الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عمر مروك: الفيضانات عرت عن حقيقة محدودية كفاءات العدالة والتنمية

عمر مروك: الفيضانات عرت عن حقيقة محدودية كفاءات العدالة والتنمية عمر مروك
شاءت الظروف أن تكشف الأمطار عن حجم التقصير في تدبير الفيضانات التي أربكت السير العادي وعجلة الاقتصاد، إذ عرت التساقطات عن حجم الفوضى التي تعرفها بعض المدن في علاقتها بالتسيير الجماعي والتدبير المفوض.
وكما العادة في كل أزمة من هذا القبيل تتلعثم ألسن المطبلين لإنجازات الحزب الفلاني والمسؤول الفلاني.
لكن هشاشة البنية التحية تكون هي الحكم الحقيقي وسيدة الموقف، و خير مثال على ذلك، هو الارتجال الذي عرفه مسؤولو ومنتخبو مدينة الدار البيضاء بحجمها ودورها الريادي في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وتصويرها انتخابيا على أنها مدينة ذكية لقيت النجاح الباهر في التدبير خلال الولايتين الانتخابية الأخيرتين، وأنها تضاهي كبريات المدن العالمية في التطور و النمو.
عمليا عندما نقول إن هناك تصورا استراتيجيا للتقدم وتلبية الخدمات وتجويدها، فهذا يعني إن المسؤولين والمنتخبين على دراية تامة بمتطلبات تحقيق تلك الأهداف الكبرى من قبيل مخصصات مالية و تخطيط و تتبع للتنفيذ والمراقبة والتقييم في إطار مؤشرات معينة ، وفي هذا الصدد لتجاوز النقص في الكفاءات و الإمكانات يتم اللجوء للخواص من خلال عدة طرق ومن بينها أسلوب التدبير المفوض، وهو طريقة جديدة من بين الطرق المعتمدة لتسيير المرافق العمومية أملتها ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية، تماشيا مع الخيارات والتوجهات الجديدة التي أصبحت الدولة تطبقها من أجل بلوغ حد أقصى من الفعالية وتحقيق أفضل النتائج وتلبية حاجيات الأفراد؛ وهذا لا يتم فقط بشراكة مع المجالس الجماعية المنتخبة التي تشرف على دفاتر التحملات في إطار سياسة التتبع ومراقبة التنفيذ؛ بل والأهم الإشراف على جدية الصفقات العمومية. وبالتالي فهاته المجالس الجماعية هي شريكة في نجاح التدبير او في فشله. عودة الفيضانات الأخيرة، واقع الحال أثبت تسيبا في تدبير قطاع تصريف مياه الأمطار، وما نتج عنه من خسائر وفوضى وارتباك السير العادي لمدن كبرى من قبيل الدار البيضاء، نتج عنه نقاش حول تحديد المسؤوليات بين كل من المجلس الجماعي أو الشركة المفوض لها بالمدينة. تزامن ذلك مع كون السنة الحالية هي سنة انتخابية لذلك التجأ المنتخبون لرمي كامل المسؤولية على الطرف الآخر.
هذا الارتجال في تدبير الأزمة سيكون في غير صالح حزب العدالة والتنمية صاحب عمادة الدار البيضاء و الذي لم يوفق في تدبير المرحلة و عرت شعاراته الانتخابية تحت مبادئ طهرانية اليد و الحكامة و الشفافية و طفت للسطح مسألة التسيب في الصفقات العمومية و هدر المال العام بمقابل بنية تحتية مهترئة لا تلبي حاجيات القلب النابض للمملكة ، حال الدار البيضاء ليس النموذج الوحيد وإنما العنوان الأبرز لكل ما وقع بالمدن الكبرى التي كانت من نصيب الحزب الأغلبي الذي تبجح في وقت ما بإنجازه الانتخابي لكنه لم يحافظ على نظافة مرماه و سقط سقطات المغشي عليه من خزي سوء التدبير والحصيلة الباهتة التي لا تشرف المغرب ولا من وضعوا اصواتهم وثقتهم فيهم، ورأوا فيهم حينها طوق نجاة، لمستقبل واعد ، إلا أن واقع الحال عرى عن حقيقة محدودية كفاءاتهم التي لطالما مجدتها كتائبهم بالخصوص في مواقع التواصل الاجتماعي، بل والأدهى والأمر أن حتى هذه الكتائب المحسوبة على حساب العدالة والتنمية يقال إنه تم منعها من الحديث عن أزمة الفيضانات الأخيرة لكي لا تتسع رقعة الشجب و تكشف عورة الاختلالات التدبيرية.
عموما، حلت أمطار الخير وحلت معها البركة لعام فلاحي واعد ومخزون مائي يروي العطش، ومن جهة أخرى كشفت الغشاوة عن أعين كل الناخبين الذين تعطشوا للتغيير ووضعوا ثقتهم لمن لا يصونون الأمانة أصحاب “صوتكم فرصتنا”، وهي فرصة لإعادة النظر وتقييم تدبير المرحلة، تقييما ينبني على الواقع والمنجزات، عوض دغدغة المشاعر وخطاب الطهرانية المستهلك. المغرب اليوم أمام تحديات كبرى وفي حاجة لمن يصون الوطن ويخدم المواطن بالعمل الدؤوب وربط حقيقي للمسؤولية بالمحاسبة.
 
عمر مروك، باحث في أنظمة التحكيم