الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

محمد بولامي: التكنوقراط أغرقوا البلاد في الديون حتى وصلنا إلى السكتة القلبية

محمد بولامي: التكنوقراط أغرقوا البلاد في الديون حتى وصلنا إلى السكتة القلبية محمد بولامي (يسارا) وعبد اللطيف الجواهري

يرى محمد بولامي، القيادي في الاشتراكي الموحد، أن خرجة الجواهري والي بنك المغرب غايتها هي شيطنة الأحزاب السياسية؛ مشيرا إلى أن الجواهري كان من أشد المدافعين عن برنامج التقويم الهيكلي الذي كانت له تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، مؤكدا أن الجوهر ليس هو الأحزاب السياسية بل هو الفساد لأن الدولة لم تضع قوانين لمحاربة نهب المال العام.

 

+ كيف تقرأ الخرجة الأخيرة لوالي بنك المغرب الجواهري التي هاجم من خلالها الأحزاب السياسية المغربية؟ هل هي محاولة لتعزيز دور التقنوقراط في المشهد السياسي القادم؟

- أولا، لابد من التأكيد أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية، فتاريخ الديمقراطية ارتبط بالأحزاب السياسية، كما أن الدول التي عرفت أنظمة ديمقراطية واستقرارا سياسيا هي التي اعتمدت في تدبيرها على التداول على الحكم عن طريق الأحزاب. ولنأخذ على سبيل المثال الفترة الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى حدود الآن، ففرنسا عرفت التداول على الحكم بين الأحزاب، بما فيها الأحزاب اليسارية التي وصلت إلى السلطة في عهد فرانسوا ميتران، ودائما كان هناك تداول بين اليمين أو اليمين الوسط واليسار، ونفس الأمر في بريطانيا حيث هناك تداول بين حزبين وهما الحزب المحافظ وحزب العمال اليساري، ونفس المعطى في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث هناك تداول بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، وفي كندا يتم التداول كذلك على السلطة بين الأحزاب انطلاقا من الاحتكام لصناديق الاقتراع. وهذه الدول لم تعرف انقلابات عسكرية، وعرفت استقرارا سياسيا، بينما في بلدان أخرى في آسيا وإفريقيا والعالم العربي شهدت انقلابات وسنوات الرصاص.

وبالإضافة إلى التداول على السلطة في البلدان الديمقراطية بين الأحزاب السياسية، فهي عرفت كذلك مجتمعا مدنيا قويا، حيث تربى الناس على مجتمع مبني على التعدد والاختلاف واحترام الآراء وحقوق الإنسان.

 

+ لكن ما قلته لا يحجب حقيقة أن الأحزاب السياسية في المغرب مازالت ضعيفة، ومازالت تعاني من إشكالية ضعف الديمقراطية الداخلية؟

- لابد من الإشارة أولا في ما يتعلق بالمغرب إلى أنه منذ 1965 إلى حدود 1976 كنا نعيش حالة الاستثناء التي فرضها الملك الراحل الحسن الثاني، إذ أغلق البرلمان، وعشنا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهي الفترة التي كان يحكم فيها البلاد التقنوقراط. فالحكومات التي تم تشكيلها في ظل حالة الاستثناء في معظمها كانت مشكلة من التقنوقراط، إذاً تاريخ التقنوقراط في المغرب تاريخ أسود، وهو ما يؤكده تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة الذي دام مرحلة كاملة، وقد اعترفت الدولة بهذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث عرفنا التعذيب، وعرفنا مراكز الاعتقال والاختفاء القسري.. ومع ذلك لا أحد تجرأ من الوزراء التقنقوقراط على قول "اللهم إن هذا لمنكر".

والكارثة الثانية التي تسبب فيها التقنوقراط هو أنهم أغرقوا البلاد في الديون حتى وصلنا إلى السكتة القلبية كما جاء في الخطاب الشهير للملك الراحل الحسن الثاني، فمن انقذ البلاد من السكتة القلبية؟ البلاد تم إنقاذها لما تم تشكيل حكومة اليوسفي، إذاً حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية والأحزاب التي تحالفت معهم هي التي أنقذت البلد من السكتة القلبية. أما بخصوص الجواهري والي بنك المغرب الحالي فهو المدافع الشرس عن برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983، حيث كان يشغل حقيبة وزارة المالية في الفترة الممتدة من 1981 إلى حدود 1983، ومازال المغاربة يتذكرون الصراع الذي قاده ضد المرحوم علي يعتة الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، ومع الاتحادي فتح لله ولعلو، ومع محمد بنسعيد أيت ايدر الأمين العام لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي سابقا، حول برنامج التقويم الهيكلي، وهو البرنامج الذي خلف نتائج كارثية باعتراف صندوق النقد الدولي (تفشي الأمية، إغلاق المدارس..) ومازلنا إلى حدود الآن ندفع فاتورة نتائج برنامج التقويم الهيكلي.

صحيح أن المغرب يصنف في أدبيات علم السياسة ضمن البلدان الناقصة الديمقراطية، وهذا النقص الحاصل في الديمقراطية يحمل مجموعة من المؤشرات ومن ضمنها أن الانتخابات في المغرب ليست نزيهة ولا شفافة ولا ديمقراطية، حيث مازال المال يستعمل في الانتخابات، ومازال الفساد ونهب المال العام. واسمح لي بطرح مجموعة من الأسئلة: من نهب أموال القرض الفلاحي؟ هل نهبتها الأحزاب؟ نهبها التقنوقراط!! من نهب أموال القرض العقاري والسياحي قبل فترة تحمل خالد عيلوة مسؤولية إدارته؟ هل نهبتها الأحزاب أم التقنوقراط؟ من استولى على الأراضي الفلاحية المسترجعة؟ الأحزاب أم التقنوقراط؟

 

+ وما الهدف من الخرجة الإعلامية للجواهري في نظرك؟

- الهدف واضح.. هو شيطنة الأحزاب السياسية، علما أن الجوهر ليس هو الأحزاب السياسية بل هو الفساد، لأن الدولة لم تضع قوانين لمحاربة نهب المال العام، فلما ينتخب مناضل في حزب سياسي على رأس جماعة ترابية، يواجه عملية إفساد في غياب قوانين تحمي المال العام، ولما تم إنشاء المجلس الأعلى للحسابات الذي أصدر العديد من التقارير، هل تم تفعيل هذه التقارير؟ لذا لابد من النظر إلى الجوهر.. لابد من محاربة الفساد وتفعيل القوانين الموجودة، ولابد أيضا من إصدار قانون مازلنا نفتقده وهو قانون "من أين لك هذا؟"، ولابد من تفعيل المتابعات القضائية في وجه ناهبي المال العام من أجل تقوية الأحزاب السياسية، ولابد أيضا من تقوية دور المجتمع المدني وإعطائه الحق في متابعة ناهبي المال العام، وصحيح أيضا أن الأحزاب السياسية مطالبة بتنظيف بيوتها الداخلية، وقد سبق لفيدرالية اليسار الديمقراطي من خلال المذكرة التي رفعتها إلى وزارة الداخلية أن طالبت بمنع ناهبي المال العام والمتملصين من أداء الضرائب وتجار المخدرات من الترشح للانتخابات. لكن للأسف لم يتم اعتماد هذه التوصيات، ويكفي العودة إلى القانونين التنظيميين لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين من أجل الوقوف على حقيقة غياب شروط من هذا النوع.