الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (5)

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (5) محمد حفيظ

حل محمد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والصحافي سابقا، ضيفا على حلقة من حلقات الجامعة الرقمية، التي تنظمها حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، خلال فترة الحجر الصحي؛ وكان موضوع الحلقة هو "قراءة في الخطاب الإعلامي في زمن كورونا".

"أنفاس بريس" تنقل لقرائها، في حلقات، هذا الحوار مع محمد حفيظ الذي جرى بثه على اللايف مساء يوم السبت 25 أبريل 2020.

 

الحلقة الخامسة: من يسعى إلى الزيادة في عدد القراء والمشاهدين في هذه الظرفية بالإثارة السلبية، فأنا ألحقه بتجار الأزمات

 

مؤخرا نقرأ "كورونا يقتل المسنين"، ألا تلاحظ أن هناك مبالغة في تصوير سوداوية هذه الأزمة؟ وهل الخطاب الإعلامي ساهم في نشر الرعب داخل المجتمع؟

كما قلت قبل قليل، المطلوب من الإعلام نقل ونشر الوقائع والأحداث كما هي، لا بالتهوين منها، ولا بالتهويل. وفي الأزمات مثل هذه الأزمة التي نمر منها ويمر منها العالم كله، ينبغي أن يحرص الصحافيون على عدم السقوط لا في التهوين ولا في التهويل، لأن آثار التهويل خطيرة، كما أشرت حين تحدثت عن الرعب، وحتى التهوين تكون له آثار خطيرة. فلا يجب مثلا أن نهون من خطر هذا الفيروس، وقد وجدنا مع الأسف أن هناك من يهون حتى من بعض المسؤولية، وتابعنا من كان يقول "هاذ الفيروس عادي وبحالو بحل الأنفلونزا". لا يمكن لأحد أن يتكلم بدون علم، هذا بحسب ما قال المختصون منذ بداية الفيروس المستجد، والأبحاث حوله في بدايتها، ولذلك لا يحق لأي أحد أن يتسرع، وخاصة حين يكون في موقع المسؤولية. وحين أتحدث عن المسؤولية أقصد مسؤولية تدبير الشأن العام وكذا المسؤولية الرمزية، أي الفاعلون في المجتمع، مثل الفاعلين الإعلاميين والفاعلين السياسيين. لا يعقل لأي واحد منهم أن يتحدث في أي موضوع فقط لأن له منصة معينة. من لا يفهم في موضوع ما ينبغي أن يرجع إلى أهل الاختصاص. ونحن تابعنا كيف أن مسؤولين في الحكومة المغربية أخطأوا، ومازالت الفيديوهات التي توثق ذلك تتداول بين الناس.

 

فمثلما أنه لا يقبل أن نهون من خطر هذا الفيروس، يجب كذلك ألا نهون منه. ومثل هذه الأزمات يكون الإعلام أمام امتحان، فإما يُعزّ وإما يهان. وأعتبر أن عبارة "كورونا يقتل المسنين" تعمم معلومة غير صحيحة. والوقائع تثبت عكس ذلك، ولا أتحدث عن العدد أو النسبة، هذا موضوع آخر. فعندنا في المغرب نعلم أن عددا من المسنين قد تماثلوا للشفاء. فحين تقول "كورونا يقتل المسنين" بهذا الإطلاق، فمعناه أن أي مسن سيصاب بالفيروس سيكون مصيره الوفاة. إن نشر مثل هذه المعلومات هو بمثابة اعتداء على فئة كبيرة من المواطنات والمواطنين، وكذا على ذويهم.

 

المطلوب من الصحافي أن يعطي الأرقام والنسب، وأن يبتعد عن المعلومات التي قد تصنف في عداد الأخبار الزائفة. وأعتبر أن هذه العبارة تدخل في صنف الأخبار الزائفة. والهدف منها هو الإثارة المجانية التي تتناقض ومفهوم الإثارة الصحافية التي تنضبط لمجموعة من الضوابط. فحينما نتحدث عن الإثارة الصحافية نتحدث عن المعلومات غير العادية أو الخارجة عن المألوف أو الغريبة أو الطريفة أو الاستثنائية، ولكن في اعتمادها يجب أن نستحضر المصلحة العامة، مثلما نستحضر المشاعر الإنسانية، خاصة في مثل هذه الظروف.

 

اليوم، في مثل هذه الظرفية، إذا لم يستحضر المشتغلون والمشتغلات في حقل الصحافة والإعلام المشاعر الإنسانية، فليس لهم ما يفعلونه في هذه المهنة. ولهذا، أميز دائما بين "الإثارة الإيجابية" و"الإثارة السلبية".

 

ومع الأسف، يسود في بعض صحفنا النوع الثاني من الإثارة، فقط من أجل زيادة عدد القراء أو المشاهدين. وبذلك، يتنصل من الموضوعية والحياد.

 

وفي رأيي من يسعى إلى الزيادة في عدد القراء والمشاهدين في هذه الظرفية بالإثارة السلبية ودون احترام المشاعر الإنسانية، فأنا ألحقه بتجار الأزمات، فهو يتاجر في هذا الوباء، وهذا مخالف لقيم مهنة الصحافة.