الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

خبير أمني جزائري: لماذا اختار عسكر الجزائر شن حرب إعلامية على المغرب؟

خبير أمني جزائري: لماذا اختار عسكر الجزائر شن حرب إعلامية على المغرب؟ كريم مولاي، وعبد المجيد تبون
اختار النظام الجزائري؛ بعد استفحال شعوره بالإحباط واليأس جراء الخيبات الدبلوماسية المتتالية التي تلقها في ملف دعمه لجبهة البوليساريو الانفصالية عن المغرب، أن يهرب إلى الأمام، وأن يعمد لاستفزاز المغرب لإطلاق حرب إعلامية يحتاجها كما العادة للتغطية على صراعات داخلية تعمتل داخل المطبخ السياسي الجزائري المهدد بسيول شعبية عارمة تنتظر الذكى الثانية لحراك 22 فبراير، لتجديد العهد بمطلب الإصلاح الحقيقي وإنجاز هدف الحكم المدني في الجزائر..
ما قامت به قناة "الشروق" التي تديرها ذات الجهات الاستخباراتي الجزائري، التي تدير باقي وسائل الإعلام الجزائرية، يعكس في الحقيقة عقيدة تؤسس عليها عصابة الحكم في الجزائر رؤيتها للعلاقة ليس فقط مع المغرب الأقصى، وإنما أيضا علاقتها مع دول المنطقة..
فليس صحيحا أن جناحي الحكم في الجزائر، العسكر والمخابرات يختلفان في الموقف من المغرب، بل هما متفقان في هذا الموقف ويلجآن إليه كلما حاصرتهما أسئلة التغيير الداخلي..
ويأتي هذا الاستفزاز أو قل التشنج من طرف عصابة الحكم الجزائرية، في ظل أجواء إقليمية متغيرة، فقد نجحت الرباط ليس في إحراز اعتراف أمريكي نادر بمغربية الصحراء، وبجدية خيار الحكم الذاتي الذي تطرحه لمستقبل الصحراء، وإنما أيضا تمكنت من إعادة موقعها في مؤسسات الاتحاد الإفريقي، وحالت دون عصابة النظام الحاكم في الجزائر والاستفراد بالدول الإفريقية، كما يأتي عقب نجاح الجهود الديبلوماسية المغربية في إنجاز اتفاق سياسي ليبي يؤسس لدولة مدنية حقيقية في ليبيا..
لا يمكن النظر إلى الحرب التي تقودها بعض الأجهزة الإعلامية "الاستخباراتية" الجزائرية على المغرب، وعلى قيادته تحديدا إلا في ظل هذه الروح الانهزامية التي آلت إليها كل محاولات الديبلوماسية الجزائرية على مدى العقود الماضية، وفشلها في تحقيق ما كانت تصبو إليه لفرض رؤيتها حول الاستفتاء في الصحرء، وهو الخيار الذي أدارت له الظهر كل الأطراف المعنية بملف الصحراء.
أعرف ومن موقع التجربة أن رهان اندلاع حرب عسكرية بين الجزائر والمغرب، غير قائمة، وإن كنت لا أستبعد أي مغامرات لعصابات بدأت تفقد قدرتها ليس على التحكم في الجزائر، وإنما  في إإقامة علاقات ثقة مع القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي رفعت شعار دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم..
لكنني مع ذلك أعتقد أن مقبل الأيام في الجزائر حبلى بالتغيرات، ليس فقط لأن صراع الأجنحة قد بلغ مداه، وأنه وصل حد الثأر، وإنما لأن أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن السياسية بلغت حدا من الاحتقان يصعب معه التكهن برد فعل الرأي العام، الذي أسقط جدار الخوف وهو اليوم يرفع صوته عاليا بأنه يسعى للتغيير السلمي، وإنهاء الحكم العسكري في البلاد..
وأيا كانت نتائج التدافع الداخلي في الجزائر، فإن مما لا شك فيه أن نتائجه ستكون في صالح هدف الاعتدال الذي يوحد مختلف الأطراف المغاربية، التي تشعر جميعها أن من يقف حجر عثرة أمام شعوبها في التقارب والتعايش هو نظام عسكري في الجزائر لا يقمع أصوات شعبه في الداخل فقط، وإنما يحول دون انطلاق قطار الاتحاد المغاربي...
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن