الثلاثاء 21 مايو 2024
فن وثقافة

"العيون عينيا" لجيل جيلالة.. أغنية وطنية خالدة اكتملت من التاسعة ليلا إلى الرابعة صباحا

 
 
"العيون عينيا" لجيل جيلالة.. أغنية وطنية خالدة اكتملت من التاسعة ليلا إلى الرابعة صباحا

ارتبطت نشأة المجموعات الغنائية (الغيوان، جيل جيلالة، لمشاهب...) بمضمون ونبرة الاحتجاج على أوضاع مغرب بداية السبعينيات، وباعتبار نوعها الغنائي الجديد آنذاك البديل الفني للأغنية العصرية، المتهمة آنذاك بالطابع العاطفي داخل سياق اجتماعي كان يعرف معارك الشد والجذب بين السلطة والمجتمع. وبالنسبة لجيل جيلالة فالمتتبعون يستحضرون اشتهار المجموعة أساسا بأغنية «الكلام المرصع فقد المذاق/ والحرف البراق ضيع الحدة/ ياك الذل محاك/ ياسيدي عفاك/ وكلمة عفاك ما تحيد شدة».

في هذا الخضم طلع علينا أعضاء جيل جيلالة على شاشة التلفزيون المغربي، بالأبيض  والأسود، يغنون «العيون عينيا/ والساقية الحمرا ليا/ والواد وادي يا سيدي».

كيف تولد  هذا الأثر الغنائي الخالد؟ وكيف صنعت كلماته وألحانه التي رافقت أفواج المسيرة الخضراء مثيرة الحماس الوطني، والتي شكلت بنجاحها مفاجأة لجمهور جيل جيلالة ولأعضاء المجموعة أنفسهم كما سنوضح ذلك لاحقا.

يحكي أعضاء الفرقة، كلما أتيح لهم استرجاع ذكرى هذه الأغنية، بأن من الأمور الملفتة للنظر أنهم كانوا قد غنوا في صيف 1975 في إحدى حفلاتهم بطنجة (قبل الإعلان الرسمي عن التهيئ لحدث المسيرة) القسم الأول من «العيون عينيا».

هل كان ذلك الاستباق نوعا من التنبؤ بما كان سيجري؟ أم استلهاما  لخطوة المغرب بتقديم الملف إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي سنة 1974؟

المهم أن الاصبهاني قد أكد، ببرنامج «يا موجة غني» الذي سبق أن عرضته التلفزة المغربية، أن خطاب الملك حول المسيرة كان قد دفع أعضاء المجموعة إلى التفكير في ضرورة التعبير عن موقفهم من هذا الحدث الوطني الكبير، وفي ما يمكن عمله فنيا في هذا الإطار. ولذلك شرعوا في التهيئ لذلك، واجتمعوا من التاسعة ليلا إلى الرابعة صباحا، فكانت «العيون عينيا».

فكرة الانطلاق هي المطلع الذي كتبه مولاي عبد العزيز الطاهري، وقد أضاف إليه المسرحي والزجال محمد شهرمان القسم الموالي، واستنادا إلى ذلك شرع الإنجاز اللحني الجماعي. كانت الكلمات مفعمة بروح صوفية بتأثير من المرجعية الدينية التي طبعت روح المسيرة، وكانت الألحان مزيجا من الإيقاعات الشعبية الأشبه بالتضرعات، مع تميز اللحظة التي اختتم بها الطاهري مرددته التي تلخص الأجواء العامة للأغنية «علمنا في العيون يقبل السما/ ويقول للتاريخ هاك المزيد...». وقد أضاف إلى كل هذه المكونات الإخراج الفني والتقني للأغنية التي تم تسجيلها باستوديوهات عين الشق بالدار البيضاء. أما لماذا شكلت الأغنية مفاجأة لمبدعيها قبل الجمهور؟ فذلك يعود إلى النجاح المنقطع النظير للأغنية التي صارت تردد على كل لسان لكل الأعمار لكن هذا النجاح يقرن في منطوق الأعضاء ببعض التحديات وببعض الصعوبات العابرة.

يقول الأعضاء إن الأغنية قد خلقت للمجموعة حصارا في أوروبا بعد امتناع المتعهدين هناك عن دعوة المجموعة إلى الخارج، مظهر الصعوبة الثاني يتمثل فيما قد يؤكده البعض بأن الأغنية قد غيرت اتجاه المجموعة من الاحتجاج إلى الموالاة، خاصة أن تأويلات ضيقة تمت للمقطع الذي يقول «والواد وادي

ياسيدي».

مهما يكن، وبعيدا عن منطق الربح والخسارة تظل الأغنية إحدى أجمل الأغنيات الوطنية في تاريخ الغناء المغربي.

يروي الإصبهاني بأن المجموعة كانت مدعوة سنة 1983 إلى مهرجان تيمكاد بالجزائر ففوجئت بمشاركة البوليساريو. ولذلك رفضت المجموعة المشاركة مما دفع بمتعهد الحفل إلى محاولة إقناعهم بضرورة المشاركة، مؤكدا لهم بأن الجمهور جاء من أجلهم. هنا اشترطت المجموعة أن تغني في الحفل «العيون عينيا». الغريب أن الجزائريين الحاضرين كانوا قد رحبوا بالأغنية،  وغنوا جميعا على أرض الجزائر التي يعادينا حكامها «العيون عينيا والساقية الحمرا ليا».

"العيون عينيا، والساقية الحمرا ليا

والواد وادي يا سيدي

نمشيو في كفوف السلامة

 الله والنبي والقرآن معانا

وانوار اليقين سابقانا الله

وإيماننا يحطم كل طاغي جبار

على بلادي يا سيدي

 واليوم بان الحق ينادي،

هاجت الاشواق اليوم

وباتت دموعي بالفرحة تسيل اليوم

قوا انشادي يا سيدي

اليوم الميعاد نصلو الرحم

تربة تعانق تربة

علمنا في العيون يقبل السما

ويقول للتاريخ هاك المزيد

ها صفحات جديدة من امجادي يا سيدي

بجاه العظيم الرحمن الله الله الله

العدل جا، وبان البرهان الله الله الله

وافي حقنا في الميزان الله الله الله

عمامة فوق روس العربان الله الله الله

حاملين القرآن الله الله الله

صلوا على النبي العدنان الله الله الله"