السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

فاعلون تربويون :التعليم بالتناوب في زمن كورونا أضر بتكافؤ الفرص بين المتعلمين

فاعلون تربويون :التعليم بالتناوب في زمن كورونا أضر بتكافؤ الفرص بين المتعلمين فاعلون تربويون رفعوا شعار لا للهدر المدرسي
انتقد فاعلون تربويون طريقة تدبير الأسدوس الأول من الموسم التكويني 2020/2021، والتي طبعها الإرتباك والتخبط، وهدر الزمن المدرسي، في ظل اعتماد أنماط متعددة للتعليم ( التعليم الحضوري، التعليم عن بعد، التعلم الذاتي) دون استحضار الصعوبات والهشاشة التي يعاني منها التلاميذ في الوسط القروي وأيضا في هوامش المدن (غياب الداخليات، صعوبات التنقل، بعد المسافة، غياب الإمكانيات التقنية..) الأمر الذي يخل بمبدأ تكافؤ الفرص، ويضرب في الصميم الحق في التعليم المنصوص عليه في الدستور (الفصل 32 ).
وقالت فاطنة أفيد أستاذة وباحثة في سوسيولوجيا التربية إن المعدل الوطني للتمدرس في المغرب لايتعدى 87 في المائة -حسب أرقام اليونسيف- بالنسبة لمستوى التعليم الإعدادي، و61 في المائة في التعليم الثانوي، وهو ما يعني أن هناك أعداد كبيرة من الأطفال تتواجد خارج أسوار المؤسسات التعليمية، أما في العالم القروي - تضيف الباحثة - فلا تتعدى النسبة 69.5 في المائة، وينخفض هذا المعدل ليصل إلى 30 في المائة، ولا يتجاوز العدد 21 في المائة بالنسبة للنساء.
وأضافت أفيد في ندوة رقمية نظمتها الجمعية المغربية لحقوق التلميذ حول موضوع " الحق في التعليم في ظل التعليم بالتناوب "، والتي أشرف على تسييرها الصحافي في أسبوعية " الوطن الآن " هشام ناصر، بأن هذا الوضع يسائل الإتفاقيات التي صادق عليها المغرب، ويسائل مدى احترام مقتضيات الدستو الذي يقر بحق الجميع في التعليم، وتكافؤ الفرص، مشيرة إلى أن هذه الأرقام تكشف حجم التحديات المطروحة أمام المغرب ليصل إلى تعميم التعليم.
وفي ما يتعلق بالدخول المدرسي لهذا الموسم، قالت أفيد إن هذه السنة عرفت ارتباكا كبيرا في الدخول المدرسي، بسبب ما خلقته مذكرة تنظيم الدخول المدرسي 39.20، وهي المذكرة التي تقر بالمقاربة التشاركية دون أن تعتمدها، حيث لم يتم التشاور مع الفرقاء الإجتماعيين، ولا مع الآباء، فضلا عن استبعاد رأي الأساتذة والمفتشين والإداريين ومجالس التدبير في ما يتعلق باعتماد أنماط التعليم، مما ترك العملية تدبر بشكل فوقي وبعيدة عن المشاكل الحقيقية، الأمر الذي تسبب في خلق مشاكل في الأسدوس الأول، ناهيك عن المشاكل الذي طرحها ما سمي بالتعلم الذاتي، متسائلة عن الخلفيات الحقيقية لاعتماده علما أن التلاميذ يعانون أصلا في ظل التعليم الحضوري.
كما تطرقت أفيد في مداخلتها التي سلطت الضوء على الإختلالات التي طبعت الأسدوس الأول من الموسم الدراسي 2020/2021، على المشاكل المرتبطة بالمنهاج المدرسي، مؤكدة بأن مضمون البرنامج لا يأخذ بعين الإعتبار كل الطبقات الشعبية، بل هو برنامج تم تحضيره من أجل إعادة إنتاج نفس العلاقات في المجتمع، بين الوضع يتطلب تغيير البرنامج وتغيير المناهج لكي تستجيب لمستويات التلاميذ، وخصوصا التلاميذ في الأوساط الهشة الذين ليست لهم إمكانيات متابعة التعليم عن بعد.
وأشارت الباحثة أن الوزارة الوصية تركت الكتاب المدرسي الكتاب المدرسي عرضة للتنافس التجاري، في غياب الفلسفة التربوية، بمعنى أننا - تضيف - أمام عمليات بيع وشراء لا علاقة لها بالمطلوب في المنظومة التربوية.
في نفس السياق شدد محمد الحمري، رئيس الجمعية المغربية لحقوق التلميذ (ة) في مداخلته على أهمية ضمان احترام مقتضيات الدستور المرتبطة بالحق في التعليم ( الفصل 32 ) لكي يكون التعليم ميسرا وذي جودة، خصوصا في الوسط القروي، حيث يعاني التلاميذ من صعوبات كبيرة، من أجل التنقل إلى المؤسسات التعليمية، وغياب الداخليات ودور الطالبة وبعد المسافة، دون أن يغفل الحديث عن الظروف الصعبة التي يعاني منها التلاميذ في الأحياء الهامشية في المدن، متسائلا عن كيفية تدبر التلاميذ للتعلم الذاتي في ظل هذه الصعوبات، خصوصا في الوسط القروي حيث يعتبر التلاميذ التوقف عن التعليم لمدة أسبوع عطلة، وأشار الحمري أن الوزارة الوصية تدرك حقيقة غياب تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وتدرك أيضا أننا نعيش في المغرب سرعات مختلفة ( الهامش المهمش، الوسط، الفئات المحظوظة والقليلة جدا ) وهو الأمر الذي يجعل من الصعب جدا الحديث عن التعليم بالتناوب، حتى في الأوساط الحضرية، وأضاف قائلا : " لا يمكن أن نلزم الأسرة بتدريس أبنائها، فالتدريس مسؤولية المدرسة فهي التي أوكل لها المجتمع القيام بهذه المهمة سواء في الظروف الإستثنائية أو في الظروف العادية..فلا يعقل أن نطلب من نجار أو محامي أو طبيب التكفل بمهمة تدريس أبنائه بعد عودته من العمل.."، مضيفا بأن التعلم الذاتي يبقى ممكنا فقط بالنسبة للتعليم العالي، في حين يعتبر في التعليم المدرسي مجازفة.
كما اتهم الحمري الوزارة الوصية من خلال نفس الندوة بهدر الزمن المدرسي المهدر أصلا، من خلال برمجتها لعدد من المباريات والتي تسبب في غياب الأساتذة، وبعدها تم تنظيم امتحانات الترقية الداخلية والكفاءة المهنية، وامتحانات الولوج إلى مركز المفتشين..متسائلا عن كيفية تدبير الوزارة لهذا الهدر، وكيف تم تعويض الأساتذة المتغيبين في عز السنة الدراسية، في ظل وجود خصاص في الأطر الإدارية والتربوية.
من جانبه، ركز محمد عبد اللوي، عن المكتب الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي على معضلة التسابق مع الزمن الذي عانى منه الأساتذة من أجل إكمال الدروس المقررة وإعداد التلاميذ للامتحانات وللمراقبة المستمرة في الأسدوس الأول، الأمر الذي يضع مصداقية النتائج المحصل عليها من طرف التلاميذ على المحك، مضيفا بأن التلاميذ استفادوا من نصف وعاء الزمن المدرسي، وليست هناك ضمانات من أجل إصدار أحكام عن التلاميذ بخصوص ما تبقى من الزمن المدرسي، داعيا الوزارة الوصية إلى اتخاذ تدابير من أجل إيجاد حلول ناجعة تمكن من الوقوف على الواقع الحقيقي لمستوى التمدرس ومستوى التعلم لدى التلاميذ.
وأشار عبد اللوي أن امتحان التلاميذ ينبغي أن يكون في الدروس التي قدمت بالشكل المطلوب، وليس من خلال الدروس عن بعد، حتى يمكن التأكد بأن الدروس قدمت وفقا للشروط المطلوبة.
داعيا في ختام مداخلته الدولة إلى الدخول في مسلسل لإصلاح التعليم، وهو الإصلاح الذي لا ينبغي أن يقتصر على البرامج، بل لا بد أن يشمل الوسائل والتكوين المستمر للأساتذة، وينبغي أن ينطلق – يضيف - من الواقع المعاش، فكل إصلاح يأتي من فوق دون استشارة المعنيين والعاملين في الميدان - يقول عبد اللوي- يجد صعوبة في تنزيله إلى أرض الواقع.
كما شدد أيضا على ضرورة تبويب الشأن التعليمي في جميع القطاعات، وانخراط جميع المتدخلين، بما فيهم المجالس المنتخبة، والمجتمع المدني والأسر، من أجل النهوض بأوضاع التعليم.