Thursday 31 July 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: ترامب ورسائل الخطاب الملكي الجديد.. أيّ علاقة؟

محمد عزيز الوكيلي: ترامب ورسائل الخطاب الملكي الجديد.. أيّ علاقة؟ محمد عزيز الوكيلي
الخطاب الملكي، بمناسبة عيد العرش، حمل كالعادة رسائل وازنة على مختلف الأصعدة والمستويات.
 
* خاطَب السياسيين والاقتصاديين فوضع خارطة طريق متجددة لما يمكن وصفه بالترسيخ الميداني، والعملي، لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، القائمة على "المنظور الاجتماعي والإنساني للاقتصاد"؛
 
* خاطَب المجتمع المدني الفاعل لرفع مستوى الانخراط في الجهد التنموي، بالاستناد إلى خصوصيات الذات المغربية، التي تتوق دائماً وأبداً إلى الأفضل والأجوَد؛
 
* خاطب المقاولات المتوسطة، والصغرى بشكل خاص، بوصفها رافعة ودعامة للتنمية المستدامة، وفاعلة وازنة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني في صيغته الحداثية الصاعدة، مخرجاً إياها بذلك من أدوار الكومبارس، التي كانت تضطلع بها صاغرةً، إلى دور لا يقل عن البطولة الثانية، جنباً لجنب مع كبريات المقاولات والمؤسسات المستأثرة، سابقاً، بالدور الرئيسي في تطوير الاقتصاد الوطني، وتبويئه مكانته المستحَقة في محيطه الإقليمي والجهوي والقاري والعالمي؛
 
* خاطب المؤسسات المعنية بالأمن الغِذائي والمائي، والتي أصبحت، بالضرورة والوجوب معاً، مطالَبةً بتوخّي مناهج ومخططات وبرامج تقطع مع الاتّكالية، التي كانت تطبع علاقتنا بالماء والخصوبة والعطاء الزراعي، من خلال الانتقال إلى المبادرة، وإلى اعتماد صِيَغ مبتكرة، ممكنة وليست مستحيلة، لضمان تلبية رشيدة ومعقلنة للماء الشروب ولمياه السقي، علما بأن الوسيلة إلى تحقيق هذا المطلب صارت أكثر تعدُّداً وتنوعاً مع تطور تكنولوجيا الاستسقاء، وآليات رصد واستخراج الخيرات المائية الباطنية، التي تزخر بها البلاد، والتي لم يتم استغلالها بَعد بالوتيرة المطلوبة؛
 
* خاطب الطاقات الفاعلة في مختلف مستويات الأداء الرسمي والمؤسساتي والجماهيري، فأشّر على وجوب القطع مع الانتظارية، والمرور رأسا إلى الأداء الممنهَج، والمعتمد لآليات المبادرة والتوقع والاستباق، ما دامت وسائل العصر تتيح فرصاً واسعةً لربط الحاضر بالمستقبل، من خلال خرائط زمانية ومكانية من شأنها أن تيسّر جدولة المشاريع والبرامج في كل مجالات الحياة العامة بلا استثناء...
 
* ثم خاطب الجيران المختبئون منذ نصف قرن ويزيد، خلف جدارٍ مهترئٍ مِن مُخلفات الحرب الباردة، غير المأسوف على انطفاء شعلتها، ليدعوهم من جديد وكما جرت به العادة، بلا كلل أو ملل، وبلا يأس من الاستجابة التي تبقى رغم كل المحبطات منتظَرة، وإن كانت غيرَ متوقَّعة لسوء نواياهم، المتجلية في شطحات وبهلوانيات رئيسهم الجاثم على صدورهم، والذي ما زال إلى اليوم يرطن بنفس العبارات الملتوية والملتبسة، وهو يحاول جاهداً، ودون أدنى أمل في إصابة أهدافه المتردّية، أن يحفر شُقَّةً بين النظام والشعب المغربيين، بالتغني بحبه للشعب المغربي، وهو حب كاذب بكل المقاييس، دون نظامه المتجذّر في وجوده ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، وهو ما يجعل من ذلك من الجار نظاماً مارقاً بكل اللغات، وبكل معايير العالم، القانونية، والأخلاقية، والإنسانية!!
 
ونأتي الآن إلى علاقة العنوان أعلاه بهذه المحدِّدات، التي زخر بها خطاب العرش لهذه السنة، لنجد نوعاً من التَّلاقي بين كل ما سلف قوله من جهة، وبين الدور الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية لمغرب حليفٍ، قويٍّ وموثوقٍ به، يُشكّل فعلاً أقوى جسر رابطٍ بين إفريقيا من جهة، وأوروبا وآسيا وأمريكا من الجهة المقابلة... 
 
ولعل هذا له أيضا علاقة بالزيارة التي قام بها السيد مسعد بولس، مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، لكل من بلدان المغرب الكبير، في محاولة لترسيخ ذلك الدور المغربي الإفريقي، المتوسطي والعالمي سالف الإشارة، وتأمين هذه المهمة، التاريخية والإنسانية، ضدّ المخاطر والتهديدات المحيقة بها من جهة الجار الجزائري، الذي لا يُستبعد أن تكون الدعوة الملكية إلى طرق مختلف سبل إنهاء النزاع  المفتعل من لدنه حول صحرائنا، المضمنة في هذا الخطاب، من قبيل الدعم الإضافي، والكريم منتهى الكرَم، للدور الذي يضطلع به الرئيس ترامب راهناً لإنهاء النزاع ذاته، معتمدا بالأساس على خبرة المغاربة، ملكاً ومؤسساتٍ وشعباً، في الاضطلاع بالأدوار الكبرى، في اللحظات الكبرى والفارقة من التاريخ... تاريخ المنطقة المغاربية، وإفريقيا، والجوار المتوسطي، وتاريخ العلاقات المغربية بباقي أقطار المعمور...
هل سيستجيب ذلك الجار المعربِد، والمُتبلّد والمُتغابي، للدعوة الملكية هذه الكَرّة؟.. 
لا أعتقد ذلك، في المستقبل المنظور على الأقل!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار اربوي متقاعد.