الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الفائض والخصاص في تدبير الموارد البشرية ..لعبة القطّ والفأر في أكاديمية سوس ماسة!

الفائض والخصاص في تدبير الموارد البشرية ..لعبة القطّ والفأر في أكاديمية سوس ماسة! أكاديمية سوس ماسة
كشف مراقبون للشأن التعليمي في جهة سوس ماسة على أن "تحقيق النجاعة التربوية، مشروط بتحقيق نجاعة قبلية في تدبير منظومة الموارد البشرية، غير أن واقع الحال، مع تنامي الخصاص في الموارد البشرية بسبب سوء التوزيع وسوء التخطيط وضعف الحكامة، فجر الكثير من الاختلالات في توزيع الفائض وتغطية الخصاص من الأساتذة والأطقم الإدارية بالنظر لغياب رؤية واضحة وشمولية لتعيين وتكليف الموارد البشرية، اللهم تلبية الولاءات في تحريك الموارد البشرية".
 وأوضح هؤلاء  في تصريحات متفرقة لموقع "أنفاس بريس"، أن "ما تفجر في الآونة الأخيرة بمديرية أكادير إداواتنان من خصاص في الموارد البشرية، حيث الخصاص في مواد وأسلاك دراسية لما يزيد من شهرين. وهو واقع يتكرر في جل المديريات الإقليمية، وعلى وجه الخصوص في تيزنيت، حيث أن ثانوية الأطلس بملحقتيها، تاهلة وتارسواط تتجسد في أبشع صورها، حيث يشتغل أستاذ الإنجليزية لأربع ساعات منذ السنة الماضية خلافا للمذكرة الوزارية 352/15 والمقرر الوزاري 061/22، اللذين ينصان على وجوب إسناد حصة كاملة للأستاذ، مما يؤكد غياب ترشيد الموارد البشرية بالإقليم. ومما يزيد الطين بلة إسناد ساعتين لأستاذ اللغة الإنجليزية بملحقة تارسواط، في حين أن أستاذ واحدا للإنجليزية يكفي لتدريس جميع مستويات المؤسسة بملحقتيها. ينضاف لذلك ما راكمته المديرية في تدبير البنيات التربوية، حيث نجد  أربعة أقسام مخففة على المقاس بالمستوى الثاني بمدرسة المختار السوسي بأقل من 19 تلميذا في كل مستوى، ترضية لأستاذتين تربطهن علاقات بمسؤول إقليمي، وغير بعيد عنها تجد 40 تلميذا في المستوى الثاني بمدرسة مولاي الزين في قلب مدينة تيزنيت".
ومما يعمق الجراح أكثر، يشرح المصدر ذاته، "غياب التنسيق بين مصلحتي الموارد البشرية والتخطيط والخريطة، حيث بقيت بعض المؤسسات بدون أساتذة، إذ سجل بمدرسة للامريم (مدينة تيزنيت)، وبعد شهرين من الانطلاقة الفعلية للدراسة، أن أفواج المستوى الرابع بقيت بدون أستاذ للغة الفرنسية فجر غضاب الأمهات والآباء. نفس الوضع تم تسجيله أيضا بمدرسة 18 نونبر، فيما تم تسجيل غياب أستاذ مادة الرياضيات بملحقة "إزويكا"، التابعة لثانوية المعدر الكبير. فيما يشكو الآباء غياب أستاذ التربية الإسلامية بثانوية سيدي وكاك بأكلو، وغياب أستاذ اللغة الفرنسية بمدرسة الحسن الأول، وهي مواد سيمتحن فيها التلاميذ بالامتحانات الإشهادية.
أما بدائرة أنزي في تيزنيت، تشرح المصادر ذاتها "فإن الوضع يزداد قتامة وسوءا. حيث تم إسناد 20 ساعة لأستاذتين بالسلك الإعدادي، فيما أضيفت أربع ساعات من حصصهن  لأساتذة السلك الثانوي، ليتحول الوضع بعد تظلم الأستاذين لفصول تراجيدية تدفع الأسر والمتعلمين ثمنها بعد تعنت مدير المؤسسة وجهله بمقتضيات المذكرتين الوزاريتين 061/22 و084/21، وامتناعه عن إسناد الأستاذتين بالسلك الإعدادي حصصا كاملة. فعلى الرغم من أن الأستاذان رضخا على مضد للأمر الواقع، إلا أنهما لا يثبتان في دفتر النصوص ما يدرسونه واقعيا من مقررات لمستويات السلك الإعدادي. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام عن موقع مصلحة الشؤون التربوية الغارقة في سبات عميق، عما يجري ويقع في هذه المؤسسة وغيرها".
 ورجحت مصادر نقابية تحدتث موقع "أنفاس بريس" أن "هناك من يعرقل ويفرمل الوضع التربوي في تيزنيت  بشكل فجّ، وسط تجميد  كامل لعمل بمصلحة تأطير المؤسسات التعليمية، بعدما رفض رئيسها التوقيع له على تعويضات مهام غير منجزة في الواقع، ليتحول الوضع لما لم تشهده المديرية من ذي قبل". وهو ما اعتبره الخبير التربوي محمد بولنفاض في تصريح لموقع "أنفاس بريس"، بأن " ترك 17 حالة إعفاء من مهام التدريس لأسباب صحية بدون مهام لحد الآن وضع نشاز، رغم أن القانون يفرض إسنادهم مهام إدارية تناسب حالتهم الصحية، في ظل الضغط الهائل الذي تعيشه إدارة المؤسسات التعليمية بالسلك الإبتدائي، وبحدة جماعة تيزنيت، نتيجة العدد الكبير من المتعلمين، وحجم ولوج المرتفقين، وعدد المهام الإدارية التي لا حصر لها. وهو وضع ما يضطر أغلب مدراء المؤسسات للتخفيف من حدة أزمتهم الخانقة، إلى استمرارية العمل في الإدارة حتى وقت متأخر من الليل، بعد قضاء دوامهم اليومي المضني، في ظل غياب فريق إداري  إسوة بالسلك الإعدادي والثانوي.
في حين أن البعض منهم يستعين بخدمات المربيات والأغيار مما أثار انزعاج، ومخاوف الأطر من تسريب الأسرار المهنية وتوظيفها سياسيا، في ظل ما تم تسجيله من تحريض ضد بعض الأطر المشهود لها بالكفاءة العالية، والعطاء الكبير في بعض المؤسسات".
 وبحسب المتحدث، يضطر "بعض مدراء المؤسسات للاستعانة مكرهين بخدمات المساعدين التقنيين، في التدبير اليومي للعمليات الإدارية الحساسة. والنموذج حسب نفس المصدر، مدرسة ابن حزم، التي اختلط فيها حابل الإدارة بنابل العبث، حتى صار المرتفقون لا يميزون عند ولوجها بين المساعد التقني، ومدير المؤسسة حسب وصف نفس المصدر، مضيفا أن مدير ذات المؤسسة يجر ورائه حملا ثقيلا من الملفات الحارقة، من إرث المؤسسة التي انتقل منها( ملف صرف اعتمادات مالية كبيرة من ميزانية جمعية دعم مدرسة النجاح، وعدم تبرير صرف اعتمادات أخرى مازالت المصالح المختصة بأكاديمية كلميم وادنون تدرسها وتقلب فيها الرأي لاتخاذ المتعين)، وبسبب ضعف البنية الإدارية، وعدم الإلمام بتوظيف الوسائل والأدوات التكنولوجية الحديثة في التدبير، فإنه يضطر لإشراك المساعد التقني في تدبير عمليات إدارية حساسة، قد ينتج عن أي تسريب للأسرار المهنية أزمة خطيرة غير محسوبة العواقب".
 ونبه الخبير التربوي إلى أن "هذا الوضع يستوجب بشكل عاجل دعم مدير هذه المؤسسة، الذي تتلاطمه أمواج تبعية تدبير سابق، وإنقاذه من الغرق بطاقم من الأطر المعفاة من التدريس، وتتبعه، والأخذ بيده، وتأطيره حتى يتمكن من القيام بمهامه بعيدا عن أية وصاية أو تبعية، حتى يتمكن من تدبير المؤسسة في ظروف مريحة وجيدة، موازاة مع دعم رؤساء باقي المؤسسات الإبتدائية، التي تعيش في صمت، تحت ضغط رهيب، نال من رؤسائها، وعمق من حدة معاناتهم نفسيا واجتماعيا...".
من جانبه، أكد الناشط الحقوقي والأمازيغي عمر أوزكان لموقع "أنفاس بريس" أن جل المؤسسات التعليمية بتيزنيت تعرف تخبطا غير مسبوق، زاد من حدته تغليب منطق الولاءات السياسية والقبلية في عملية تدبير الفائض والخصاص للسنة الثالثة على التوالي. وهو ما انعكس سلبا على المردودية، بعد ضرب استقرار الموارد البشرية، ما انعكس سلبا على نتائج البكالوريا 2022".
 وساق أوزكان أمثلة على ذلك من قبيل " أن بعض الشعب بتيزنيت سجلت نسب نجاح ضعيفة ومخجلة، أحرجت المسؤولين جهويا، وتكتمت عليها المديرية، التي سوقت للوهم طيلة الموسم الفارط، وارتكبت خطأ جسيما في جمع أموال وتبرعات خارج ما يسمح به القانون، لتمويل حفل التميز، الذي قاطعه عامل إقليم تيزنيت حسن خليل بعدما اكتملت لديه صورة ما وقع بقطاع التعليم، حيث بلغت نسبة النجاح ببعض الشعب (7,3%) بثانوية المسيرة الخضراء، و(8%) بثانوية ابراهيم واخزان، و(0%) بإحدى الشعب بثانوية الحسن الثاني، وهي كوارث تستوجب فتح تحقيق مركزي معمق، ومسائلة المتسببين فيه، وترتيب المسؤوليات في حقهم.
وأضاف المتحدث أن "المنظومة التربوية بتيزنيت تعيش خلال الأسبوعين الأخيرين غليانا غير مسبوق في صفوف الأطر التربوية، والمسؤولين بالنقابات المسؤولة والجادة، والأسر المكلومة، بعدما ضاقوا درعا  بتشبيح العديد من الأطر، واستهتار بالجانب التربوي في تدبير القطاع، خصوصا أنه سجل تماطل في استصدار مذكرة التوقيت الشتوي، بشكل يستدرك ما تغافل عنه في مذكرة التوقيت العادي التي أصدرها في بداية شتنبر 2022. وهي المذكرة التي أسقط منها التوجه الإيديولوجي، والميول السياسي ونعرة انتماءه حسب ذات المصدر توقيت يوم الجمعة، بعد تجاهل خصوصيات هذا اليوم، وموقع شعيرة صلاة الجمعة، ومكانتها الجوهرية في وجدان الآلاف الأسر التيزنيتية، بقلب سوس العالمة، ضاربين  بعرض الحائط منظومة ونسق القيم التي حددها المنهاج الدراسي بشكل واضح. وهو ما أثار استهجان الأسر المكلومة، التي ترفض بالبات والمطلق تواجد فلذات أكبادها بالفصول الدراسية تزامنا مع وقت قضاء شعيرة صلاة الجمعة"
واستغرب أوزكان مما أسماه "الهدف غير المعلن من استمرار المدير الإقليمي في تأجيج الصدام بين هيئة التفتيش والتأطير التربوي، وأطر التدريس، والنقابات المسؤولة والجادة، بعدما تنصل من إصدار مذكرة توحد التوقيت إقليميا، تضع حدا للعبث الجاثم على صدر المنظومة. ويكفيه أمام عجزه، وعدم قدرته على ذلك، نتيجة ضعف درايته بعمق الميكانيزمات التربوية المعقدة، أن يعين لجنة مختصة من الكفاءات العالية، تعينه في دراسة الأمر من جميع جوانبه الإدارية والتربوية المعقدة، حتى يتخد القرار. مشددا أن ذلك يستوجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المرحلة، والاستفادة من تجربة المديريات الاقليمية لجهة مراكش آسفي على سبيل المثال، التي استشارت مديرية المناهج، وارتقت باجتهادها، بعدما تخلصت من عقدة العصبية الإدارية والعقم التربوي، خصوصا تقديس 30 ساعة بالسلك الإبتدائي، مع العلم أنها منهكة للمتعلمين والمدرسين والأسر على حد سواء، حسبما خلصت إليه العديد من الدراسات العلمية والأبحاث الأكاديمية المعمقة، وتجاهلتها للأسف الشديد هيئة التفتيش والتأطير التربوي بتيزنيت، كما تنكرت للملاحظات التي جمعتها ذات الهيئة في زياراتها لتتبع الفعل التربوي، واستأثرت التنكر لها حماية لمساحة الود التي تجمع الكثير من أعضائها بالمسؤولين، على حساب واجبها في تحصين المنظومة وترسيخ قيمها"، وفق توضيحات المتحدث في حسرة وتعسر