الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: محمد نوبير الأموي.. وداعا أيها الأسد

عبد السلام المساوي: محمد نوبير الأموي.. وداعا أيها الأسد عبد السلام المساوي

وداعا أيها الأسد.. وداعا أيها القائد.. قائد الكونفدرالية الديموقراطية.. ونعلم أيها القائد أن الثمانينيات كانت زمنا كونفدراليا بامتياز.. وكنت قائدا نقابيا تناضل سياسيا لرفع الحصار عن الاتحاد الاشتراكي ...

وداعا أيها الأسد.. وداعا أيها (لعروبي)، "عروبي" بمكارم أخلاقك، وبشهامتك وشجاعتك واتحاديتك ...

أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت...

المناضل الشرس.. المروءة هي هي العنوان والشموخ سيد الميدان...

الآن ترحل.. فجأة ترحل.. هل تعبت؟! أنت طلقت التعب يوم ولدت.. أنت لم تشك التعب أبدا.. ترحل وتترك أهلك، إخوانك، أصدقاءك.. تائهبن حائرين.. الصدمة كبيرة والفاجعة أكبر...

الرجال لا يموتون.. العظماء لا يموتون...

نعم لم تمت ولكن ساهمت في اقتلاع الموت من وطننا.. ساهمت في إسماع صوت الجماهير الكادحة... في الحرية والبناء... ساهمت في شق الطريق، توضيح الرؤية وبناء المسار...

لما نطقت.. لما بدأت الكلام؛ قلت "لا"... لا للاستغلال والمهانة... لا للذل والهوان... لا للقمع والاستبداد... لا للعار والخذلان... لا للنفاق والكتمان... لا للخيانة والنسيان ...

قلت لا للموت... أمثالك لا يموتون... أحياء في التاريخ بل التاريخ حي بهم...

ترحل بيولوجيا لتفرض حضورا أقوى... فأنت الحضور، بالأمس واليوم وغدا ...

وجودك كان له معنى... لم تأت إلى هذا العالم زائرا... لم تكن مؤقتا... بل أتيت فاعلا وخالدا... إنك زعيم... إنك مناضل... وطني أصيل ...

أعلم أنك اختفيت ولكنك لم تمت

هل نبكيك؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا.... لا... لن نبكي لأنك لم تنته بل بدأت... كنت البداية دائما... ستستمر... ستخلد... ستستمر في كل من يؤمن بالمغرب بلدا حرا وناميا... ديموقراطيا وحداثيا... في كل من عرف انك كنت تزرع البطولة...

اليوم يتعطل البكاء... لا نودعك ونبكيك، بل نقدر ونعتبر الخسارة الكبرى التي لحقت الوطن ....

أعرف أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت

نعم لم ولن تموت... تغنيت بالحياة... تغنيت بالحرية وعلمتها لنا أغنية حلوة وجميلة... سنحلم ونحلم.. وطني وطن الجميع... وطن الكرامة والعدالة ...

أعلم أنك اختفيت لكنك لم تمت

مسار مكتوب بالعذاب والألم.... لكنه موشوم بالعزيمة القوية... موشوم بالصمود والصلابة...

أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت

تاريخ غني وحي.... مسار شاق وعسير... وطني ومواطن... مناضل ديموقراطي... اتحادي اشتراكي...كلمة واحدة في حقك أيها الزعيم واصير ملقحا ضد كل نزلات الخيانة والانحراف...فالرجل أنت والصدق فيك... والنبل ولد معك... إنك وطني مخلص... إنك اتحادي أصيل...

أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت

"ما هموني غير رجال إلا ضاعوا...." لا ثم مليون لا، الرجال لا يضيعون... الرجال لا يموتون ...

وأخيرا ترحل، ترحل عنا، ترحل فجأة... لن نبكيك... فأنت علمتنا الأمل والتفاؤل... علمتنا كيف نحيا... علمتنا الصمود والكبرياء لنعيش "منتصبي القامة مرفوعي الهامة "...

نم مطمئنا يا نوبير، المغرب ينمو ويتقدم مستلهما قيم الوطنيين والمقاومين... المغرب بخير بفضل نضالاتكم وتضحياتكم.. ووردة الاتحاد الاشتراكي تزهر...

لقد حدث ما كان حتما سيحدث... وما كان مأمولا أن يتأخر حدوثه... حدث اليوم، أن جسد الزعيم نوبير الأموي، أفرغ آخر ما استطاع من نفس، ليسلم أنفاس الإنسان العزيز لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل، تولد الشمس في مستقبل التاريخ....

أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت ...

الوطن يبكي ...

الكونفدرالية تبكي...

الاتحاد الاشتراكي يبكي...

الاتحاديات والاتحاديون يبكون عزيزهم... يبكون حبيبهم... يبكون رجلا رضع المروءة والكرامة في معبد الشجعان ...

كان كريما ومات كريما...

كان اتحاديا... أصيلا متأصلا...

السلام عليك يوم ولدت... والسلام عليك يوم رحلت... والسلام عليك يوم تبعث حيا نظيفا...

ومات نوبير الأموي... وتيتمت النقابة... وتيتم الاتحاد الاشتراكي...

كنت معنا دومًا وستظل معنا دائمًا.

لن نتركك تغادر، فأنت في بؤرة وجودنا.

لا أريد أن أتذكر،

لأنني لا أريد أن أنسى

ولا أريد أن أنسى

لأن الوجود أبقى

حتى في الغياب.

نوبير صنو وجود متعدد

وجود في الأعماق

وجود في الأماكن

وجود في الساحات

الضيقة والفسيحة

نوبير المبادرات التي كثيرًا ما أثارت فضول تساؤلات عميقة

هو وحده يملك كيمياء الربط بين النقابة والحزب...

كما يراه

كما يتمناه

كما يعمل من أجله

بكل وقواه

وبين تلك المبادرات

الكثيرة في لحظات

حساسة من نضالنا

المشترك

لن أقول وداعًا نوبير

لأنك لا تودع

أنت ترحب دومًا

أنت لا تودع أبدًا

أنت باق هنا نوبير

أنت في بؤرة وجودنا

جميعًا

في قلب كل رفيق

في قلب كل صديق

وفي قلب كل حبيب

أنت باق نوبير

كبيرًا

كما كنت كبيرًا

شهما كما كنت

مخلصًا كما كنت

ولم تبرح

أنت هنا

وأنت اليوم لم تفعل إلا أن حلقت إلى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن، وهي التي تصون، برفق وفرح، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات... ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه...

نوبير الأموي ممتد في المشترك المديد والعميق بيننا...

نوبير الأموي.. سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة نضالية... لذلك لن تذهب بعيدا تحت التراب، لأنك ستذهب بعيدا فوق التراب ...

نوبير الأموي... ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه...