Monday 6 October 2025
اقتصاد

ورشة دولية بالرباط تتوج بإصدار توصيات إحداث مدرسة جيوسياسية إفريقية

ورشة دولية بالرباط تتوج بإصدار توصيات إحداث مدرسة جيوسياسية إفريقية جانب من المشاركين في الورشة الدولية
توجت الورشة الدولية للتفكير الاستراتيجي حول إحداث مدرسة جيوسياسية إفريقية بإصدار مجموعة من التوصيات والخطوات الإجرائية، في أفق تأسيس إطار أكاديمي إفريقي مستقل يعنى بالدراسات الجيوسياسية، وكسر التبعية الفكرية للمدارس الأوروبية التقليدية.
 
ويأتي تنظيم هذه الورشة، التي انعقدت يوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بمبادرة مشتركة بين ماستر الجغرافيا الاقتصادية والسياسية لإفريقيا والمنتدى الإفريقي للتنمية والأبحاث الجغرافية والاستراتيجية. وذلك من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها التأسيس لنقاش جماعي إفريقي-مغربي، يضع اللبنات الفكرية الأولى لبناء مدرسة جيوسياسية وجيوستراتيجية إفريقية مستقلة. كما تسعى إلى بلورة مقاربة منهجية قادرة على إنتاج معرفة أصيلة تراعي الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والثقافية والسياسية للقارة الإفريقية.
 
وتتجاوز أهمية الورشة الجانب النظري، إذ تأتي كإطار لإرساء أسس السيادة الفكرية في مجال الدراسات الجيوسياسية والجيواستراتيجية، بما يخدم أولويات القارة ومصالحها الاقتصادية والسيادية، من خلال إحداث مدرسة استراتيجية مستقلة. كما تعمل الورشة على تشجيع الأبحاث والدراسات الأصيلة في المجالات الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية، لا سيما تلك التي تبحث في معالجة إشكاليات الحدود الموروثة عن الاستعمار وحل الصراعات الدامية بين الدول بالطرق السلمية، إضافة إلى استغلال الموارد الطبيعية بشكل مشترك.
 
وتسعى الورشة كذلك إلى تعزيز تبادل الخبرات بين بلدان الجنوب، وصياغة مقاربات فكرية تؤسس لاستراتيجيات قادرة على تثبيت الاستقرار السياسي والاجتماعي، والحفاظ على التوازن البيئي، وتحقيق الازدهار. وفي هذا الإطار، تعمل على تعزيز مكانة المغرب كفاعل إقليمي صاعد وشريك استراتيجي لبلدان الساحل وغرب إفريقيا، عبر مشاريع كبرى مثل المبادرة الملكية الأطلسية التي تربط بلدان الساحل الحبيسة جغرافيا بالواجهة البحرية المغربية (ميناء الداخلة الأطلسي)، وتنويع المعابر البرية نحو موريتانيا، بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب.
 
وشهدت أشغال الورشة مشاركة حضوريًا وعن بُعد لباحثين وخبراء من عدة دول إفريقية. منها المغرب، مالي، الكونغو، تشاد، ليبيا، تونس، مصر، السودان، النيجر، البنين، غينيا بيساو وساو تومي وبرينسيب. وأتاح هذا التنوع إثراء النقاش وتبادل التجارب حول سبل إرساء مدرسة إفريقية قادرة على إنتاج معرفة جيوسياسية تراعي خصوصيات القارة.
 
سيُتوج هذا المسار العلمي بإصدار تقرير تركيبي يتضمن أهم التوصيات والخطوات العملية المقبلة، إلى جانب التحضير لإصدار كتاب جماعي حول الموضوع، سيتم الإعلان عن تفاصيله لاحقًا. كما أكد المنظمون أن باب استقبال المقترحات والأفكار سيظل مفتوحًا أمام الأكاديميين الأفارقة من مختلف التخصصات، في إطار تفكير جماعي ومقاربة تشاركية متعددة الأبعاد.
 
            ذ. موسى المالكي، منسق ماستر الجغرافيا الاقتصادية والسياسية لإفريقيا:
                         هذه دوافع تأسيس مدرسة جيوسياسية إفريقية مستقلة
 
ينبغي التأكيد على أن تأسيس مدرسة جيوسياسية إفريقية مستقلة هو سبق أكاديمي بامتياز على مستوى هذا التخصص في القارة الإفريقية. فالمتعارف عليه هو الاعتماد على النظريات والأسس والمبادئ والمفاهيم التي قامت عليها المدارس الجيوسياسية الفرنسية والألمانية والأنغلوساكسونية. غير أن التحولات التي يعرفها النظام العالمي، وظهور تحديات ومستجدات جديدة، تجعل من الضروري تجديد هذه المدارس وتطوير مفاهيمها.
 
ويأتي تأسيس مدرسة توافق خصوصيات القارة، من موارد وفرص ومخاطر، على يد أساتذة وباحثين ونخب أكاديمية إفريقية، باعتبارهم الأكثر ارتباطًا بالميدان. فهذا التوجه يعد إحدى بوابات السيادة، وهي السيادة الفكرية لدى النخب الإفريقية.
 
وتنسجم هذه المبادرة، التي أطلقها كل من ماستر "الجغرافية الاقتصادية والسياسية الإفريقية" بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، والمنتدى الإفريقي للتنمية والأبحاث الجغرافية والاستراتيجية، مع التوجهات الاستراتيجية الكبرى للمملكة المغربية تجاه القارة الإفريقية بقيادة الملك محمد السادس ، تحت شعار "رابح-رابح" ووفق مبدأ "تعاون جنوب-جنوب".
 
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك تتجسد في مشاريع مبادرة الأطلسية، وانفتاح بلدان الساحل على الواجهة البحرية، فضلًا عن مشروع أنبوب الغاز الاستراتيجي نيجيريا-المغرب، وكذا الإطار المؤسساتي الذي يجمع البلدان المطلة على المحيط الأطلسي.