السبت 18 مايو 2024
مجتمع

البقالي: الممرضون ينتفضون ضد افتراس الحكومة لملائكة الرحمة

 
 
البقالي: الممرضون ينتفضون ضد افتراس الحكومة لملائكة الرحمة

يرى البقالي عبد النور، عضو لجنة الإعلام والتواصل بحركة الممرضات والممرضين من أجل المعادلة، فرع شمال المغرب، أن المعارك النضالية التي تقودها الحركة ليست وليدة اليوم وإنما هي امتداد للمسيرة النضالية التي يخوضها الممرضات والممرضون لرد الاعتبار لمهنة التمريض. وشدد البقالي على أن الحركة سطرت برنامجها الاحتجاجي للدفاع عن مهنة التمريض وعن المنظومة الصحية ببلادنا بحكم أن الممرض هو اول من يستقبل المريض وآخر من يودعه....

+ أعلنت حركة الممرضات والممرضين من أجل المعادلة، عن برنامج احتجاجي انطلق منذ الأسبوع الماضي، لماذا هذه الاحتجاجات في هذا الوقت بالذات؟ 

- أولا دعني أضع القارئ في الصورة، فالسياق العام للحركة، يبرز أنه أمام الوضعية المزرية التي تعرفها وضعية الممرضين ومهنة التمريض منذ الاستقلال. إذ أن الساحة التمريضية عرفت نشاطا جمعويا ونقابيا وجماهيريا كبيرا خاصة في العشرية الأخيرة، مما ساهم في خلق حالة من الوعي الجماعي داخل الجسم التمريضي بأهمية العمل من أجل النهوض بمهنة التمريض، نظرا للدور الذي يؤديه الممرض داخل المنظومة الصحية  المغربية. وقد تطور هذا الوعي إلى حركة مجتمعية تمريضية كبيرة توجت بالخروج إلى الشارع عبر محطات نضالية متميزة خاصة في سنوات  2007  و2011 و2012، والتي تمحورت مطالبها حول أربعة نقط أساسية: إرساء النظام الجامعي مع المعادلة العلمية والإدارية لدبلوم الدولة في التمريض بسلكيه الأول والثاني، وتغيير قانون مزاولة المهنة والذي لم يعد يتماشى وتتطور مهنة التمريض، وإحداث هيئة مهنية، وكذا توفير المناصب المالية الكافية لتشغيل الممرضين الخريجين وتحسين الوضعية المادية للممرضين. هذه المطالب ترجمت إلى اتفاقيات وتعهدات من طرف الحكومة ووزارة الصحة أهمها اتفاق 5 يوليوز 2011، الموقع من طرف وزارة الصحة، وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة تحديث القطاعات العامة والمركزيات النقابية (الذي لم تلتزم الوزارة بتنفيذه).. وكانت أولى بوادر ترجمة هذه الإجراءات إرساء النظام الجامعي ابتداء من الموسم الجامعي 2013-2014 الذي جاء كإجراء لذر الرماد في العيون وإطفاء شعلة الاحتجاجات الذي اندلعت آنذاك حيث لم يطرح في شمولياته، وقدم بشكل اعتباطي، وحرم آلاف الممرضين من متابعة تكوينهم العلمي والذي يصب في مصلحة المريض بالدرحة الأولى. إذن هذا الحراك وهذه المعارك النضالية التي تقودها الحركة هي ليست وليدة اليوم، وإنما هي امتداد للمسيرة النضالية التي يخوضها الممرضات والممرضون لرد الاعتبار لمهنة التمريض ولقول "لا لسياسة التهميش والإقصاء التي تنهجها وزارة الصحة والحكومة على حد سواء  اتجاه ملائكة الرحمة".

+ هناك من يقول إن هذه الاحتجاجات، تحركها أياد خفية لخلق المتاعب للحكومة خاصة، وإنها في سنتها الأخيرة، كما أن الاستحقاقات التشريعية على الأبواب. ما هو ردك؟

- لا أبدا، هذه الخزعبلات لا مجال لها من الصحة.. الممرض يحركه هؤلاء المرضى الذين يعانون في صمت نتيجة الوضعية المزرية التي أصبح عليها قطاع الصحة في المغرب، بسبب النقص الحاد في الاطر الصحية، وتهميش الممرض الذي هو العمود الفقري لهذه المنظومة الصحية، لاسيما أنه يعيش كل يوم على إيقاع خطر الإصابات بالأمراض والأوبئة دون تعويضات، ولا حتى تفعيل المسطرة التي تحمي الممرض من خطر الإصابات والتعويض عنها. يحركه كذلك أن يرى الممرضين في معظم التخصصات، يقومون بمجهودات جبارة من أجل التخفيف من معاناة وآلام المرضى، رغم ظروفهم الاجتماعية المزرية، وضعف الرواتب التي تعتبر هزيلة  بمقارنة سنوات الدراسة التي قطعوها وخطورة المجال الذي يشتغلون فيه وتقصيهم الوزارة من حقهم الدستوري من متابع دراستهم وتكوينهم العلمي.. الدستور الذي التف حوله الممرضات والممرضين في 2011 واستبشروا منه خيرا، لتجهز الحكومة ووزارة الصحة على كل هذه الآمال... يحركنا كذلك أن الممرض هو أول من يستقبل المريض، ويقضي أطول وقت معه في مراقبة تطور حالته الصحية وأخر من يودعه، وأول من يحاسب في حال وقوع أخطاء طبية غير مسؤول عنها، في ظل عدم وجود قانون واضح يحدد مهام الممرض والطبيب ومحاسبة كل واحد في إطار اختصاصاته. ما يحركنا هو عندما يتعرض الممرضات والممرضين لاعتداءات جسدية ولفظية وكل انواع  الاعتداء والوزارة  تتماطل في حمايتهم .

+ لنوضح الصورة أكثر  للرأي العام، ماذا تعنون بالمعادلة العلمية والإدارية؟  

- نعني بالمعادلة العلمية مماثلة "دبلوم ممرض مجاز من طرف الدولة"، للسلك الأول المسلم من معهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي سابقا بدبلوم الإجازة، والاعتراف بدرجة شهادة السلك الثاني كشهادة الماستر. المعادلة الإدارية: تعني إعادة ترتيب الممرضين الحاصلين على دبلوم السلك الأول من السلم 9 إلى السلم 10 والممرضين الحاصلين على دبلوم السلك الثاني من السلم 10 إلى السلم 11 وإضافة درجة خارج السلم مع ضرورة الحفاظ على الحقوق المكتسبة. نريد تطبيق المعادلة الإدارية والعلمية وذلك لأنه أولا وأخيرا مطلب مشروع ينبني على أسس متينة وأسباب مقنعة منها: الملاءمة مع توصيات منظمة الصحة العالمية ومجلس التمريض الدولي بخصوص الأطر التمريضية الذي أوصى أن تكون كافية ومحفزة ومكونة بشكل جيد في إطار نظام جامعي. اللحاق بركب الدول الغربية (خاصة الدول الأنكلوسكسونية) ودول أخرى عربية وافريقية في نفس مستوى المغرب كمصر وتونس والجزائر، لكنها متفوقة علينا في مجال الصحة والتمريض. نريد أن تلتزم الوزارة الوصية باتفاق 5 يوليوز سنة 2011 الموقع بين النقابات ووزارة الصحة والحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الوظيفة العمومية. هذا الاتفاق الذي نص من بين بنوده على إعطاء المعادلة للممرضين. لكن بعد مرور أكثر من أربع سنوات لم يتم اتخاذ أي إجراء في هذا الاتجاه. نسعى كي تلتزم وزارة الصحة في مخططها القطاعي 2012- 2016 (بالإجراء رقم 134 ص 87) القاضي بمنح المعادلة لدبلومات المسلمة من طرف معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي بالإجازة، خاصة ونحن في نهاية الولاية الحالية ولم يتم تفعيل هذا الإجراء على مستوى مشروع قانون المالية لسنة 2016. العمل على تمكين الممرضين من حقهم في متابعة الدراسة في ميادينهم وتخصصاتهم الذي يصطدم حاليا بكون دبلوماتهم غير معروفة في الوسط الجامعي مما يضطرهم إلى الذهاب لتخصصات بعيدة عن ميدانهم والبدء من الصفر مع ما يصاحب ذلك من تشتيت للجهود وتغييب للتجربة المهنية للممرضين، خصوصا بعد إغلاق السلك الثاني للدراسات التمريضية، وغياب مسلك يخص الممرضين (خريجي السلك الأول) بالمدرسة الوطنية للصحة العمومية.

من بين المطالب المشروعة كذلك للممرضين والممرضات، جبر الضرر الذي لحق الممرضين منذ بداية تطبيق نظام (الإجازة، ماستر، دكتوراه) أي منذ 2002، الذي لم تواكبه وزارة الصحة، بل تقاعست بشكل كبير باعتبارها المسؤولة عن تكوين الممرضين، مما جعل منظومة التكوين خارج الاهتمام لسنوات عديدة (أزيد من عشر سنوات)، حيث لم تتم ملائمة معاهد  تكوين الممرضين التي تشرف عليها وزارة الصحة مع الإصلاح الجامعي لنظام الإجازة، الماستر، الدكتوراه، مما أدى إلى تبخيس تكوين الممرضين فالسلك الأول (باك + 3 سنوات) لا يعادل الإجازة والسلك الثاني (باك+ 5 سنوات) لا يعادل الماستر. يهمنا كذلك التكافؤ في المضمون بين النظام القديم والنظام الجامعي الجديد من حيث مدة الدراسة (ثلاث سنوات) حيث يبقى الاختلاف في الهندسة البيداغوجية (نظام الوحدات، منظومة التقويم...). أكثر من هذا فالنظام الجامعي قلص من الحجم الزمني وغير من منظومة التقويم، حيث كان الطلبة في النظام القديم يجرون امتحانا وطنيا في المواد الأساسية في سنوات الدراسة الثلاث. هذا بالإضافة إلى كون طلبة النظام القديم هم الذين ناضلوا وقاموا بمقاطعة الدراسة لثلاثة أشهر (من شتنبر 2012 إلى نهاية دجنبر 2012) من أجل تطبيق النظام الجامعي وبعد ذلك يفاجؤون بإقصائهم (هم ومن قبلهم) من الاستفادة من  نظام (الإجازة، ماستر، دكتوراه).

+ نفهم من كلامك أن من شأن تطبيق المعادلة، أن ينعكس ذلك إيجابا على مهنة التمريض وعلى المنظومة الصحية بالمغرب في ظل المشاكل التي تتخبط فيها؟

- تماما.. إن تطبيق المعادلة من شانه أن ينعكس إيجابا ليس فقط على الممرض وإنما على منظومة الصحة والمواطن بشكل عام. ذلك عبر إعادة الاعتبار لمهنة التمريض ماديا ومعنويا، مما يساهم في الاستقرار الاجتماعي للممرض، وتطوير البحث العلمي الذي لا يمكن أن يكون إلا في إطار جامعي اقتداء بما يوجد في الدول الرائدة في الميدان خاصة الدول الأنكلوسكسونية، وتمكين الممرضين الحاصلين على الإجازة من متابعة دراستهم في أسلاك الماستر والدكتوراه، لاسيما مع الاتجاه العالمي المتمثل في اعتماد "الممارسة المتقدمة". وهذا لا يمكن إلا عن طريق استكمال الدراسة، والرقي بالمؤهلات العلمية والتقنية للممرضين، وتطوير البحث العلمي في مجال علوم التمريض وتقنيات الصحة، كما سيساهم ذلك في وقف النزيف الذي تتعرض له مهنة التمريض بسبب انسداد الأفق مما يدفع العديد من الممرضين (إما اختيارا أو اضطرارا) لتغيير الإطار أو الذهاب إلى ميادين أخرى أو الهجرة خارج البلاد رغبة في تحقيق الذات. كما لا ننسى أن رد الاعتبار لأساتذة معاهد التمريض، الذين تم اقصاؤهم وتبخيس دورهم في تطبيق النظام الجامعي الجديد، بل جيء بأساتذة من خارج الجسم التمريضي في تخصصات بعيدة عن علوم التمريض. إن الاعتراف بشهادة الإجازة الماستر من شأنه فتح الباب أمام هؤلاء لمتابعة الدراسة في سلك الدكتوراه مما سيخدم منظومة التكوين، وأتكلم هنا عن الممرضين الخرجين الذي نعول على تحصيلهم العلمي الجيد والفعال من أجل الرقي بالمنظومة الصحية ببلادنا، وبالتالي تقديم خدمات صحية ذات جودة للمواطن المغربي.