صدرت المذكرة 88 (يوليوز 2003) في عهد الوزير السابق للتعليم الحبيب المالكي ، وهي خاصة باستغلال فضاءات المؤسسات التعليمية لفائدة أنشطة الحياة المدرسية، حيث ركزت المذكرة على عدة نقاط تدور كلها حول أهمية استغلال الفضاء المدرسي وتجويده لفائدة التلاميذ ضمن أنشطة الحياة المدرسية، وهو أمر يستحق التقدير لأن التلميذ - ة يظل جوهر العملية التربوية برمتها.
وفي النقطة الرابعة - وهي ما يهمنا في هذه الورقة - ورد حرفيا: "إضفاء الطابع التربوي التعليمي على المنظر العام لفضاءات المؤسسات التعليمية بمنع إدخال السيارات والدراجات أو وضع اعلانات تجارية والعمل على عزل السكنيات على باقي مرافق المؤسسة"
نشير هنا إلى أن المؤسسات التعليمية يتواجد بعضها بالعالم القروي وبعضها بالعالم الحضري. ومنها ما يمتلك فضاءات واسعة، وبعضها لا تتوفر على ذلك، وجلها إن لم نقل كلها، تفتقر لوجود مواقف محروسة أمامها أو قربها، مما يعرض سيارات ودراجات الطاقم التربوي والإداري للإتلاف والتخريب من طرف مجهولين، والحوادث أكثر من أن تحصى!.
وبهذا يصبح هذا الفضاء المدرسي الذي يراهن على حماية الحياة المدرسية وحماية التلميذ وتجويد المشهد التربوي، فضاء لا يساعد الأطر التربوية التي تمتلك سيارات أو دراجات ويضيق عليها الخناق ويجعل ممتلكاتهم عرضة للإتلاف بدون وجود بديل موضوعي وجدي للأمر.
فما هو هذا البديل؟
البديل هو إعداد مواقف خاصة بالسيارات والدراجات بالقرب من المؤسسات التربوية مع توفير حراس لها على حساب الوزارة طبعا!
فهل الوزارة قادرة على ذلك؟ أم أنها تعتبر الفضاء الخارجي للمؤسسة التعليمية خارج اهتماماتها واختصاصها وسلطتها؟
وهل يعقل إثقال كاهل الأطر التربوية ببناء سقيفات وإعداد مواقف لسياراتهم ودراجاتهم من جيوبهم حبا في سواد عيون المذكرة 88؟
وهل حقا وجود سيارات ودراجات داخل المؤسسات التعليمية - خصوصا التي تتوفر على أماكن فارغة - يهدد الحياة المدرسية؟
وما السر في ربط السيارات والدراجات بالاعلانات التجارية في النقطة الرابعة المشار إليها أعلاه؟
فهل الوزارة قادرة على ذلك؟ أم أنها تعتبر الفضاء الخارجي للمؤسسة التعليمية خارج اهتماماتها واختصاصها وسلطتها؟
وهل يعقل إثقال كاهل الأطر التربوية ببناء سقيفات وإعداد مواقف لسياراتهم ودراجاتهم من جيوبهم حبا في سواد عيون المذكرة 88؟
وهل حقا وجود سيارات ودراجات داخل المؤسسات التعليمية - خصوصا التي تتوفر على أماكن فارغة - يهدد الحياة المدرسية؟
وما السر في ربط السيارات والدراجات بالاعلانات التجارية في النقطة الرابعة المشار إليها أعلاه؟
يصبح الأمر مستغربا اذا علمنا أن الوزارة الوصية منذ عقود تعقد شراكات مع شركات وعلامات تجارية وطنية ودولية (نذكر آخر شراكات الوزارة مع إنوي وأورونج وسامسون..) بهدف تطوير المنظومة التربوية خاصة في المجال التكنولوجي (حواسب وتجهيزات مكتبية، هواتف، برمجيات...) إلخ. ويظل الأمر محمودا مادام يراعي المصلحة العامة و المساطر القانونية. فما الفرق بين هذه الشراكات التي تقوم على الإعلانات التجارية ووجود سيارات ودراجات داخل الفضاء المدرسي؟ وهل السيارة أو الدراجة علامة تجارية؟ والحاسوب والهاتف والبرمجيات المستعمل تربويا أليست كذلك؟
وهل بمثل هذه الإجراءات يمكننا تطوير تعليمنا المغربي؟ ولماذا أصبحت هذه النقطة من المذكرة 88 وسيلة ضغط على الأطر التربوية والتضييق عليهم؟ ولماذا يتساهل بعض المديرين في تطبيقها ويتشدد البعض الآخر؟ ولماذا يسمح بعضهم بادخال السيارات والدراجات وحين يأتي المسؤولون لزيارة المؤسسة يتنكر لذلك ويحمل المسؤولية للأطر التربوية؟
وهل بمثل هذه الإجراءات يمكننا تطوير تعليمنا المغربي؟ ولماذا أصبحت هذه النقطة من المذكرة 88 وسيلة ضغط على الأطر التربوية والتضييق عليهم؟ ولماذا يتساهل بعض المديرين في تطبيقها ويتشدد البعض الآخر؟ ولماذا يسمح بعضهم بادخال السيارات والدراجات وحين يأتي المسؤولون لزيارة المؤسسة يتنكر لذلك ويحمل المسؤولية للأطر التربوية؟
إن منع الأطر التربوية من إدخال السيارات والدرجات إلى فضاء المؤسسات التعليمية حق يراد به باطل، فالوزارة لم ترفقه ببديل معقول يضمن للأطر التربوية وغيرها تأمين ممتلكاتها الخاصة، وتحول بفعل ممارسات كيدية إلى وسيلة للتضييق على الأطر التربوية.
إن السيارات والدراجات ليست إعلانات تجارية، لأن هذه الأخيرة لها شروطها الموضوعية. إنها مجرد وسائل للنقل والتنقل يستعملها المدرسون والمدرسات للذهاب إلى العمل في الوقت المناسب، وربما جلهم يتحمل عبأ الاقتراض للحصول عليها.
لقد حان الوقت لإعادة النظر في المذكرة 88 وحذف النقطة الرابعة وترك صلاحية الأمر لمديري ومديرات المؤسسات في إطار مذكرة داخلية تراعي واقع المؤسسة.
الفضاء التربوي ليس مكانا يحتاج للتجميل إنه علاقات إنسانية مبنية على روح القانون وجوهر التربية.
همسة أخيرة: فضاءات مدارسنا العمومية تعاني الكثير من الأعطاب، والصباغة لا تخفي كل عيوبنا.
عبد الجليل لعميري/فاعل تربوي