السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

هاته خلاصات وتوصيات الندوة الدولية حول "التربية الدامجة.."

هاته خلاصات وتوصيات الندوة الدولية حول "التربية الدامجة.." جانب من أشغال الندوة

نظمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بشراكة مع جمعية جهات المغرب، بفضاء مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، ندوة دولية في موضوع “من التربية الدامجة إلى المجتمع الدامج، أي مسارات ممكنة؟”؛ وذلك تزامنا مع اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، الذي يحرص المغرب على تخليده في 30 مارس من كل سنة.

وتندرج هاته الندوة في سياق المبادرات التي يطرحها المجتمع المدني بصفته طرفا شريكا في مسلسل التنمية ببلادنا، وقوة اقتراحية بإمكانها أن تسهم في تقديم حلول واستشارات، وتطوير بدائل وسياسات عمومية ناجعة وفعالة.

ومن أجل ضمان مقاربة متعددة الأبعاد، حرصت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، على توجيه الدعوة الى مختلف المؤسسات المعنية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بملف الأشخاص ذوي الاعاقة بالمغرب؛ حيث شملت الدعوة المؤسسات الآتية:

1- المجلس الاعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي

2- مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين

3- المجلس الوطني لحقوق الإنسان

4- وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة

5- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار

6- وزارة التربية الوطنية و التعليم الاولي و الرياضة

7- المديرية العامة للجماعات الترابية

8- رئاسة جهة الرباط سلا القنيطرة

9- تنظيمات المجتمع المدني

10- خبراء و أساتذة باحثين مختصين من المملكة المغربية و جمهورية مصر و الجمهورية التونسية و الجمهورية الفرنسية.

جرت أطوار هذه الندوة في غضون يومين توزعت خلالهما المساهمات بين كلمات افتتاحية، وتجارب وآراء مؤسساتية في اليوم الأول إضافة إلى شريط وثائقي يلقي الضوء على الوضع الاجتماعي للمعاق والتحديات التي تواجهنا في هذا المجال، تلتها في اليوم الثاني جلسات علمية موضوعاتية thématiques، حسب محاور خمسة هي:

أولا / التربية الدامجة والممارسات الفضلى توعية وممارسة

ثانيا / التشريع والاعاقة بين التنظير والتنفيذ

ثالثا / ادوار ومهام المؤسسات في تعزيز حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة

رابعا / تمثل مفهوم الاعاقة ومفهوم المدرسة الدامج

خامسا / الاعلام والاعاقة أي أدوار لأي مجتمع؟

وتخللت اليومين معا وصلات موسيقية وغنائية من أداء الفنانين فؤاد طرب وعز الدين منتصر.

ولقد انتهت الندوة إلى عدد من الخلاصات والتوصيات:

أولا-الخلاصات

اعتبرت كل المداخلات أن الإعاقة ليست معطى فيزيولوجيا، بل بناء اجتماعيا، وصورة نمطية، يُعتبر المجتمع المسؤول الأول والأخير على ترسيخها في الأذهان والمعاملات بوصفها تمثلات وممارسات اجتماعية. ولعل هذا ما حدا بمنظمي هذه الندوة إلى تثمين مفهوم المجتمع الدامج وعدم حصر المشكلة في نطاق التربية الدامجة. على اعتبار أننا نلج مجتمعا جديدا يفرض علينا لزاما تغيير المقاربات واعتماد رؤية شمولية. لاسيما وأن واقع حال الأشخاص ذوي الاعاقة في المغرب لم يتغير بشكل ملحوظ وسريع على مدى سبعة عشر سنة؛ أي منذ صدور تقرير الخمسينية إلى يومنا هذا الذي يصدر فيه تقرير المجلس الأعلى للحسابات. الأمر الذي يحث على مزيد من تكثيف الجهود، وتصحيح التصورات، وتفعيلها، والتمكين للأشخاص في وضعية إعاقة.

إن حجم المشكلة، وما تقتضيه من قطائع على مستوى المقاربة، يدعونا إلى الابتعاد عن المقاربة الحسانية، والمرضية للإعاقة، وتبني مقاربة حقوقية إنسانية. بدءا بضرورة الإقلاع عن استعمال مصطلح المعاق وتعويضه بعبارة الشخص في وضعية إعاقة؛ نظرا لكون الإعاقة لا تنطبق على هوية الشخص الذي ينعت كذلك، بل على الشرط والوضعية التي يوجد فيها هذا الشخص. وانتهاء باستحضار مختلف الأبعاد القانونية والسياسية والاجتماعية لظاهرة الإعاقة في بلادنا.

فأما على المستوى القانوني، فقد أكدت بعض المداخلات على ضرورة العمل على مطابقة التشريعات للشروط الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة. وأما على المستوى السياسي، فقد وقفت كثير من المداخلات على ضرورة إسهام المجتمع المدني في صوغ السياسات العمومية الخاصة بالإعاقة في إطار فلسفة تدبيرية تشاركية، وفي تتبع عمل البرامج والمشاريع في مجال إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب. وأخيرا، على المستوى الاجتماعي أكدت أكثر من مداخلة على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه الإعلام والتواصل في تغيير نظرة المجتمع للأشخاص في وضعية إعاقة؛ لذلك يتعين على الإعلاميين تسليط الضوء على التجارب الإيجابية والمتميزة والإبداعية للأشخاص في وضعية إعاقة.

ولقد وقفت بعض المداخلات على الأعطاب التي تكتنف سياسات التهيئة الحضرية التي لا توفر الولوجيات المناسبة لاحتياجات الأشخاص في وضعية إعاقة. ودونك الهدر المدرسي الكبير الذي تتعرض له فئة الأشخاص في وضعية إعاقة؛ حيث إن 30 بالمائة من ذوي الاحتياجات الخاصة فقط يتمكنون من الالتحاق بالتعليم الأساسي. وحين تستأثر هذه النسبة الضئيلة منهم بالحق في التعليم، فإنهم يلتحقون بجامعات تفتقد للتجهيزات الضرورية التي من شأنها أن تأخذ في اعتبارها الاحتياجات الخاصة للأشخاص في وضعية إعاقة. في هذا السياق، وإذا كانت التنشئة الاجتماعية أساس كل تربية دامجة تحترم الاختلاف، فإن المدخل هو اعتماد سياسة تربوية وتعليمة مبتكرة تستجيب لخصوصية الأشخاص في وضعية إعاقة. وما يتطلبه ذلك من ضرورة تكوين وتأهيل المرافقين صحيا وتربويا من أجل مواكبة المتطلبات الخاصة للأشخاص في وضعية إعاقة. وهذه أمور ليس في مستطاع المدرسة وحدها أن تضطلع بها إلا إذا اعتمدت مقاربة تشاركية بينها وبين محيطها تقوم على أساس التربية الدامجة. أو بالأحرى مقاربة تستند إلى مفهوم قابلية الدمج inclusivitéبدل مفهوم الإدماج inclusion، والتصدي للمقاومات التي تحول دون تحقيق هذا الانتقال. ولعل هذا المشروع غير قابل للتحقق بدون المرور عبر حكامة أخلاقية.

ولم يفت كثير من المداخلات والكلمات الافتتاحية أن أثارت مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف السياسات المعتمدة في مجال الإعاقة، واستحضار خصوصيات النساء في وضعية إعاقة مقارنة بباقي النساء من جهة، وباقي الأشخاص في وضعية إعاقة من جهة ثانية. ولعل هذا الأمر يضعنا أمام الحاجة الملحة إلى إحصاءات أكثر دقة بخصوص النساء في وضعية إعاقة.

ثانيا-التوصيات

1- إنشاء صندوق خاص بالمشاريع المرتبطة بالأشخاص في وضعية إعاقة يمول من مداخيل نسبة مئوية من بطائق الطائرات و البواخر دخولا و خروجا من و الى المغرب و من الشركات الكبرى المغربية و الاجنبية المستثمرة في المغرب.

2- إعادة النظر في قانون 65-15 أخدا بنظر الفاعلين الميدانيين

3- تمكين مؤسسات الرعاية الاجتماعية الجادة و المرخص لها من صفة المنفعة العامة

4- اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف السياسات المعتمدة في مجال الاعاقة .

5- استحضار خصوصيات النساء في وضعيات اعاقة

6- التأكيد على الحاجة الى احصاءات اكثر دقة بخصوص النساء في وضعيات اعاقة.

7- تخصيص ميزانيات لإنتاج أعمال درامية وبرامج إذاعية تعرف بواقع الأشخاص في وضعية إعاقة.

8- تخصيص وزارة الثقافة لجائزة سنوية تعرف بإبداعات الأشخاص في وضعية إعاقة، وتثمن تميزهم.

9- خلق هيئة وطنية صحية تعنى بالمواكبة الصحية لهاته الفئة.

10- انشاء مختبرات بحثية في موضوع التربية الدامجة بمراكز ومعاهد التربية والتكوين عبر جهات المملكة.

11- توفير ظروف الحياة التربوية والاجتماعية والمهنية ملائمة ومكيفة مع خصوصية كل إعاقة على حدة.

12- الدعوة الى الاسراع بملاءمة التشريعات الوطنية طبقا للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

13- التسريع بتنزيل مقتضيات قانون الإطار 97-13.

14- الانفتاح على التجارب الدولية في التعاطي مع الإعاقة

15- دعوة الاعلام الوطني بكل انواعه الى التعاطي بعقلانية و حرفية مع وضعيات هاته الفئة و ابراز التمثيلات الفضلى للأشخاص ذوي الاعاقة.

16- الدعوة الى عقد مناظرة وطنية للحديث عن الاحتياجات الخاصة والفعلية بإشراك كل الفاعلين وفي طليعتهم الأشخاص في وضعية إعاقة، وانشاء هيئة مهمتها تتبع مخرجاتها.