الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

المجلس الأعلى للحسابات يمدد رقابته لتشمل التعاضديات

 
 
المجلس الأعلى للحسابات يمدد رقابته لتشمل التعاضديات

سبق لنا تناول فضيحة الهجمة المفبركة للحاكم العام للتعاضدية العامة على مدير الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، حيث حرك لذلك الأذرع والآليات الإعلامية التي يُغدق عليها من أموال المنخرطين، وكشفنا خلفياتها وما تحبل به من أكاذيب هي نوع من الهروب إلى الأمام في محاولة للتغطية على الأزمة الخطيرة التي أوصل إليها أوضاع التعاضدية المالية والتدبيرية (لم تخف بشاعتها الأرقام المخدومة والملونة التي يردد أكاذيبها في كل وقت وحين)، مما يتهدد مصالح المنخرطين جراء التدبير العشوائي والقرارات الخرقاء التي لا تستند على أي أسس تدبيرية عقلانية ومضبوطة.

وقد كشف مشروع ميزانية 2016، التي لم يستطع تمريرها نهاية الأسبوع الماضي، نماذج من سوء تدبيره، وأسطع مثال لذلك النظام المعلومياتي الذي خصص له أزيد من ملياري سنتيم برسم سنة 2016، يضاف إليها ملايين الدراهم التي سُطرت في الميزانيات السالفة منذ 2010 للنظام المعلومياتي دون أن يرى النور، ودون أن تتوفر التعاضدية على نظام معلومياتي يخدم المنخرطين ويساير الثورة التكنولوجية التي تتوفر عليها مؤسسات صغيرة جدا لا ترقى حتى إلى عُشُر أنشطة التعاضدية وما ينتظره منها المنخرطون.

وهذا تدبير لا يختلف كثيرا عن تدبير الرئيس السابق الذي "فرع" ميزانيات التعاضدية وبذر ملايين الدراهم بذات الشكل على نظام معلومياتي لم يخرج أبدا للوجود (40 مليون درهم بدَرها الفراع على نظام معلومياتي ميت، وبدَر العهد الجديد 11 مليون درهم في ذات المجال دون جدوى). وقد لجأ الحاكم العام إلى حيلة "تشتيت" اعتمادت المعلوميات عبر عدة أبواب في مشروع ميزانية 2016 بأسلوب تحايلي، لكن حيلته لم تنطل على من يتوفر على النباهة ومن اكتوى بتحايلات سابقة (اللي عضو الحنش كيخاف من الحبل).

وبمناسبة الحديث عن فضيحة النظام المعلومياتي نورد، على سبيل التذكير، كشف المجلس الأعلى للحسابات، يوم فاتح فبراير 2016، على عدد من الاختلالات التي يعيشها المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، وذلك في تقرير جديد له، ورد فيه "أن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية أنفق أزيد من 76 مليون سنتيم لإنجاز موقع إلكتروني مخصص للابتكار، اسمه النادي المغربي للابتكار، لكن الموقع لم ير النور أبدا ولم يخرج بعدُ إلى حيز الوجود". ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات أن قسم المعلوميات، داخل المكتب، لا يتوفر على إمكانية التتبع الإلكتروني لمعرفة كافة الخدمات وقواعد البيانات، التي تم استخراجها من النظام المعلوماتي للمكتب.

ومن خلال الاطلاع على أهم محاور تقرير المجلس الأعلى للحسابات يمكن أن نقف على تشابه كبير في واقعة المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، مع تفاصيل "التنوعير" الذي يعرفه ورش "النظام المعلومياتي" المفترى عليه في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، سواء في العهد البائد أو في انحرافات العهد الجديد الذي عاد بقوة إلى فساد العهد القديم بطرق أكثر احتيالية (وإن كان يغلب عليها طابع الهواية والتجريبية) لن تخفي بشاعتها الخرجات الإعلامية المدفوعة الأجر والمليئة بالمغالطات، التي لن تنطلي أبدا على ذكاء وفطنة من يعرفون خبايا التعاضدية العامة في عهد الحاكم العام المتحكم في مفاصلها المريضة بالروماتيزم المزمن الذي تفاقم على أيدي وأرجل الحاكم العام لجزيرتها.

من هذا المنطلق يحق للمجلس الأعلى للحسابات أن يمدد اختصاصاته لتشمل مراقبته تدبير التعاضديات بما من شأنه أن يمكن من تعزيز الرقابة على جزء هام من الأموال المتأتية من أجور الموظفين، وهي أموال عامة تصرفها الدولة، باعتبار هذه الأموال حصة المُشغل ضمن الجزء الذي يصرفه الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي لفائدة التعاضديات في إطار المهام المنوطة به، في إطار تطبيق نظام التغطية الصحية حسب الضوابط المعتمدة في إطار القانون 00 65.