الثلاثاء 7 مايو 2024
سياسة

محمد دعيدعة : الأزمة بين بنكيران وأخنوش مجرد زوبعة في فنجان

محمد دعيدعة : الأزمة بين بنكيران وأخنوش مجرد زوبعة في فنجان

اندلعت أزمة حادة بين وزير الفلاحة عزيز أخنوش ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على خلفية ما تداولته وسائل الإعلام بخصوص " غضبة بنكيران عليه " بعد أن وجد نفسه غير آمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، أذ خرج أخنوش ببلاغ صحفي لايخفي استيائه من تصريحات بنكيران، مؤكدا أن تنمية العالم القروي والصندوق المخصص له كانت أولوية لدى أطراف عليا في الدولة، مشيرا أن رئيس الحكومة أعطى موافقته على مشروع قانون المالية ." أنفاس بريس " ومن اجل تقريب القارئ من خلفيات السجال الدائر، استضافت المستشار بالغرفة الثانية محمد دعيدعة وأجرت معه الحوار التالي :

اندلعت أزمة بين وزير الفلاحة عزيز أخنوش ورئيس الحكومة بخصوص من له الأحقية الصرف في صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، في نظرك ماهي أسباب هذه الأزمة علما أن الصندوق ظل دائما موجودا، وماهو رهان هذا الصندوق ؟

الصندوق كان موجودا وليس وليد اليوم، وأعتقد أن هذه الأزمة مفتعلة من طرف جهات ترغب في أن تصطاد في الماء العكر ، فكما هو معلوم فمشروع قانون المالية يتطلب الخضوع لمساطر ويخضع لعدة طرق بما فيه المشاورات والتشكيل الخ ،والصندوق اليوم سيصبح عنده دور جديد بناءا على برنامج تنموي اقترحه جلالة الملك فيما يخص مجموعة من المناطق أو الأحياء أو الدواوير التي تعاني من الهشاشة أو التهميش، وفي إطار توجيهات جلالة الملك سيتم وضع برنامج لتقليص الفوارق الترابية والإجتماعية بالعالم القروي ابتداءا من عام 2016، حيث يهدف هذا البرنامج الى إعادة المقاربة والنظر في المقاربة المتعلقة بالتنمية المجالية والإجتماعية من أجل التخفيف من حدة التفاوتات السوسيواقتصادية بين الطبقات الإجتماعية وبين المناطق، وفي هذا الإطار هناك خطة عمل مندمجة تخص البنى التحتية والتجهيزات الإجتماعية الأساسية من طرق ومسالك قروية، نقط الماء، الصحة، التربية والأنشطة المذرة للدخل والشغل، مكافحة الهشاشة والتنشيط السوسيوثقافي والرياضي، وقد رصد لهذا البرنامج مبلغ إجمالي يفوق 55 مليار درهم ، وقد ارتأت الحكومة تخصيص 50 مليار درهم للبنيات التحتية والتجهيزات الإجتماعية. للإشارة فالسيد رئيس الحكومة كان هو الآمر بالصرف في هذا الصندوق سابقا، والآن هناك اقتراح تعيين الوزير المكلف بالفلاحة آمرا بالصرف مكان رئيس الحكومة، كذلك تحمل هذا الحساب فقط للنفقات المتعلقة بالقضاء على التفاوتات المجالية والإجتماعية بالعالم القروي، وللتوضيح فهناك عدة متدخلين في العالم القروي وهو ما يتسبب في تأخير البرامج، ففي العالم القروي الآن تتدخل وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة ووزارة التجهيز، إعداد التراب الخ، وما ينبغي أن نفهمه اليوم هو ان الحكومة لم يتبقى من عمرها سوى سنة واحدة بمعنى أنه في نهاية 2016 يمكن أن لايبقى السيد وزير الفلاحة ولا السيد رئيس الحكومة في منصبيهما، علما أنه في هذه السنة فقط سيخصص لهذا الصندوق مبلغ 7 مليار درهم ، في حين سيتم توزيع 50 مليار درهم على سنوات متعددة، علما أن البرنامج سيكون خلال المدة الفاصلة من 2016 الى 2022 ، وبالتالي ففي الست سنوات المقبلة لا أحد سيعلم من سيكون رئيس الحكومة ومن سيكون وزير الفلاحة، مما يعني أن هذه الأزمة مفتعلة للأسف خلقت اليوم نوع من التشويش والقلق، وكمل سبق لوزير الفلاحة التصريح بذلك فلايمكن الإشتغال في ظل غياب الثقة، فالثقة أساسية في أي عمل وداخل أي مؤسسة من المؤسسات، وفي اعتقادي فمن المنطقي اليوم ومن اجل تسهيل إنجاز هذا البرنامج ومن أجل ضمان السرعة في التنفيذ فمن المحبذ أن يكون هناك مخاطب وحيد، ومن المنطقي ومن المعقول ان القطاع الذي له علاقة قرب بالعالم القروي هو وزارة الفلاحة، وبالتالي فمن الأجدى أن يكون وزير الفلاحة هو الآمر بالصرف في هذا الصندوق .

من أجل تقريب القارئ من هذا الصندوق، هل تم إحداثه بمقتضى قانون أم بمرسوم، وهل بإمكان بنكيران تغيير الوضع ؟

بنكيران بإمكانه تغيير الوضعية من خلال الأغلبية، لأن هذه الحسابات الخصوصية يتم تعديلها وتغييرها بمقتضى قوانين المالية، فهي تحدث بمقتضى قوانين المالية ويتم حذفها أيضا بمقتضى قوانين المالية، وبالتالي سيتم تغييره بمقتضى قانون المالية 2016 ، بطبيعة الحال سي بنكيران يمتلك أغلبية داخل مجلس النواب ومجلس النواب هو الذي يرجع إليه التصويت النهائي فيما يخص جميع القوانين، وبإمكان أغلبية بنكيران أن تصوت لصالح هذا التعديل أو ان ترفض هذا التعديل، ولهذا قلت إن الأزمة مفتعلة، لابد من الإشارة الى ان مشاريع قوانين المالية تخضع لمسطرة، هذه المسطرة فيها الميزانية التوقعية والإجراءات والتدابير التي ستتخذ بمختلف المقتضيات التي تهم نفقات ومداخيل الدولة، ستكون هناك رسالة توجيهية من رئيس الحكومة بناءا عليها يتم إعداد هذه الميزانية من طرف وزارة الإقتصاد والمالية، خاصة مديرية الميزانية، ثم تقوم بعد ذلك مديرية الميزانية باستشارات مع جميع الوزارات المعنية بالأمر واذا تطلب الأمر تدخل وتحكيم رئيس الحكومة، وبالتالي فهذا المقتضى تم التشاور فيه بين وزارة الإقتصاد والمالية ووزارة الفلاحة والسيد رئيس الحكومة وكانت موافقة السيد رئيس الحكومة .

لكن هناك من يرى أنه أيا كان الآمر بالصرف، ففي نهاية المطاف سيكون المستفيد الأكبر هم الفلاحون الكبار ، أليس كذلك ؟

صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية لايتعلق بالفلاحين بل يتعلم بالعالم القروي وبتهيئة المجال القروي سواء تعلق الأمر بالطرق أو المسالك القروية أو ما يتعلق بالماء والصحة أو التربية، بمعنى بناء المستوصفات، المدارس وكذلك الأنشطة السوسيوثقافية والأنشطة المذرة للدخل وهو لايهم الفلاحين الكبار بل يهم الفئات الهشة والفقيرة بالعالم القروي.

طيب..وماهو السيناريو الذي تتوقعونه أثناء عرض مشروع القانون المالي على البرلمان، هل ستتفكك الأغلبية أم سيتم التصويت لصالح بنكيران في مواجهة أخنوش ؟

الأغلبية لن تتفكك ولن يكون أي تصويت ضد  المادة 30 من مشروع قانون المالية 2016 ،

هذه المادة التي تتعلق بتغيير مجموعة من الحسابات الخصوصية وليس فقط الحساب المتعلق بتنمية العالم القروي، فهناك الصندوق الخاص بحصيلة الضرائب المرصدة للجهات، صندوق النهوض بالسمعي البصري وبالإعلانات والنشر العمومي ، التغيير سيشمل أيضا صندوق تضامن مؤسسات التأمين كذلك صندوق دعم التماسك الإجتماعي، الحساب الخاص بمنح دول مجلس التعاون الخليجي، الصندوق الخاص بالفرق، صندوق تحديد الملك العام البحري والمينائي، صندوق تنمية الصيد البحري، الصندوق الوطني لحماية وتحسين البيئة، الصندوق الوطني للعمل الثقافي، يعني التغيير سيشمل كل هذه الحسابات، فلماذا انتقاء فقط الحساب المتعلقة بتنمية العالم القروي، علما أن  هذا المشروع تمت المصادقة عليه في المجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك كما تمت المصادقة عليه في المجلس الحكومي وقد عرض اليوم لمسطرة المصادقة والنقاش داخل البرلمان وبالتالي سيتم التصويت لفائدة هذه المادة، وأعتقد أن الضجة المثارة ليست سوى جعجعة من طحين وزوبعة في فنجان ليس إلا .