الأحد 5 مايو 2024
سياسة

بعد أن أدوا القسم أمامه: الملك ينزع فتيل العداوة بين الولاة ورؤساء الجهات

بعد أن أدوا القسم أمامه: الملك ينزع فتيل العداوة بين الولاة ورؤساء الجهات

أدى الولاة الاثنا عشر ورؤساء الجهات القسم أمام جلالة الملك محمد السادس، وتمت هذه العملية في وقت متزامن، كما أُخذت للجميع صورة مع جلالة الملك في وقت واحد، ولهذا العمل دلالات رمزية تقتضي تبعات على أرض الواقع، فإذا كان معروفا أن رجل السلطة يؤدي القسم قبل أن ينطلق في عمله فإن رؤساء الجهات لم يكن متوقعا أن يؤدوا القسم.

استقبال جلالة الملك للولاة ورؤساء الجهات في وقت متزامن يفيد أن أعلى سلطة في البلاد تعطي انطلاقة العمل الجاد، أي أن جلالة الملك أراد أن يقول للولاة ورؤساء الجهات ليس لدى المغرب وقت يضيعه في المزايدات السياسية، مثلما جاء في الخطاب الملكي في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، ولكن المغرب في حاجة إلى العمل الجاد والجدي وإلى المثابرة ووضع المشاريع وإنجازها.

ومن دلالات هذا الاستقبال هو الرسالة العميقة التي أراد جلالته أن يوصلها للطرفين، ألا وهي أن العمل في الميدان يحتاج إلى تعاضد جهود كافة الفاعلين والمتدخلين، وكي يخرص الألسنة، التي تعتبر رجل السلطة عدوا للمنتخب، بينما الواقع يفرض أن يؤدي كل واحد دوره في تناغم تام وفي حرص على أداء كل منهما لوظيفته التي خوله إياها القانون، فليس الواحد منهما عدوا للآخر.

رجل السلطة مهمته حماية القانون والحرص على تنفيذه، وذلك وفق مقتضيات القانون وعن طريق السلطة القضائية، ورئيس الجهة سلطة منتخبة يحدد القانون وظائفها وأصبح اليوم يتمتع باختصاصات وافرة ووافية لاختيار المشاريع وتنفيذها، ومن مهام السلطة توفير الإمكانيات لتسهيل عمل الجهات والعمل على نقل الاختصاصات بشكل سلس، ومطلوب من رئيس الجهة أن يكون في مستوى المرحلة التي يعيشها المغرب، الذي اختار الجهوية الموسعة بديلا عن المركزية.

فإذا كان دور السلطة هو حماية المجال فإن المنتخبين أصبح دورهم اليوم تهيئة هذا المجال وإعداده من خلال مشاريع تنموية والنهوض بالمجال الاجتماعي وتوفير الخدمات الأساسية والارتقاء بمستوى البنيات التحتية.

رجل السلطة يؤدي القسم لأنه يتولى منصبا ساميا، ورئيس الجهة يؤدي القسم لأنه آمر بالصرف وتحت تصرفه أموال الجهة وميزانيتها، وتحت عاتقه رعاية مصالح المواطنين. وبين القسمين هناك عمل من أجل الصالح العام يحرص رئيس الجهة على أن يقدمه من خلال المشاريع بينما يتولى ممثل السلطة حماية القانون في حالة أي زيغان، ولولا احتمال خطأ الناس وارتكابهم للجرائم والجنح ما كانت هناك ضرورة للقانون.

أقسم رئيس الجهة حتى يتم إشعاره بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه، وحتى يكون حذرا في تصرفه تجاه المال العام، الذي هو مال دافعي الضرائب وينبغي أن يعود إليهم عن طريق الخدمات، وأن أي تصرف خارج نطاق ما يسمح به القانون مهما كان حجمه ستتبعه محاسبة شديدة.

جلالة الملك يجوب المغرب طولا وعرضا تدشينا للمشاريع واليوم يعطي الانطلاقة الجديدة لمغرب جديد مغرب جهات هي رمز التوزيع العادل للثروة.

(افتتاحية "النهار المغربية" ليوم 19 أكتوبر 2015 – العنوان من اختيار هيأة التحرير)