اعتبرت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان موضوع الوقاية من التعذيب، أحد أهم القضايا التي تشغل الفاعلين، والمهتمين، والمتابعين للشأن الحقوقي سواء على الصعيد الدولي، أو الوطني.
وأضافت في كلمة لها في المؤتمر الإقليمي المنظم في الفترة بين 16 و18 نونبر 2023، حول: الوقاية من التعذيب: تجارب وتحديات في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، أن هذه المواضيع، "دائما ما أثارت التحديات التي يطرحها، نقاشات واسعة، بحثا عن صيغ تحسين ظروف الحرمان من الحرية، وحماية كرامة الإنسان، والانتقال من مرحلة مناهضة التعذيب المنصوص عليها في مقتضيات الاتفاقية ذات الصلة إلى مرحلة فعلية الوقاية من التعذيب".
وزادت المتحدثة ذاتها قائلة:"لقد ترسخت لدينا بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحكم استرشادنا الدائم بالمواثيق الدولية، والمرجعيات الدستورية ذات الصلة بالموضوع، قناعة بالحاجة إلى تعزيز الحس الاستباقي الحقوقي، والانفتاح على مجمل الفاعلين لتقوية الفهم المشترك، والمسؤول للمعايير ذات الصلة، والنهوض بالممارسات الفضلى بما يفتح آفاقا جديدة للحكامة الجيدة، بما فيها الأمنية".
وأفادت بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بادر في مستهل ولايتها سنة 2019 بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بإطلاق دينامية مبنية على الوقاية والحماية والنهوض، كما حرصت على جعلها قادرة على التكيف مع التحديات الناشئة، للوعي التام بكون أي دينامية، مهما بدت فعالة في ظاهرها، لا يمكنها أن تنأى عن التجويد، والتحصين ضد كل ما قد يهدد فعليتها.
آمنة بوعياش أبرزت أيضا أن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمجلس الوطني لحقوق الانسان، شكل لبنة أساسية في جهود تعزيز ضمانات احترام حقوق الإنسان، وتفعيل خارطة الطريق الحقوقية التي أرساها دستور 2011، وجاء تأسيسها وفق رؤية، نتاج نقاشات متعددة، أراد المجلس من خلالها إرساء أسس متينة لآلية فعالة، واستباقية تتميز بتركيزها على الحلول الملموسة وعلى النجاعة والتعاون.
وأضافت أنه تأسيسا على التراكمات التي سجله المجلس، عمل هذا الأخير على التركيز على مبادرات تضمن التكامل بين الوقاية من الانتهاكات، وتعزيز السلوك المسؤول، سواء تعلق الأمر بالمواطنين أو السلطات، إلى جانب تعزيز الخبرة والتعاون مع جميع أصحاب المصلحة، إن اتفاقية الشراكة، والتعاون المؤسساتي التي وقعها المجلس مع المديرية العامة للأمن الوطني، باعتبارها خيارا طوعيا وممارسة مضيئة لتعاون المؤسسات الوطنية، تبرز تجربة فضلى من صميم الفعل الوطني الحقوقي، إنها إحدى آليات الانخراط الطوعي والجماعي لترسيخ قواعد الحكامة الأمنية كمرتكز لتعزيز فعلية الحقوق.
وأوضحت أن اتفاقية الشراكة والتعاون المؤسساتي مع المديرية العامة للأمن الوطني، على سبيل المثال لا الحصر، تركز على تطوير العمل المشترك مع مصالح الأمن الوطني بغرض النهوض بثقافة الحقوق في مناهج التدريب والتكوين وجعلها مرجعا ودليلا مؤطرا لمهام موظفي وموظفات الأمن الوطني المكلفين بإنفاذ القوانين، وتدعم الجهود التي تبذلها المؤسسة الأمنية لتحسين الحكامة الأمنية ولتعزيز الممارسات المهنية، والتدخلات الميدانية استنادا على المعايير الوطنية والدولية في المجال.
كما أفادت أن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب قدمت توصيات تهم تطوير الممارسات الفضلى وحفظ كرامة الأشخاص في أماكن الحرمان من الحرية وحمايتهم ومواصلة تعزيز قدرات العاملين بها، وتحسين قواعد التتبع والتدبير وتطوير جهود الرصد بالغرف الأمنية، وبناء على قناعتنا بكون الوقاية عملا تكامليا يروم تكريس ثقافة الحكامة الجيدة وتنزيل التوصيات المقدمة من أجل تجاوز الأسباب الجذرية التي قد تؤدي للتعذيب وسوء المعاملة.