الثلاثاء 23 إبريل 2024
فن وثقافة

سجناء حولوا السجن إلى سماء زرقاء تطير فيها إبداعاتهم وأحلامهم

سجناء حولوا السجن إلى سماء زرقاء تطير فيها إبداعاتهم وأحلامهم جانب من إبداعات السجناء
لم تمنعهم القضبان، والجدران الأربعة، من تفجير طاقاتهم الإبداعية، جعلوا من الفن متنفسا لهم، منهم من اختار الفن التشكيلي، ومن 
أبدع في الزخرفة الطينية، والفنون الحرفية، ومن بين هؤلاء السجناء من أبدع في فن التمثيل والغناء والشعر.. كل سجين يغني على ليلاه، ويرسم نافذة أمل، ومساحة حلم.
لم يعد مفاجئا أن نسمع عن معتقلين تابعوا دراستهم الجامعية، وحصلوا على أعلى الدرجات العلمية، في محاولة منهم لنسيان الزمن المفقود وراء القضبان، حيث غير هؤلاء السجناء بأنامل مبدعة الصورة النمطية عن السجن الذي لا يحجر على حرية العقل، ولا يعدم الحياة. 
المندوبية العامة للسجون فتحت هذه النافذة ليطل منها المسجون على الحياة والإبداع 
من خلال تنمية قدراتهم، وتفجير طاقتهم، وخلخلة أخيلتهم، والنتيجة نماذج لأعمال مبهرة من إبداع السجناء، أثثت بها بهو مسرح محمد الخامس بالرباط بمناسبة اليوم الوطني للسجين مساء الأربعاء 16 مارس 2022، كأنها تقول لهم: هذه يدي ممدودة لكم بساطا، فطيروا في سماء الإبداع.
تلك الأعمال الملهمة حولت السجن إلى "فسحة" لسؤال الذات: لا شيء يعلو على الحرية.. على الأقل لنكسر قيود الخيال، ونهدم جدران الندم.
ولا ننسى مساهمات السجينات والسجناء في التغلب على تداعيات فيروس كورونا من خلال تطوع عدد من كبير منهم، برعاية المندوبية، في إنتاج وتصنيع الكمامات الواقية بـ 29 مؤسسة سجنية، حسب المعايير الصحية والوطنية المعتمدة، وفق معدل إنتاج يتراوح بين بين 23000 و26000 كمامة يوميا، ليصل عدد الكمامات التي تم إنتاجها منذ انطلاق هذه العملية بتاريخ 05 ماي 2020 إلى أزيد من مليوني كمامة طبية واقية تم توزيعها على نزلاء المؤسسات السجنية، هذا في الوقت الذي كان المغرب، وباقي الدول، تعاني من نقص في وفرة منتوج الكمامات.
يشار إلى أن المندوبية العامة  حولت بهو مسرح محمد الخامس بالرباط "معرضا" فنيا، ورفع شعار "لا حياة بدون أمل". 
والحدث كان رسالة نبيلة من المندوبية إلى السجناء معناها أن السجن ليس سوى "محطة" لاستعادة "الإنسانية" والتصالح مع الذات، لذا كانت هذه الظرفية الاستثنائية فرصة لتشجيع السجناء على الإبداع واستثمار وقت فراغهم بشكل أمثل، من خلال برنامج الكتابة الأدبية لتحفيز خيالهم، خاصة أن الموضوع كان هو فيروس كورونا، حيث تم العمل على توثيق الإبداعات الأدبية للمشاركين الفائزين في العدد الثالث من مجلة دفاتر السجين التي تم إصدارها مؤخرا، وتمكينهم من تحفيزات مادية والتأهل مباشرة للمشاركة في الدورة الرابعة للمسابقة الوطنية للكتابة الأدبية، في حين خصص العدد الرابع من نفس المجلة لأفضل المساهمات الفكرية للسجناء حول "مغرب الغد"، في إطار الاستشارة التي نظمتها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لفائدة لنزلاء المؤسسات السجنية بالمغرب، وذلك بهدف تمكينهم من المشاركة في التفكير حول النموذج التنموي.
مبادرة المندوبية العامة للسجون مقاربة أخرى تمحو تلك النظرة الراديكالية للسجون بأنها مجرد أسوار عالية وقضبان وحراس مدججين بالسلاح وكاميرات مراقبة، بل بساتين وحقول من الإبداع، وسماء زرقاء يطير فيها حمام ملوّن.