الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

سؤال طرحته حادثة كسر رجل شخص داخله: الانزلاق في الحمام، مسؤولية المستحم أم صاحب الحمام؟

 
 
سؤال طرحته حادثة كسر رجل شخص داخله: الانزلاق في الحمام، مسؤولية المستحم أم صاحب الحمام؟

من منا لم يدخل يوما الحمام الشعبي، وفي لحظة من لحظات الاستحمام، انزلق وسقط على يديه أو ركبتيه؟ قد تسلم الجرة مرة، لكنها قد تسبب كسرا.. هذا ما حدث لمحمد لشكر، إذ بينما كان يجر سطلي الماء، انزلق، ونتج عن ذلك كسر إحدى رجليه وعجز مدته 45 يوما..

كيف سيكون الحكم القضائي في هذه الواقعة؟ وأي مسؤولية لصاحب الحمام؟ وهل يتحمل محمد جانبا من المسؤولية؟ ومن الذي كان عليه اتخاذ الاحتياطات اللازمة؟ وكم سيكون التعويض المحكوم للضحية؟ وهل ستؤيد محكمة النقض أحكام الابتدائية والاستئنافية؟

في نهاية أسبوع، توجه محمد لشكر، إلى الحمام الكائن بالحي المحمدي بلوك كاستور، من أجل الاستحمام، وبينما كان يجر سطليه، ونتيجة تعفن أرضية الحمام انزلق ونتج عن ذلك عدة كسور اقتضت ملازمته المستشفى 45 يوما، وهو ما أثبته محضر الضابطة القضائية المحرر في الموضوع، مضيفا أن الحمام في ملك "بركاش إبراهيم" الذي يؤمن المسؤولية المدنية لدى شركة التأمين، طالبا التصريح بأن المسؤولية تقع على عاتق صاحب الحمام بكاملها طبقا للفصل 88 ق.ل.ع. والحكم له بـ 3000 درهم كتعويض مسبق، وإحالته على الخبرة الطبية لتحديد العجز الجزئي الدائم والكلي المؤقت.

وبعدها أجابت شركة التأمين وصاحب الحمام بأن المسؤولية هنا عقدية وليست تقصيرية، واحتياطيا لا علاقة لصاحب الحمام بالانزلاق الذي يرجع على الشخص.

تقدم لشكر من جديد بمقال إصلاحي، أصدرت على إثره المحكمة الابتدائية حكمها في نطاق المسؤولية التقصيرية بتحميل كامل مسؤولية الحادثة لصاحب الحمام "ب.إ" بصفته حارسا للحمام، ورفض طلب التعويض المؤقت وإحالة الضحية على الخبرة لتحديد العجز الكلي والمؤقت والجزئي.

وقد أنجز الدكتور دادي فاروق، مهمته وحدد العجز الجزئي الدائم في 15 في المائة، والمؤقت في 3 أشهر، وحدد المدعي طلبه في 52020 درهما.. وعلى إثر ذلك صدر الحكم بالمصادقة على الخبرة المذكورة ومنح المدعي تعويضا إجماليا قدره 27000 درهما، مع النفاذ المعجل في حدود الثلث وإحلال شركة التأمين محمل مؤمنها في الأداء.

استأنف المدعي الحكم المذكور، طالبا رفع التعويض إلى المبلغ المطلوب، كما استأنفت شركة التأمين وصاحب الحمام نفس الحكم، كون الانزلاق داخل الحمام فعل شخصي ناتج عن فعل الإنسان لا عن فعل الشيء وكان على الضحية أن يأخذ حذره منه لأن الحمام عادة تكون أرضيته مبللة وقابلة للانزلاق، ولا علاقة لصاحب الحمام بمثل هذه الأحداث، إن أرضية الحمام لم تلعب إلا دورا سلبيا في وقوع الضرر أي أن صاحب الحمام لا يكون مسؤولا إلا إذا كان الحمام به عيوب ولا يجب عليه سوى أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع ما من شأنه أن يخل بسلامة الزبناء.

وبعد استيفاء كافة الاجراءات القانونية قضت محكمة الاستئناف بالبيضاء، برد الاستئناف الفرعي وتأييد الحكم الابتدائي مع تعديله برفع التعويض الإجمالي المستحق للضحية لشكر محمد إلى مبلغ 48500 درهم والفوائد القانونية والصائر بعلة أن مسؤولية صاحب الحمام عن الأضرار التي تلحق المستحمين، ومن بينها الانزلاق، هي مسؤولية مبنية على ف 88 من قانون الالتزامات والعقود وليست مسؤولية عقدية.

بعد أن سار القضاء الابتدائي والاستئنافي، على تحميل صاحب الحمام المسؤولية الكاملة لما وقع للمستحم، كان لمحكمة النقض وجهة نظر مخالفة، حيث اعتبرت أن صاحب الحمام ملزم تجاه الزبناء في نطاق العقد الرابط بينهما باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم، ولا يمكن مساءلته إلا إذا ثبت خطأ أو تقصير من جانبه، وهذا الجانب هو الذي كان يجب البحث فيه، ولكن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أغفلته وطبقت عن خطأ مقتضيات المسؤولية التقصيرية مما جعل قرارها، ناقص التعليل الذي يوازي عدمه ويعرضه بالتالي للنقض.