Thursday 19 June 2025
كتاب الرأي

المصطفى بوكرين: حرب إسرائيل وإيران.. سيناريوهات المستقبل

المصطفى بوكرين: حرب إسرائيل وإيران.. سيناريوهات المستقبل المصطفى بوكرين
1‬- شكلت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬منعطفا‭ ‬خطيرا‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتحولا‭ ‬عميقا‭ ‬في‭ ‬الدينامية‭ ‬الجيو‭ ‬سياسية‭ ‬الدولية‭ ‬لوجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬لتوسع‭ ‬رقعة‭ ‬الحرب‭ ‬وتهديدها‭ ‬لاستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬المكلومة‭ ‬اصلا‭. ‬واحتمال‭ ‬استمرار‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬لأسابيع‭ ‬بل‭ ‬وشهور‭  ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتدخل‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬في‭ ‬دينامية‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬لإنهاء‭ ‬الأزمة‭. ‬وقد‭ ‬يتفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬دخول‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬قوية‭ ‬مساندة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬واخرى‭ ‬مساندة‭ ‬لإيران‭ ‬مثل‭ ‬باكستان‭ ‬والصين‭ ‬وبالتالي‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهة‭ ‬إقليمية‭ ‬شاملة‭ ‬تتجاوز‭ ‬تداعياتها‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭.  ‬

فالمواجهة‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بهجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مباغث‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬والمنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الايرانية‭ ‬واستهداف‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬النوويين‭ ‬والقادة‭ ‬العسكريين،‭ ‬قوبل‭ ‬برد‭ ‬قوي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النظام‭ ‬الايراني،‭ ‬الأول‭ ‬استهدف‭ ‬عمق‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وأصاب‭ ‬مقر‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وبعض‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الرد‭ ‬توسع‭ ‬ليصيب‭ ‬بعض‭ ‬المدن‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬حيفا‭ ‬و‭ ‬هناك‭ ‬احتمال‭ ‬تصعيد‭ ‬درجة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬دخول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمساندة‭ ‬اسرائيل‭ ‬بصفة‭ ‬مباشرة‭ ‬مما‭ ‬سيجعل‭ ‬قواعدها‭ ‬العسكرية‭ ‬بالمنطقة‭ ‬اكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للاستهداف‭ ‬الايراني‭ ‬اما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬جدية‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬لاحتمال‭ ‬إصابة‭ ‬بعض‭ ‬المنشآت‭ ‬النفطية‭ ‬وتضررها‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬او‭ ‬بفعل‭ ‬لجوء‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬غلق‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬نظرا‭ ‬لدوره‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬الحركية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يحرم‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬امدادات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬وبالتالي‭ ‬انفجار‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬عالمية‭ ‬تكون‭ ‬تداعياتها‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المستوردة.
‭ ‬
2‬- سياق‭ ‬الحرب‭ ‬المفاجئة‭ ‬تتجاوز‭ ‬وضعية‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتوازن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬وضعية‭ ‬اللاستقرار‭ ‬والفوضى‭ ‬وجر‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬غير‭ ‬محسوبة‭ ‬النتائج‭ ‬وامتداد‭ ‬تداعياتها‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬جغرافية‭ ‬اخرى‭ ‬مثل‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬بحكم‭ ‬العلاقات‭ ‬والتحالفات‭ ‬الأمنية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬دول‭ ‬المنطقتين‭.‬

والمغرب‭ ‬باعتباره‭ ‬فاعلا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وبحكم‭ ‬موقعه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وبحكم‭ ‬تنويع‭ ‬شركاءه‭ ‬فإنه‭ ‬يعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭  ‬فكل‭ ‬تأثير‭ ‬لهذه‭ ‬المواد‭ ‬على‭ ‬الاسواق‭ ‬العالمية‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاس‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬وعلى‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.  ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاس‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬وتفاعلها‭ ‬مع‭ ‬الحدث‭ ‬وفق‭ ‬منطق‭ ‬براغماتي‭ ‬يخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمملكة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاصطفاف‭ ‬غير‭ ‬المباشر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المحور‭ ‬المضاد‭ ‬لإيران،‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬يفرضه‭ ‬منطق‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للدول،‭ ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬احتمالية‭ ‬حفاظ‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬الخارجي‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬علاقته‭ ‬بإسرائيل‭ ‬والتي‭ ‬تمليها‭ ‬التزاماته‭ ‬التعاقدية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والامنية،‭ ‬بخلاف‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬المغربي‭ ‬المنقسم‭ ‬بين‭ ‬تيار‭ ‬مصطف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬ايران‭ ‬بحكم‭ ‬جفاف‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الايرانية‭ ‬ومواقف‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة‭ ‬وولاءها‭ ‬للجزائر‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وبين‭ ‬مصطف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إيران‭ ‬باعتبارها‭ ‬شعلة‭ ‬أمل‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لمقاومة‭ ‬العجرفة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬وما‭ ‬ترتكبه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬وحشية‭ ‬يومية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭. ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الضغط‭ ‬الشعبي‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭  ‬لإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬علاقتها‭ ‬بالكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬

في‭ ‬الاخير‭ ‬اعتقد‭ ‬بأن‭ ‬توسيع‭ ‬رقعة‭ ‬الحرب‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انفجار‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭ ‬و‭‬بالتالي‭ ‬إعادة‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬جديدة‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بفواعل‭ ‬جديدة‭ ‬وتحالفات‭ ‬جديدة‭.‬
 
المصطفى بوكرين/ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن طفيل القنيطرة