السبت 26 أكتوبر 2024
كتاب الرأي

عبد العالي بلقايد: "بوجلود" أو "هر الماء" كما عشناه في مدينة ابن جرير

عبد العالي بلقايد: "بوجلود" أو "هر الماء" كما عشناه في مدينة ابن جرير عبد العالي بلقايد
إن هذا الطقس المرتبط بيوم عيد الأضحى الذي إن كان يختص وينفرد بهذا الشكل الإحتفالي فإن امتداداته تبقى مستمرة إلى يوم عاشوراء الذي يخصه المغاربة باهتمام خاص بحيث أن الأسر كانت تحتفظ ب (دِيَّالَةْ) الأضحية على شكل قَدِّيدَةْ ليتم الإعتماد عليها لتجهيز أطباق التَّرِيدْ أو ما يسمى ب (الرْفِيسَةْ) أما الأطفال فإنهم يتخذون من عظام الأضحية مجسم "بَابَا عَاشُورْ" الذي يغطونه بغطاء داخل صحن الذي يقدمونه للكبار لأجل منحهم بعض النقود لشراء هدايا عاشوراء، وفي متم الاحتفالات يتم دفن مجسم "بابا عاشور" في طريق المتسوّقين وهي طريق يبقى دبيب الحياة مستمرا فيها .
 
ولعل النار تبقى أهم ايقونة تشكل المشترك بين عيد الأضحى وعاشوراء وهي من أهم اركان البنية الإبراهيمية التي يتميز المغرب بها عن الكثير من البلدان العربية كشرق.
 
إن الإحتفال المميز للثقافة المغربية يجعل من يوم النحر، يوما للإحتفال ب "بوحلود" أو "هر الما"، أو "السبع بو لبطاين". 
إن المسخرة التي يتعرض لها عبد الله الحمودي في كتابه (الضحية واقنعتها) والتي تناولها إدموند دوتي تكون حاضرة في طقس "هر الما" .

فالأطفال يتبعون كرنفال "هر ما" صائحين "اهر ما طايش طايش اهرما بو لحلايس" ولعل هذا التوصيف يتفق مع الحكاية التي يرويها حمودي في كتابه السالف الذكر والتي مفادها أن رجلين اعتديا على نساء في مكان مقدس فينمسخان ويتخذان شكل هذه الكائنات المسماة(بيلماون) والحدث يجري إبان لحظة نضج الذرة في إشارة إلى العلاقة الممكنة مع الدورة الفلاحية.  
 
هذا الطقس يتشابه مع الكثير من الطقوس الموجودة في البحر الأبيض المتوسط. فالشكل ما قبل المسرحي هو الغالب عليه في منطقة الرحامنة فبالإضافة إلى شخصية "هر الما" كانت شخصية اليهودي، وسميحة زوجة اليهودي الذي يلعب دور التاجر الذي يعترض المارة طالبا منهم أن يمدوه بالديون المستحقة عليهم وهو ما يؤكده المقدم الذي يقود الركب.
وهذا الحوار هو ارتجالي.
لكن الشخصية المتميزة والتي يتفرد بها عرض مدينة ابن جرير، هو شخصية "النّاقة" وهي عبارة عن مجسم للناقة يطوف هو كذلك مع الركب ويعطيها الجمهور العشب، ولعل البعض ممن ساهموا في هذه العروض لازال حيا يمكن الإستفادة من تجربتهم ك: (سي عامر ، وسي غانم، وكبور ، ولحبيب الخالدي).
 
إن "النّاقة" التي توجد في العرض يتم التعامل معها بسخاء عكس ناقة النبي صالح.
 إن هذا التميز الذي يتميز به عرض الرحامنة يستحق الإهتمام باعتباره تراثا اللاماديا كالكثير من الأصناف التراثية التي تزخر به منطقة الرحامنة وهي الجديرة بنقاش حقيقي باعتبارها مكون من مكونات هندسة التنمية المحلية.