الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: تصفية معاشات النواب والريع السياسي

صافي الدين البدالي: تصفية معاشات النواب والريع السياسي صافي الدين البدالي

أخرج نقاش معاشات البرلمانيين من النفق المسدود لينتهي إلى ضرورة إلغاء هذا النظام، وللتذكير فإنه منذ سنوات عدة مضت وبعض منظمات المجتمع المدني، وفي مقدمتهم الجمعية المغربية لحماية العام تطالب بإلغاء معاشات البرلمانيين والمستشارين وتوريثها. لأنها تدخل في خانة «الريع السياسي»، وهي مطالب كان حولها إجماع للقوى المناهضة لتبديد المال العام بالبلاد. لكن مقترح إلغاء نظام المعاشات صاحبه مقترح قانون يتم بموجبه طريقة   تصفية هذا النظام  وهو ما يعكسه تباين الرؤى بين البرلمانيين والفرق الحزبية بخصوص طريقة التصفية والأجيال المستفيدة منه، حيث إن النواب الحاليين لن يستفيدوا من المعاشات التي كانت تمنح للنواب فور انتهاء مهمتهم، والتي كانت تبلغ 5000 درهم شهريا قبل أن يصلوا إلى سن التقاعد، الشيء الذي كان يثقل ميزانية الدولة، إذ يوجد حوالي 1000 برلماني يستحقون المعاش، حسب النظام المعمول به  قبل الاتفاق على الإلغاء، و400 منهم فقط يصل عمرهم إلى سن 65 سنة..

 

لكن صيغة تعويض كل الأجيال التي جلست على مقاعد مجلس النواب منذ إقرار الصندوق الخاص بالنواب سنة 1993 سيكون فيها أكثر النواب كلفة الذين مكتوا في مجلس النواب منذ الستينات؛ حيث سيكون رقم مقابل تصفية معاشاتهم مرتفعا جدا، وقد  يصل عند بعضهم إلى 100 مليون سنتيم  مقارنة بأصحاب ولاية أو ولايتين. ويشمل القرار استفادة البرلمانين الذين سبقوا أن كانوا وزراء أو ما زالوا.

 

وإذا جرى تعويض أصحاب أقل عمر نيابي، وهو ولاية واحدة والذين يبلغ عددهم 395 بمجلس النواب الحالي مثلا، والذين بموجب مقترح التصفية سيكون لزاما تعويضهم عن خمس سنوات من المساهمة، أي 60 شهرا، فسيكون على الصندوق أن يوفر لهم ما مجموعه 68730000 درهم .

 

إن قرار تصفية معاشات أعضاء وعضوات مجلس النواب والوزراء الذين سبق أن كانوا برلمانيين في إحدى الغرفتين، يكشف بالملموس مخاطر الريع السياسي والاغتناء غير المشروع، أي تحويل العمل التطوعي إلى عمل ذي أجر، ثم إلى حق في المعاش وتوريثه. وهو ما يجعل الدولة تصرف أموالا طائلة في هذا الباب. ونحن الآن في زمن يحتاج أكثر من اللازم إلى التدبير العقلاني والموضوعي لمالية الدولة ومالية مجلس النواب التي تعرف تبديدا غير منطقي في ميزانية التنقلات والرحلات والإقامات في الخارج وفي الداخل. كما تتطلب المرحلة إغلاق كل أبواب الريع السياسي والمالي وتوجيه مالية  الدولة لحاجيات المواطن الأساسية في الصحة وفي التعليم والبحث العلمي وفي الشغل.

 

- صافي الدين البدالي، فاعل حقوقي وسياسي