريخية.
فماذا قال الريسوني غير هذه الحقائق التاريخية الثابتة الراسخة في أمهات الكتب والمراجع والمذكرات والشهادات، وهو التاريخ الذي لا ينطق عن الهوى، ولا يروي ما نشتهيه نحن ولا غيرنا.
لا يجب على الاخوان في موريتانيا ان يمتعضوا أو يستنكفوا أو يحتجوا، فهذا التاريخ، والامتعاض من التاريخ وإنكاره هو مرض نفسي.
أما الإخوة في الجزائر فقد جرى احتلال اراضيهم قرابة 500 سنة، منها قرابة 400 سنة تحت الاحتلال العثماني، قبل ان ينتزع المحتل الفرنسي بلادهم من نظيره العثماني ويضم الفرنسيون الجزائر للأراضي الفرنسية ويبقون فيها لما يفوق 130 سنة، بل جعلوها مقاطعة فرنسية او "دوزيام فرنسيس"، ولم يخرجوا منها الا وفقا لاتفاقيتي ايفيان 1 وايفيان 2 حيث جرى تنظيم استفتاء للشعب الجزائري لتقرير مصيره انتهى بتصويت 97% من الجزائرين باختيارهم العيش في جزائر مستقلة و3% من الجزائريين اختاروا الإبقاء على وطنهم محتلا من طرف فرنسا وهذه حقيقة تاريخية.
التاريخ لا يفلت كبيرة ولا صغيرة، وما رواه الشيخ الريسوني هو قطعة من التاريخ ولا يمكن إرجاع كبسولة الزمن لتغيير وتحريف التاريخ، وهو التاريخ من يروقه فهو التاريخ ومن لا يروقه فليشرب البحر وحتى إن شربه سيبقى التاريخ تاريخا، والتاريخ يشهد للمغرب بأنها أمة عظيمة لم يثبت احتلالها كليا إلا خلال الحملة الامبريالية، ولم يدم هذا الاحتلال أكثر من 50 سنة، انتهت بطرد المحتل طردا وليس بموجب استفتاء تقرير المصير كما شهدت الجارة الشرقية، أما الصحراء فمغربية بشهادة التاريخ والجغرافية وسكانها وكل الشعب المغربي الأبي، وغالبية الدول القوية والمؤثرة، رفعت الأقلام وجفت الصحف.