الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن شاكر: الحاجة إلى " المبادرة المدنية " من أجل مشاركة سياسية لمغاربة العالم...

حسن شاكر: الحاجة إلى " المبادرة المدنية " من أجل مشاركة سياسية لمغاربة العالم... حسن شاكر
من بين حسنات هرولة بعض ممثلي الأحزاب المغربية بالمهجر في يناير 2021، الى مُلاقاة أمناء أحزابهم و بعض المؤسسات المغربية... هو ردة الفعل الغاضبة للعديد من الفعاليات الجمعوية والحقوقية و الإعلامية... المستنكرة  لتوقيث الرحلة و المستاءة من الخطوة الغير بريئة لتلك التنسيقية و التي وُصِفَت بالبحث عن مناصب " ريعية " تحت ذريعة الترافع عن حق المشاركة السياسية للجالية...رغم أن لا أحد من الجالية كلفها  بذلك أو طلب منها أو انتخبها لتمثيله أمام تلك المؤسسات و الأحزاب..
إذ لو كان هذف رحلة التنسيقية هو الاجتماع مثلا مع أحزابهم أو وزارة الداخلية ... للترافع عن تخصيص ميزانية سنوية لتلك الفروع بالمهجر ، أو الترافع من أجل تخصيص موارد مالية لتسيير الأجهزة و المقرات بدول الاستقبال...فإن لا أحد كان سيعترض على ذلك لأننا سنكون أمام شأن حزبي تنظيمي / داخلي... لكن مرد الاحتجاج هو لكونهم يترافعون من أجل مطلب دستوري لخمسة ملايين مهاجر بدون إذنهم... كما انه يدخل في مجال السطو على حق المهاجرين ...
 و الواقع ان غضب و استياء الفعاليات الجمعوية والإعلامية والحقوقية المغربية بالمهجر له ما يبرره ، فقد تمت برمجة رحلة القنص " السياسي " في وقت نسمع فيه بموت العديد من المغاربة بالخارج من جراء أحوال الطقس البارد جدا و تساقط الثلوج... و في وقت تفاقمت فيه ازمة الأطفال الغير المرافقين بكل من فرنسا و ايطاليا و اسبانيا.. وفي وقت عانت فيه عائلات مغربية بهولندا من مشاكل قانونية مع مصالح الضرائب التي فرضت عليهم إرجاع مبالغ مالية كانت مخصصة كمساعدات لتمدرس الأطفال...انتهت بفضيحة سياسية و بتقديم الحكومة الهولندية استقالتها.. وفي وقت نسمع فيه عن ضحايا ملفات عقارية لازالت مستعصية على الحل... وفي وقت لازال المهاجر يدفع رسوما باهضة من أجل استخراج وثائق إدارية كجواز السفر مثلا من القنصليات.. رغم الأزمة الاقتصادية و رغم تداعيات كورونا.... وفي وقت نسمع فيه عن ارتفاع غير مسبوق لحالات الطلاق و تمزق الأسر المغربية بالمهجر... وفي وقت نسمع عن مشاكل بالجملة في تدبير الشأن الديني بأوروبا...و غير ذلك...
أعضاء التنسيقية المحترمين تركوا كل هذا جانبا..و هرولوا إلى العاصمة الرباط لضمان معقد ضمن كوطة ( 30مقعد ) بالبرلمان المغربي.. و نشروا صُورهم مَزْهُويين مع أُمناء أحزابهم و كأنهم حققوا نصرا مُبِينًا.... 
لذلك فقد كانت ردة فعل المجتمع المدني و الفعاليات الإعلامية  و الحقوقية غاضبة و مستنكرة ، و دليل على أن تلك التنسيقية ليس لها وزن داخل الجالية و لا تمثل إلا أفرادها فقط...
كما نسجل حسنات أخرى لتلك الرحلة..من بينها صحوة المجتمع المدني بالمهجر و مطالبته بالاتحاد و القيام بدوره كقوة اقتراحية..والتفكير في تقديم مقترحات و أفكار جديدة و واقعية بعيدا عن الرغبات الريعية أو التمثيليات الوهمية و الزعامات العنترية... وبعيدا عن فروع وهمية لأحزاب مغربية بالمهجر...
فالعديد من فعاليات مغاربة العالم المهجر تسعى الآن الى  بلورة مشاريع و أفكار و مقترحات بديلة ، ستتقدم بها أمام نفس الأحزاب و نفس المؤسسات المغربية بالرباط  في إطار المشاورات و الديمقراطية التشاركية...
كما أن نفس الفعاليات تشتغل الآن على " المبادرة المدنية من أجل المشاركة السياسية للجالية "...على أن المطلوب من هذه  " المبادرة المدنية " هو تجنب كل أخطاء و أعطاب و فشل رحلة الشتاء لتنسيقية الفروع " الوهمية " للأحزاب...و خاصة مبدأ الإشراك  و ليس الاقصاء و الإنصات إلى كل الآراء و الأفكار...و العمل الجماعي سواء من أجل صياغة الأهداف او برمجة الزيارات و لقاءات المسؤولين بالرباط ..
ان مغاربة العالم في حاجة اليوم الى ترك كل الخلافات البسيطة جانبا ، و العمل مَعًا لقطع الطريق على كل مُحْترفِي الريع والكعكة... و على كل " مُنْتَحِلي" الصفات التمثيلية بدون حق ...لأن المجتمع المدني هو الوعاء الكبير وهو المُوحد و الجَامِع لكل مغاربة العالم... و ليس تفريقهم بين ألوان حزبية أو شعارات مستهلكة لا تحترم ذكاء مغاربة العالم..
لذلك فإن المطلوب اليوم من " المبادرة المدنية " هو إعطاء صورة قوية للديمقراطية التشاركية... كقوة اقتراحية لمشاركة مغاربة العالم في المشهد السياسي المغربي ليس فقط في البرلمان ، بل في كل مجالس الحكامة و المجالس المحلية و الجهوية وفي المكاتب السياسية و التنفيذية للأحزاب المغربية  و بنسبة محترمة و ليس فقط اعتبارهم " كومبارس" سياسي..
لقد أصبح طرح أفكارجديدة لكيفيات المشاركة السياسية للجالية في إطار " المبادرة المدنية " مطلبا ملحا ..في ظل سيطرة ذكرى  المشاركة السياسية الباهتة للجالية سنة 1984...و في ظل سيطرة عقلية " الهمزة " عند بعض الفاعلين.. و في ظل " اللهطة " و البحث بكل السبل عن مقعد غير مستحق ضمن كوطة ريعية...
" المبادرة المدنية "  يجب أن تكون ضد مشاركة "باك صاحبي " في تسيير الشأن العام ، و مع مشاركة واقعية و موضوعية و شفافة وِفْق مبدأ الإستحقاق... ومع مشاركة مُتأنية لا تخضع لبرمجة  أجندات حزبية ضيقة ، لكن تخضع لملفات اجتماعية و اقتصادية و قانونية كبيرة و أجندات وطنية في إطار حزب المغرب...