خفتت الحجج القانونية وارتفع صوت تسييس ملف الخطاط ينج، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، ووجه حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال مدفعيته الثقيلة نحو وزارة الداخلية، وقلل عادل بنحمزة الناطق الرسمي باسم "الميزان"، من قيمة وثيقة السجل العدلي المستخرج من السلطات الموريتانية، واعتبر الخطاط ينجا أن جميع الصحراويين في جهة الداخلة وادي الذهب لهم جنسية موريتانية، وزاد مولاي حمدي ولد الرشيد منسق الحزب في الجهات الصحراوية الثلاث، أن الصحراويين قبل 1975، لم يكونوا يعرفون المغرب، "ولا شي ينكالو المغرب"، وأن 100 سنة من الاستعمار الإسباني للصحراء، تخول لهم الجنسية الإسبانية بشكل طبيعي..
هي أبرز اللحظات القوية في الندوة الصحفية التي نظمها حزب الاستقلال قببيل مغرب شمس الثلاثاء 14 يونيو الجاري بمقر الحزب بالرباط، وذلك على خلفية ما اعتبره استهدافا له بعد سلسلة القرارات الصادرة عن المجلس الدستوري مؤخرا في حق عدد من مستشاريه الجهويين والجماعيين، وكذا القضاء العادي، كان آخرهم ساعات قليلة قبل عقد الندوة الصحفية، يتعلق بالحبس موقوف التنفيذ 9 أشهر، في حق نجلي شباط، وغرامة 200 ألف درهم وكذا المنع من التصويت والترشح لولايتين انتخابيتين..
"هاذ الشي بزاف على الأحكام القضائية، علاش كتواجهنا وزارة الداخلية؟ وعوض أن تكون هذه الوزارة في موقف واحد وعلى مسافة واحدة من جميع الهيئات الحزبية، أصبحت طرفا في اللعبة لفائدة تيار سياسي معين، يقول شباط، مضيفا "ماحدث هو كارثي بامتياز، ونبهنا لذلك عشية ترشح حزب الاستقلال لرئاسة مجلس المستشارين، عندما صدرت لائحة بأسماء مستشارينا الجهويين، عن وزارتي الداخلية والعدل والحريات، تضرب في الصميم مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته، مما يبين أن هناك استهداف حقيقي لحزب الاستقلال، ومحاولة التشويش وعرقلة عمله، ونعتبر هذا جريمة في حق الديمقراطية ومس بها في العمق، ليس من حق القضاء الدستوري، ان يعالج ملفات حسم المحاكم العادية، ما حدث لايمكن السكوت عنه، مس الديمقراطية في العمق، وعندما نصرخ بالحق فإننا نغض الطرف على حقائق أخرى، حماية لأمن واستقرار الوطن.."
عادل بنحمزة، لسان "الميزان"، سار على نفس المكيال السياسي، حيث كال التهم تلو الأخرى لجهات لم يسمها، واعتبر هذه القرارات تأتي في سياق محاولة التشويش على حزبه، وبأن وزارة الداخلية تعمدت عدم الرد الإيجابي على مراسلة الطرف الآخر (يقصد المستشارة اعزوها الشكاف، التي تنصبت مدعية في دعوى عزل غريمها الخطاط)، وتركت الباب مفتوحا، لتكسب أي مساس بمركز الخطاط ينج في رئاسة الجهة تأطيرا قضائيا"، فالقضاء في قراراته ضد حزب الاستقلال "لم يكن محايدا، في نظر بنحمزة، وكان يخدم أجندة سياسية معينة، بدليل أنه لم يول اهتماما للوثائق الرسمية المغربية التي تثبت إقامة الخطاط ينج، من شهادة السكنى إلى جواز سفره إلى وثيقة الحالة المدنية، بل أغفل حتى وثيقة تثبت أن وزارة الداخلية استأجرت له سكنا بالرباط بعد أن عاد للمغرب من جبهة البوليساريو في إطار، إن الوطن غفور رحيم، فهل بعد هذا يحتاج الملف لكي نثبت أنه سياسي بامتياز، وأن جانبه القانوني هو جزء صوري لضرب الحزب؟ يقول بنحمزة.
الخطاط ينج، الذي بدا غارقا وسط كومة من الأوراق الرسمية، نفى بشدة أن يكون قد شمله إحصاء موريتانيا، مؤكدا أنه ليس المعني بالاسم في تلك الوثيقة التي قدمت ضده من طرف اعزوها الشكاف، وبأنه لاعلم له بأي إحصاء موريتاني، وبأن الجنسية الموريتانية، لايتمتع بها وحده بل جميع صحراويي جهة الداخلة وادي الذهب، بعد أن كانت الجهة تحت السيطرة الموريتانية تنفيذا للاتفاقية الثلاثية بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا، هذا النفي بالمجمل، بدا وكأنه تناقض بين ما أكده المعني بالأمر، وبين ما صرح به بنحمزة في ذات الندوة، كون الخصم في الدعوى أدلى بوثائق شخصية يشتبه في طرق استخراجها، قبل أن يستطرد بالقول أن من حق أي مغربي أن يستخرج وثيفة السجل العدلي من موريتانيا، ليستطرد الخطاط بالقول أنه حتى لو فرضنا جدلا أني المعني بالإحصاء، فهذا لايعني أوتوماتيكيا الإقامة في الأراضي الموريتانية، مسترجعا تاريخ أجداده وقبيلته اولاد الدليم في تثبيت مغربية الصحراء، مدليا كذلك بوثيقة صادرة عن المينورسو تفيد تسجيله في لوائح الاستفتاء..
أما حمدي ولد الرشيد، فلم يخرج عن ما كشفه ذات يوم تحت قبة البرلمان، كون الصحراويين لهم جنسيتين إسبانية في جهتي الساقية الحمراء ووادي الذهب بفعل الاستعمار الإسباني، وكذا موريتانية، وبأنهم لم يعرفوا المغرب إلا بعد سنة 1975، "ومع ذلك كنا نعتبر أنفسنا موالين للسلاطين المغاربة، وندعو لهم وللبلاد"، يقول ولد الرشيد، معتبرا أن ما عرفته الجهة كان مخططا له يوم الاقتراع، عندما حاز الخطاط على أغلبية الأصوات لينتخب رئيسا شرعيا للجهة، ومصالح وزارة الداخلية تعرف جيدا الوضع القانوني لساكنة الصحراء، وهناك عمال مركزيون وملحقون يشتغلون في مصالحها لهم جنسيات مغربية وإسبانية وموريتانية، فهل بإمكانها أن تحرك ضد المئات من المستشارين الصحراويين دعوى إقالتهم لأن لهم جنسيات أخرى، إلى جانب الجنسية المغربية؟"، يتساءل حمدي ولد الرشيد بصيغة التحدي، مسترسلا "الجنسيتين الإسبانية والموريتانية حق اعطاهم لنا مولانا، ولت يقدر حد يكلعهم عنا، كما لايمكن لأحد أن يزايد علينا في مغربيتنا وتشبتنا بالعرش العلوي".
هي أكثر من ساعة ونصف، كما بدأت انتهت، نحن مستهدفون، نحن حزب عصي على الترويض، نحن حزب لم ينحن أمام الاستعمار الإسباني والفرنسي، ولن تزحزحنا إرادة بعض الجهات عن مركزنا وسط الشعب.. أما أسئلة الحيثيات القانونية التي بني عليها قرار المحكمة الإدارية ابتدائيا، والمتعلقة بمنطوق المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، من حيث ضرورة الاعلان الفوري من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بإقالة رئيس مجلس الجهة أو نائبه الذي ثبت بعد انتخابه أنه مقيم في الخارج، لكون ذلك مسألة تعارض ازدواجية الولاء والانتماء مع ارتباط المواطن بأرضه وبلده ووطنه وترسيخ قيم المواطنة بالانتماء الكامل للبلد والولاء له، فهي ظلت في حكم الضمير المستتر..
سياسة