الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

أمغار: حراك المحامين ومغالطات بعض التغطيات الإعلامية

أمغار: حراك المحامين ومغالطات بعض التغطيات الإعلامية محمد أمغار، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء
على ضوء احتجاج المحامين على مجموعة من الإجراءات والقرارات المتخذة من طرف وزير العدل، بخصوص المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023، أثير نقاش حول مساس هذه الإضرابات ومقاطعة الجلسات بالمبادئ الدستورية التي تعطي الحق للمواطنين في ضمان الدفاع والمحاكمة العادلة، والحق في الحصول على خدمات قانونية من أجل ضمان العدالة لجميع المتقاضين، وخاصة ذوي الدخل المحدود والفئات الهشة والذين لايتوفرون على الامكانيات المادية.

الدكتور محمد أمغار، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، أوضح أن ما تغفله بعض الكتابات الصحفية أو تتجاهله هو أن المحاماة والمحامين وعلى مدار أكثر من 100 سنة عمر رسالة الدفاع  بالمغرب كانو ولازالوا يوفرون للمرأة المسنة، وأمثالها وحتى في احلك فترات العدالة بالمغرب الحق في الدفاع والمساعدة القضائية والمساعدة القانونية، بل والمساعدة المادية بدون مقابل ايمانا منهم بأن ضمان الحق في الدفاع من أعمدة العدالة في الدولة الحديثة.

وتابع الأستاذ أمغار، قائلا: "لذلك فإن المحاماة لما قالت لا لوزير العدل وعبرت عن رفضها لما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2023 إنما قالت ذلك حماية للمواطنين ومرتفقي العدالة بالدرجة الاولى، وحقهم في الاستفادة من خدمات الدفاع، لان رفع مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، وفرض تسبيقات بخصوص الضريبة على الدخل خلافا لفلسفة العدالة الضريبية، المتضرر الأول منها، هو المواطن المتقاضي ذو الدخل المحدود والذي لن يكون بإمكانه أداء أتعاب ومصاريف التقاضي بإمكانيات مادية لاتكفي حتى حاجياته الأساسية، وسيكون ذلك ضرب لحقه الدستوري في الدفاع، وسيكون المحامون بذلك قد تخلوا على الفئات الاجتماعية الهشة والتي سوف تجد نفسها أمام محراب العدالة بدون حقها الدستوري المجسد في الاستفادة من خدمات الدفاع والتي يمكن الاطلاع على مبادئها في الفصول من 117 إلى 128 من الدستور  المغربي.

إن المناداة بامكانية اللجوء الى القضاء من طرف المتقاضي بدون الحاجة إلى محامي هو مطالبة بحرمان المتقاضين من الاستفادة من خدمات المحامين وتركهم يواجهون إجراءات التقاضي بأنفسهم، وهو لاعمري مطالبة بخرق مبادئ الدستور وخرق قواعد وإجراءات قانونية وصلت إليها الإنسانية بعد جهد جهيد، وهو مايعرف في الأدبيات الحقوقية بالمحاكمة العادلة وحقوق الدفاع، إن المناداة باستبعاد المحاماة هو دعوة إلى إخلال الدولة بالتزاماتها الحقوقية كما هي متعارف عليها عالميا،  وهي دعوة لاتستقيم مع ماينبغي أن يكون عليه حامل القلم المغربي الملزم وفق رسالة السلطة الرابعة بتوعية المواطن بحقوقه وواجباته، والوقوف والاصطفاف إلى جانب حق المواطن في الدفاع والولوج المتبصر للعدالة، بعيدا عن كل العراقيل المادية غير المقبولة، لأن القلم الذي سطر هذه المعطيات موضوع هذا الرد يمكن أن يدعو إلى اعتماد المواطن على نفسه من أجل تلقي العلاج دون حاجة إلى طبيب، ويمكن أن يدعو المواطن إلى القيام بأشغال البناء، دون احترام قوانين التعمير ودور المهندس المحوري فيها، لا لشيء إلا لكون الطبيب أو المهندس طالب باحترام المبادئ الدستورية في علاقتها بالمرتفق.

إن القلم الجرئ والنزيه هو الذي يوضح للمتلقي حقيقة الواقعة موضوع الحراك الاجتماعي، لأن الخبر مقدس والتعليق حر، لذلك فإن المحاماة في المغرب وفي أشكالها الاحتجاجية، إنما تسعى إلى تنزيل المبادئ الدستورية حماية لحق الإنسان في اللجوء إلى القضاء والعدالة، وفق ماهو مسطر في الدستور والمبادئ الدولية التي صادق عليها المغرب بدون عراقيل مادية غير مقبولة، والأكيد أن ذلك سوف يتم من خلال الحوار والمقاربة التشاركية، التي تعتبر الأداة الفعالة القادرة على تجاوز كل الخلافات، وضمان تنزيل مقتضيات تشريعية تحافظ على العدالة الضريبية وتوزيع التكاليف العامة على جميع المواطنين، بحسب إمكانياتهم وبشكل متساوي بين الجميع من جهة، ومن جهة أخرى ضمان حق المواطن والمرتفق لمرفق العدالة في الدفاع، كما هو متعارف عليه في المواثيق الدولية، وكما هو مكرس في الوثيقة الدستورية، والتي ينبغي ان تكون بوصلة كل مسؤول وكل نص تشريعي في مغرب هنا والآن.