الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: الأخطاء القاتلة للدبلوماسية الجزائرية

محمد بوبكري: الأخطاء القاتلة للدبلوماسية الجزائرية محمد بوبكري
يكاد يجمع كل الملاحظين أنه، وبإيعاز من جنرالات الجزائر، ما تزال الدبلوماسية الجزائرية مستمرة في غيها، ما قد يعمق عزلتها دوليا، بل قد ينعكس ذلك سلبا على مصير هؤلاء الجنرالات التوسعيين، الذين ما يزالون يتجرعون مرارة هزيمتهم أمام حكمة المغرب ورصانته وبعد نظره، ما جعلهم يصابون بطيش ينم عن جهلهم بما يجري في العالم، وكذا بالقواعد الدبلوماسية التي يتوجب عليهم احترامها في تصرفاتهم مع العالم وفي ممارستهم الدبلوماسية عموما.
وللتدليل على غباء هؤلاء، فإن هؤلاء الجنرالات المتحكمين في الجزائر لا يفهمون ما يجري في العالم، حيث إنهم حاولوا إرشاء "محمد بلزوم" أحد المرشحين الاثنين للانتخابات الرئاسية في دولة النيجير، حيث حاولوا أن يقدموا له عن طريق مدير الاستخبارات الخارجية الجزائرية مبلغا ماليا كبيرا، ووعدوه بالمزيد من العطايا لاحقا، شريطة أن يقوم بدعوة المدعو "إبراهيم غالي" لحضور حفل تنصيبه. وبهذا، فقد حاول جنرالات الجزائر التدخل في شؤون النيجير الداخلية، ما يدل على وجود نوايا لديهم للتدخل في دول الساحل. وهذا عمل مرفوض من قبل العالم كله، حيث يؤشر على رغبة هؤلاء الجنرالات في التحول إلى دولة توسعية تروم أن تصبح قوة إقليمية. وقد قاموا، فعلا، بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاد النيجير بهدف منع مرور أنبوب غاز نيجيريا عبر التراب المغربي، وذلك خدمة لإستراتيجية روسيا وحكام إيران وتركيا التي تناهض رغبة أوروبا في التخلص من ضغوط روسيا التي تعتر مصدرا رئيسيا للغاز إليها. لذلك، هل يعتقد جنرالات الجزائر أنهم يوجدون وحدهم في النيجير؟ ألا توجد مخابرات غربية هناك تراقب ما يجري في دول الساحل، حيث هناك رهانات اقتصادية كبرى للقوى العظمى في منطقة الساحل؟ وهل ستقبل القوى الأوروبية سلوك جنرالات الجزائر هذا؟ ألا يعد هذا السلوك مؤامرة ضد مصالحها؟ ألا يفضح هذا السلوك عمالة هؤلاء الجنرالات لروسيا التي ترمي من ورائه إلى خدمة المصالح الإستراتيجية الروسية في أفريقيا؟ ألا يفسر هذا ما يقوم به جنرالات الجزائر من إرهاب وتهريب للمخدرات واتجار في البشر في منطقة الساحل؟...
تبعا لذلك، فإن محاولة تدخل جنرالات الجزائر في الشؤون الداخلية لبلاد النيجير يدل على غبائهم السياسي، حيث إن شدة عدائهم للمغرب جعلتهم لا يرون الانعكاسات السلبية لسلوكهم هذا على مصالح بلدان أخرى. هكذا، فقد أصيبوا بالعمى حتى باتوا يشتغلون ضد ذاواتهم، ما يفيد أنهم يمارسون الدبلوماسية بدون رؤية شمولية، حيث إن رؤيتهم الضيقة قد تتسبب في عزلتهم، ما قد يؤدي إلى انهيارهم. ويبدو لي أن صبري بوقادوم وزير خارجية جنرالات الجزائر سيدفع ثمن الأخطاء الدبلوماسية لهؤلاء الجنرالات، حيث إنهم يرفضون أن يدرك الرأي العام الجزائري والدولي أخطاءهم ودمويتهم، وما ينهبونه من أموال الشعب الجزائري، ومؤامراتهم ضد بعضهم. البعض... لذلك، فإنهم قد يلجأون إلى إقالة صبري بوقادوم الذي يعمل تحت إمرتهم، ولا يستطيع أن يقوم بأي شيء دون قرارهم. لقد سبق أن أقالوا الجنرال بوزيت مدير الاستخبارات الخارجية الجزائرية، وسيعرف صبري بوقادوم المصير نفسه، وسيأتي الدور على آخرين من الذين ينظر إليهم جنرالات الجزائر بكونهم مجرد زيوف يمسحون فيها أخطاءهم، وبعد ذلك يقيلونهم، أو يقذفون بهم في غياهب السجون، إذا تطلب الأمر ذلك.
كما أنه عندما قام المستر دايفيد شنكر، مساعد كاتب الدولة في الخارجية، المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بزيارة للشرق الأوسط، حاول صبري بوقادوم أن يوهم الرأي العام بأنه جاء خصيصا لزيارة الجزائر، علما أنه جاء لزيارة الأردن والجزائر والمغرب. ولم يكن هدفه فقط زيارة الجزائر وحدها حيث ادعى صبري بوقادوم في تدوينة على صفحات تويتر أن زيارة السيد فيشر جاءت بطلب من الجزائر، التي ترغب في إعادة تقييم علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية. وهذا ما عرض صبري بوقادوم للسخرية أمام العالم، حيث أراد أن يبدو وكأنه يعامل الولايات المتحدة الأمريكية بندية، الأمر الذي لن تقبله هذه الأخيرة. إلا أن المستر ديفيد شنكر كشف الهدف من زيارته في الندوة الصحفية التي عقدها في عقدها في الجزائر، بحضور مسؤولين جزائرين، وأمام أعين جنرالاتها، حيث قال لهم: "إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بشرعية سيادة المغرب على صحرائه، قد كان قرارا شجاعا، وأن حل المشكل يكمن في مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب". ويعني هذا الكلام أن الملف قد أقفل بشكل نهائي، ما يقتضي من جنرالات الجزائر احترام هذا المقترح الذي يحظى بإجماع العالم. وما عمق من صدمة جنرالات الجزائر هو مشاركة المستر ديفيد شنكر إلى جانب المستر ديفيد فيشر سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب والسيد ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، في تدشين مقر القنصلية العامة للولايات المتحدة الأمريكية بمدينة الداخلة في جنوب الصحراء المغربية
ويعني كل ذلك وغيره أن ملف سيادة المغرب على صحرائه قد أقفل بشكل نهائي، وأن هزيمة الجنرالات المتحكمين في الجزائر قد أصبحت مؤكدة، وأن إقالة بوقادوم وجنرالات ومسؤولين آخرين قد أصبحت وشيكة.
فضلا عن ذلك، تروج في مختلف الأوساط السياسية الجزائرية أخبار مفادها أن حكام الجزائر أعلنوا عن قبولهم بمنح قسم كبير من عائدات البترول والغاز للولايات المتحدة الأمريكية مقابل سحب اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه. وهذا ما يدل على الحقد الدفين لهؤلاء الجنرالات على المغرب، حيث أنفقوا جبالا من الملايير بغية إلحاق الهزيمة به.
هكذا، فإن دبلوماسية جنرالات الجزائر غبية، لأن هؤلاء لا يفكرون، ويفتقرون إلى بعد النظر، حيث تعودوا على ممارسة دبلوماسية الشيكات مع بعض السياسيين الأفارقة الذين كانوا ضعاف النفوس، كما أنهم ما يزالون يرغبون في ممارسة الشيء نفسه مع بعض المسؤولين الغربيين، كما كانوا يرغبون في فعله مع محمد بازوم المرشح لرئاسة النيجير، فهم لا يعلمون أنه لا يمكن لأي مسؤول غربي أن يقبل منهم أي مبلغ، لأن ذلك سيضعه تحت طائلة القانون، حيث إنه يشكل خيانة للوطن يعاقب عليها القانون.
وإذا كان حكام الجزائر وحلفاؤهم يزايدون على المغرب في القضية الفلسطينية، فإن أغلب الأوساط السياسية في الجزائر تؤكد أن هؤلاء الحكام قد صاروا يروجون سرا أنهم على استعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بهدف إلحاق هزيمة سياسية بالمغرب. لكن قطار انتصار المغرب انطلق بسرعة فائقة، وقد يصل قريبا إلى المحطة النهائية، ما يفيد أنهم قد يطبعون مستقبلا مع إسرائيل طلبا لاستمرارهم في الحكم في الجزائر.... غير أن ذلك لن يفيدهم في شيء، لأنهم يتناسون أنهم قد انخرطوا لعقود في تهديد الأمن القومي للدول الغربية العظمى لصالح روسيا، فضلا عن علاقاتها المريبة مع إيران.
وإذا كان صبري بوقادوم يقوم حاليا بزيارة لحليفته جنوب أفريقيا، التي تكن عداء دفينا للمغرب، لأنها تعتقد أنه سيكون مستقبلا منافسا قويا لها في أفريقيا، فليعلم جنرالات الجزائر أن هذه السفرية لن تنفعهم في شيء، وإنما هي محاولة لذر الرماد في العيون، ليؤكدوا أنهم مستميتون في مقاومة المغرب، لكن ذلك سيكون دون جدوى.