الأحد 19 مايو 2024
سياسة

يحكيها الوزير عصمان والسفير السنوسي والصحفي معنينو والمخرج أقصايب.. كيف خطط الحسن الثاني للمسيرة الخضراء في سرية تامة

 
 
يحكيها الوزير عصمان والسفير السنوسي والصحفي معنينو والمخرج أقصايب.. كيف خطط الحسن الثاني للمسيرة الخضراء في سرية تامة

تكتسي ذكرى المسيرة الخضراء، هذه السنة، دلالات خاصة بالنظر إلى ما يحيط بها من رهانات وطنية، وتفاعلات إقليمية ودولية صاخبة، الأمر الذي يجعل استعادة الحدث لا تتم فقط في إطار التجاوب مع حنين نوستالجي لملحمة شكلت تعبيرا عن تعاقد جديد بين الدولة والمجتمع، ولكنها تتم باعتبار الحاجة الملموسة إلى تجدد روح المسيرة لمواجهة التحديات التي يواجهها مغرب اليوم. مثلما تتم باعتبار الحاجة إلى استلهام تلك الروح في تدبير الأوراش الكبرى التي يدشنها المغاربة هنا والآن. من دلالات الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء حلولها بعد مرور أشهر على الخطاب الملكي الذي صارت مرجعيته تشكل كناش التحملات الفاصل بين الوطنية والخيانة. ومن الدلالات كذلك حلولها عقب موقف السويد من وحدتنا الترابية. هذا الموقف الذي اختبر قدرة المغاربة دولة ومجتمعا على مدى يقظتهم في مواجهة تعقدات الملف. وبخصوص هذا الموقف فالأمر لم يكن مفاجئا بالنسبة إلينا لأن المغرب تعود أن يواجه الخصوم من كل القارات، مثلما تعود أن يقف من حين لآخر على تعثرات دبلوماسيتنا الخارجية، لكن المهم في تفاعلات الموقف من استوكهولم انتباه الدولة إلى أهمية الدبلوماسية الحزبية، واليسارية على الخصوص في تشكيل جبهة موازية جديدة تقدم على مبدأ الشراكة بين الحكومة والمعارضة في تدبير ملف وطني لا يعني فصيلا دون غيره، ولكنه الوطن بكامل روافده ومكوناته. ومعنى ذلك أن المقاربة الملكية لتفاعلات الملف الوطني تعتمد بالفعل شكلا جديدا لتدبير الملفات الوطنية المتأزمة، ومعناها كذلك الحاجة إلى اليسار كفاعل جديد في المعادلة الوطنية. الدلالة الثالثة المصاحبة لذكرى المسيرة الخضراء حلولها بعد أربع سنوات على ما يسمى « الربيع العربي» الذي طالت هزاته العديد من البلدان العربية ، بما فيها المغرب الذي تجاوب معها بسلاسة أثمرت دستورا جديدا اعتبر قفزة موفقة في مسار البناء السياسي الوطني. بعد مضي أربع سنوت تأكد للمغاربة أن لا خيار لهم لمواجهة كل حالات الطوارئ سوى التمسك بتعميق خيارهم الديمقراطي عبر مواصلة مقاومة كل أشكال الهشاشة النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تهدد مآلنا المستقبلي. إن هذه الدلالات المتضافرة الغايات والمتقاطعة السياقات لتطرح علينا ضرورة مباشرة قراءة جديدة لحدث المسيرة الخضراء، لا فقط لأنها كانت إبداعا تنظيميا ولوجيستيكيا مغربيا خالصا. ولكن كذلك لأنها صارت مع الأيام عنوانا للهوية المغربية الساعية إلى تأسيس استقلالها الوطني وسط سيل من الهويات المتقاتلة على الصعيد الإقليمي والدولي. من هذا المنطلق نجدد التأكيد على أن خطاب الملك (6 نونبر 2014) وانفتاح الدولة على اليسار في معالجة الملف وسياقات ما بعد «الربيع العربي» تفرض على المغاربة استحضار المسيرة الخضراء باعتبارها «أول ارتعاشة قومية نعيشها بعد الاستقلال». وتفرض عليهم بالمقابل تدشين الارتعاشة القومية الثانية من أجل استكمال بنائهم الديمقراطي وتحرير بلدنا من أتون الفقر والحيف، واستكمال وحدتنا الترابية. وفي تقديرنا فالارتعاشة الجديدة المنشودة لها مدخلان أساسيان: ـ الأول: وجوب تطهير السياسة وممارستها من الدجل، ومن كل أشكال الفساد الأخلاقي والسياسي الذي يباشره «الشناقة» الجدد. إن المغرب الجديد في حاجة إلى ممارسة سياسية جديدة تعيد الثقة للمواطنين بجدوى السياسة، وتنتصر على حالة الفصام التي يعرفها المشهد السياسي الحالي الذي يفكر فيه السياسيون في التدابير الوقتية أكثر من التدابير الاستراتيجية، وفي التهريج وفي الكراسي والامتيازات أكثر من المبادئ ومصالح المواطنين. - أما المدخل الثاني فيتم من خلال انخراط المجتمع المدني بكل مكوناته الحزبية والحقوقية والتربوية والثقافية والفنية في استحضار روح المسيرة لفائدة تعبئة جديدة، على اعتبار أن المسيرة لم تكن شأن الملك الراحل الحسن الثاني، ولم تكن رهان مغرب 1975، ولكنها كانت شأن المغاربة أجمعين. وتمثلها الراهن يفرض علينا أن نعيد إحياء تلك الروح الإجماعية التي شكلت إسمنت الحدث، وأن نجسد عملية الإحياء هاته في العمل وفق كناش تحملات جديد يضع في عين الاعتبار تآمرات خصوم وحدتنا الترابية، وخصوم تقدم المغرب ونهوضه. «الوطن الآن» تنخرط في هذا الجهد بإعداد هذا الملف المعزز بوثائق ومعطيات وجهد إعلامي اشتغلنا عليه سابقا للتأكيد أن حدث المسيرة الخضراء لم تكن في زمن ميت، أو مقطوع الصلات، ولكنه مستمر إليه براهنية حادة تؤمن بأن المغرب الذي أبدع المسيرة الخضراء سنة 1975 بإمكانه أن يواصل هذه المسيرة، ويبدع مسيرات كبرى جديدة للانتصار على تحديات المستقبل.

تفاصيل أخرى أوفى تجدونها في عدد أسبوعية "الوطن الآن" المتواجد حاليا في الأكشاك