إذا قدر لك أن تزور مستشفى الحسن الثاني ببوعرفة، فلا شك أنك ستنبهر أمام مشاهدتك لواجهة هذا المستشفى، ووجود أجنحة وأقسام لمختلف الاختصاصات. لكن ستشعر بالخيبة حين تعاين أن أغلب هذه الأجنحة والأقسام في حالة عطالة دائمة أو شبه دائمة. وعلى سبيل المثال الجناح الخاص بالأمراض النفسية والعقلية المفروض أن يستقطب المصابين بهذه الأمراض على امتداد كل الإقليم.
إن واقع الحال يدمي حقا، فالمرضى وأسرهم يعانون كثيرا نظرا للغياب المستمر وغير منتظم للطبيب المختص، والذي يستفيد كغيره من الأطباء الاختصاصيين من بدعة l’arrangement التي ما سمعنا بها في قانون الوظيفة العمومية. وهي صيغة ملتوية بمقتضاها يستفيد الاختصاصي من العمل أياما محدودة فقط في الشهر.
إن الأدهى والأمر أن المريض المصاب بمرض عقلي أو نفسي يتوجه أحيانا قصد العلاج فيعود بخفي حنين بسبب غياب الطبيب المختص، وقد يتوجه إلى الصيدلية لاقتناء الدواء فلا يعثر عليه لنفاذ المخزون. وحين يتوجه لشراء الدواء يطلب منه الادلاء بوصفة طبية حديثة العهد، وهو ما يتعذر في الأغلب الأعم، فالأدوية المخصصة لمثل هذه الأمراض لا تقدم بدون وصفة لاحتوائها على مواد مخدرة.
وتجدر الإشارة، إلى أن المرضى المصابين بالأمراض النفسية والعقلية قد يضطرون أحيانا إلى عدم الانتظام في تناول الدواء أو قطعه بشكل كامل، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الحالات، وازدياد معاناة المرضى والأسر على حد سواء، وهو ما أكده السيد (ب) الذي تعاني خالته من هذا النوع من المرض، وهو مجرد نموذج من نماذج كثيرة تمت معاينتها.
في نفس السياق، أكد نقابي مسؤول الغياب المستمر للعديد من الاختصاصيين وليس المختص في الأمراض النفسية والعقلية فقط، وأبدأ أسفه على المنحدر الخطير الذي بلغه قطاع الصحة على المستوى الإقليمي، والمتمثل في نقص الموارد البشرية، وغياب التجهيزات، وانعدام المحفزات.
لذلك، فنحن إذ نثير هذا الموضوع، فأننا ننبه إلى أن المداد الذي كتبت به جرائم سفاح مدينة بن أحمد لازال لم يجف بعد، وعلى الجهات المعنية تحمل المسؤولية كاملة خاصة أمام ارتفاع معلات الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية على المستوى الوطني والمحلي وفق المصادر الرسمية.
الصديق كبوري/ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان