الأحد 5 مايو 2024
سياسة

أنس بن الدرقاوي: تربينا في الشبيبة الاتحادية على مناقشة اختلافاتنا الداخلية، ويجب على الجميع تحمل المسؤولية في أي إساءة لمنظمتنا

أنس بن الدرقاوي: تربينا في الشبيبة الاتحادية على مناقشة اختلافاتنا الداخلية، ويجب على الجميع تحمل المسؤولية في أي إساءة لمنظمتنا

ما زال بيان الشبيبة الاتحادية، الصادر عقب اجتماع مكتبها الوطني في 11 أكتوبر الأخير مع المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، يثير ردود أفعال متباينة، لما تضمنه من رسائل مشفرة، خاصة بعد دخول الكاتب العام السابق عبد الرحمان اليوسفي على الخط في تنظيم وإحياء الذكرى الخمسين للشهيد  المهدي بنبركة.

"أنفاس بريس" اتصلت بأنس بن الدرقاوي، عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية وباحث في سلك الدكتوراه بجامعة الحسن الأول بسطات، وأجرت معه الحوار التالي :

+ هل البيان الأخير للشبيبة الاتحادية كان من توقيعها هي، أم كان صادرا عن قيادة الحزب، ووقعته بالنيابة عنه عن طريق الوكالة؟

- من أجل أن نكون أكثر موضوعية، لا بد من التركيز على نقطتين أساسيتين.. فتاريخيا الشبيبة الاتحادية، وفي جميع المحطات السياسية التي عرفها المغرب، وباعتبارها منظمة شبابية سياسية، اشتراكية ديمقراطية وتقدمية، تؤمن بقيم الحرية، الحوار، الاختلاف... وناضلت، ومازالت تناضل، من أجل الكرامة، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، تكريس حقوق الإنسان، حقوق المرأة وتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية بالمغرب. لقد كانت دائما سباقة ومبادرة لطرح مجموعة من الأسئلة المجتمعية الحارقة والمساهمة بشكل ايجابي في الإجابة عنها، والدفاع عن فئة الشباب المغربي في مجموعة من القضايا المصيرية، من تعليم، تكوين، تمثيلية، وعيش كريم، مع ربط كل هذه العوامل بتحقيق قيم الديمقراطية ودولة المؤسسات. ومن زاوية أخرى، واستشرافا للمستقبل، فإن الشبيبة الاتحادية كجزء من فئة الشباب المغربي عامة، وأن هذا الأخير بطبيعته يكون دائما تواقا للتغيير وللتقدم بشتى أنواعه وتجلياته، خصوصا وأن الشباب المغربي عبر عن طموحاته وتطلعاته المستقبلية، من خلال الحراك السياسي والاجتماعي الذي عرفه المغرب سنة 2011، خاصة مع تواجد ظاهرة عزوف الشباب المغربي عن العمل الحزبي والانتخابي والتي أصبحت متجاوزة للمد العربي، بل أصبحت ظاهرة كونية تعاني منها حتى بلدان الديمقراطيات العريقة كفرنسا، أنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك راجع لعدة أسباب منها الموضوعي والذاتي.. إلا أن الشباب المغربي، وبطريقة راقية، عبر أنه يفهم جيدا ما يقع في بلده، خصوصا وأن اغلب مطالب الشباب المغربي، كانت ذات طابع دستوري وسياسي واجتماعي. وعلى الرغم من أن الدستور الجديد كان متقدما في مجموعة من القضايا كربط المسؤولية بالمحاسبة، فصل السلط، تكريس دور الأحزاب السياسية في التأطير والتمثيلية وكذا التنصيص على المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي كإطار للنقاش والاقتراح، وكلها محفزات للشباب المغربي لممارسة العمل السياسي والحزبي، إلا انه مع الأسف ما زال الشباب المغربي عازفا بشكل أكبر عن هذا المجال، وذلك راجع لعدم تحمل الحكومة لمسؤوليتها السياسية وتغليط الشباب المغربي بمحاربة الريع والفساد.. لكن الواقع لا يزال على حاله، القمع اليومي للاحتجاجات الشبابية وللمعطلين والطلبة في الجامعات، عدم إيجاد الحلول لظاهرة البطالة، إضافة لما تعانيه منظومة التربية والتكوين من عدة اختلالات... وبشكل عام التراجعات الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية والثقافية أفقدت الشباب المغربي الثقة في العمل الحزبي والسياسي.

إذن لكل هذه الاعتبارات، والتي تميزت بالردة السياسية والديمقراطية، فبيان الشبيبة الاتحادية نابع من تشخيص موضوعي وجد معمق للوضع السياسي، الاقتصادي والاجتماعي الذي يعرفه المغرب. وبالتالي فإن بيان الشبيبة الاتحادية، وهذه الأخيرة لا تحتاج لأي ضوء أخضر من أجل التعبير عن طموحاتها وأهدافها، علما أن مطالبها كانت دائما أكبر من أجل مغرب المستقبل.

+ قام بعض أعضاء مكتب الشبيبة الاتحادية بالاحتجاج على البيان، واعتبروا أن قيادة الحزب كانت وراءه، كما صرحت بذلك عضو المكتب الوطني ليلى بديلي، والتي أضافت بأنها تعرضت للتهديد إذا لم تلتزم الصمت.. فما هو رأيك؟

- إن المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية تمت مناقشته داخل اجتماع المكتب الوطني للمنظمة، ولقد كان هناك اجتماع أيضا بين المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية مع المكتب السياسي للحزب، وذلك على إثر اللقاءات التي عقدتها قيادة الحزب مع كل من كتاب جهات وأقاليم الحزب، المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، وملتقى الرؤساء الاتحاديين للجماعات المحلية ومجالس الأقاليم والجهات، والتي كان الهدف منها هو تشخيص الوضع الحالي كل من موقعه بعد نهاية المسلسل الانتخابي، في انتظار عقد اجتماع الجهاز التقريري للحزب من أجل القيام بعملية التقييم وأيضا النظر في الخطوات المستقبلية. علما أن اجتماع المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية ناقش مجموعة من القضايا الأخرى كالترتيب للتحضير لذكرى عريس الشهداء المهدي بن بركة، ومجموعة من النقط الداخلية المتعلقة بمستقبل المنظمة.

الشبيبة الاتحادية أكبر من الأشخاص، والمهم اليوم هو التوجه نحو المستقبل، فهناك أسئلة حارقة مطروحة عليها وتنتظر منا إجابات واقعية، وكذا التركيز على برنامج المنظمة في كافة المستويات التكوينية التأطيرية والتنظيمية والإشعاعية، وكذا إعادة توهجها وبريقها السياسي والنضالي وتغلغلها داخل أوساط الشباب المغربي، وخاصة بالتواجد الميداني واليومي مع الشباب، وداخل جمعيات المجتمع المدني والجامعة المغربية.

تربينا في مدرسة الشبيبة الاتحادية والاتحاد الاشتراكي على مناقشة اختلافاتنا الداخلية داخل مقراتنا الحزبية المحلية والوطنية، وكنا دائما مدرسة في تدبير الاختلاف بعيدا عن الشخصنة والخلافات الشخصية، ولكن في نفس الوقت يجب على الجميع أن يتحمل المسؤولية في أي إساءة لصورة المنظمة.

+ بعض القراءات ترى بأن البيان هو رد فعل من القيادة الحالية للحزب التي تعتبر أن أزمة الحزب تبقى شأنا داخليا لا يسمح لأي طرف التدخل فيه أو يعطي دروسا للحزب، في إشارة إلى حضور عبد الرحمان اليوسفي خلال الاستقبال الملكي للرئيس الفرنسي هولاند مؤخرا، وتعزز هذا الحضور بأخذ اليوسفي المبادرة بتنظيم فعاليات ذكرى الشهيد بنبركة والوفاء للشهداء وسحب البساط من القيادة الحالية لحزب الوردة.  ما هو تعليقك؟

- أولا يمكن القول إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو الحزب العربي الوحيد التي تعتبر كل نقاشاته الداخلية مفتوحة للجميع، من صحافة بكل أنواعها وأيضا مختلف مكونات الطبقات المجتمعية، والرأي العام الوطني يعرف ويتابع كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة عن الاتحاد. ونحن في الشبيبة الاتحادية نعتبر هذه المسألة إيجابية ونقطة قوة، لأنه حزب كل المغاربة، وكان كل أملهم، وأنه صيرورة لنضالات رجالات الحركة الوطنية من مرحلة الكفاح من أجل استقلال الوطن إلى النضال من أجل تحقيق الديمقراطية ودولة المؤسسات ثم تدبير الشأن العام بكل روح وطنية وإنقاذ البلاد مما سمي آنذاك بالسكتة القلبية. لكن بالمقابل هناك بعض الأحزاب التي تعرف انحرافات رديئة واختلالات تمس جوهر العمل السياسي، لكن لا أحد يتكلم عنها أو يناقشها.. فهناك من غير الأمين للحزب بين ليلة وضحاها دون أي احتكام للديمقراطية، وهناك من اعتبر كل المؤتمرين قيادة حزبية خوفا من ممارسة الديمقراطية، وهناك من جمد عضوية قيادييه... لكن لا أحد يتكلم على هذه الانزلاقات التي تضرب في عمق العمل السياسي النبيل وفي أسس الديمقراطية.

المجاهد عبد الرحمان اليوسفي شخصية وطنية ودولية تحظى باحترام جميع مكونات الطبقة السياسية المغربية والدولية، لما بذله من نضالات وتضحيات جسام، سواء من خلال الكفاح من أجل استقلال المغرب ثم النضال من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة وبناء دولة المؤسسات وحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أو من خلال موقعه كوزير أول قاد حكومة التناوب التي فتحت مجموعة من الأوراش الكبرى في مختلف المجالات، وأيضا ما بذله من جهد من  أجل الدفاع عن القضية الوطنية وسحب مجموعة من الدول اعترافاتها بالجمهورية الوهمية، إضافة لعلاقاته القوية مع مختلف مكونات اليسار بالعالم.. إنه رجل دولة بامتياز، وبالتالي فلقاؤه مع فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية، على هامش الاستقبال الملكي، أعتبره عاديا، نظرا لمكانته الكبيرة لدى جميع مكونات اليسار بالعالم.

المهدي بن بركة شهيد الوطن كله، ورمز من رموزه، ومن حق الجميع الوفاء لذكراه والمساهمة في البحث عن حقيقة مآل الشهيد.

الحزب سيخلد هذه الذكرى هذه السنة بمدينة الرباط، والشبيبة الاتحادية تناقش مسألة تنظيم ملتقى تكويني لأطرها بالموازاة مع ذالك، من أجل ربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل، وأيضا كانت هناك اجتماعات بين الشبيبة الاتحادية وقيادة الحزب من أجل إنجاح ذكرى المهدي بن بركة.

+ أليس البيان هروبا إلى الأمام عندما يتكلم عن جهات تتحكم في ملف الصحراء دون أن يسميها  ويتحدث عن تصاعد المد السلطوي والصراع بين قوى الحداثة وقوى المحافظة دون أن يوضح ذلك، والحزب يعيش انتكاسة النتائج الهزيلة التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة والانشقاق بعد تأسيس البديل الديمقراطي.. وقد عبر البيان عن ذلك صراحة عندما دعا إلى التشخيص الموضوعي لأزمة الحزب بعيدا عن الشخصنة؟

- بالنسبة لقضية الصحراء المغربية، فالشبيبة الاتحادية كانت ولا تزال المنظمة الشبابية السياسية الوحيدة التي تواجه دائما شبيبة البوليساريو في جميع المحافل والتظاهرات الدولية من أجل الدفاع عن قضيتنا العادلة. ففقط خلال هذه السنة شارك أعضاء الشبيبة الاتحادية في المهرجان الدولي للشباب الاشتراكي، مؤتمر منظمة الشباب الاشتراكي الأوروبي، المجلس الدولي للشباب الاشتراكي العالمي، اللجنة الإفريقية للشباب الاشتراكي، أنشطة منظمة الشباب الاشتراكي العربي، إضافة لعدة أنشطة دولية أخرى. ولقد لعب أطر الشبيبة الاتحادية دورا كبيرا من أجل تحقيق مزيد من الدعم لقضيتنا الوطنية. كما تمكنت الشبيبة الاتحادية، وبواسطة كفاءة مناضليها وأطرها، ومن خلال نهجها لسياسة تواصلية جد ذكية ومتقدمة، من تصحيح مجموعة من المغالطات عن المغرب فيما يتعلق بالقضية الوطنية وملف حقوق الإنسان لدى بعض الوفود الأجنبية، وخاصة الإسكندينافية وما يدور في فلكها، والتي لديها انطباعات وقناعات ثابتة عدائية للشبيبة الاتحادية وللمغرب فيما يتعلق بالقضية الوطنية، حيث أن كل وفود الشبيبة الاتحادية أكدت أن المغرب يسعى لإيجاد حل سياسي واقعي لقضية الصحراء المغربية، وأنه بذل عدة مجهودات وأعطى اقتراحات واقعية لإيجاد حل لهذا النزاع المفتعل، والذي يعيق التنمية في بلدان المغرب العربي وإفريقيا.. وكان أبرز اقتراح هو الحكم الذاتي لأقاليمها الصحراوية، لكن الطرف الآخر ظل متشبثا بموافقة التقليدية، والتي ثبت للعالم استحالة تطبيقها، خصوصا وأن المشكل الفاعل فيه الأساسي هو الجزائر.. كما كشفت الشبيبة الاتحادية التلاعبات والخروقات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية لمخيمات تندوف والتقارير الأوروبية الصادرة مؤخراً في هذا الملف، وكذا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف.. في الوقت الذي بذل فيه المغرب مجهودات كبيرة فيما يتعلق بملف المهاجرين الأفارقة ومنحهم بطاقة الإقامة بالمغرب وكذا توفير ظروف العيش والكرامة لهم. كما قامت الشبيبة الاتحادية بعقد عدة لقاءات ثنائية مع عدة شبيبات اشتراكية دولية. كما يجب أيضا التذكير بالدور الكبير الذي يلعبه الحزب داخل الأممية الاشتراكية والأممية الاشتراكية للنساء من أجل الدفاع عن القضية الوطنية، وكذا المجهودات الكبيرة التي تقوم بها لجنة العلاقات الخارجية للحزب في هذا الملف. إذن لا بد أن نكون دائما أكثر موضوعية في تحليلاتنا.. الشبيبة الاتحادية تضع القضية الوطنية في المرتبة الأولى لانشغالاتها بكل روح وطنية صادقة، لكن في نفس الوقت يجب إشراك جميع مكونات المجتمع المغربي في هذا الملف حتى لا نسقط مرة أخرى في أخطاء الماضي، والتي دائما ما يؤدي ثمنها الشباب. ويحب على الدولة أن تثق في شبابها، فالأمم تتقدم وتزدهر بشبابها، والدول التي لا تثق قي كفاءات شبابها لا مستقبل لها.

فيما يتعلق بعودة التحكم والصراع بين قوى الحداثة والمحافظة، فما معنى أن يصرح مسؤولون حكوميون، وقيادات أحزاب داخل التحالف الحكومي، عن وجود اختلالات وانزلاقات في العملية الانتخابية، و أيضا ما عرفه ما سمي بالمركاتو الانتخابي في تسفيه للفعل السياسي النبيل، مسألة الناخبين الكبار، استعمال الدين الإسلامي والفعل الإحساني من أجل استمالة الناخبين.

الحزب سيقوم بتقييم هذا المسلسل الانتخابي، وكذا النتائج التي حصل عليها بشكل موضوعي انطلاقا من قناعاتنا السياسية، خاصة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو مدرسة في النقد الذاتي والشبيبة الاتحادية هي صمام أمان الحزب الذي راهن البعض على اندثاره إبان الاستحقاقات الأخيرة.