الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

اليحياوي: وفاء الحكومة بالتزامات مفهوم الدولة الاجتماعية أمر لا يمكن الجزم فيه

اليحياوي: وفاء الحكومة بالتزامات مفهوم الدولة الاجتماعية أمر لا يمكن الجزم فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش وصور توثق لمعاناة المواطنين
على هامش النقاش المطروح حول مشروع قانون مالية 2023، الذي تمت إحالته على مجلس النواب للمصادقة عليه، والذي يهدف بالأساس إلى ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، تواصلت "أنفاس بريس"، مع مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، للوقوف عند ملامح هذه الدولة الاجتماعية المزعومة.

أين تظهر لك ملامح هذه الدولة الاجتماعية في مشروع قانون مالية 2023؟
أعتقد أن مشروع قانون الميزانية 2023 يساير التوجهات العامة التي ركز عليها خطاب العرش لهذه السنة (30 يوليوز 2022). ولعل أهم تلك التوجهات أربعة أساسية ذات علاقة بالكفايات المالية للحكومة وقدرتها على السير قدما في التزاماتها بخصوص تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية ومواكبة تحول الاقتصاد الوطني من أجل خلق فرص العمل:
أولا: استكمال التغطية الصحية من خلال تعميمها على 4 ملايين مستفيدة ومستفيد من نظام RAMED.
ثانيا: تنزيل تعميم التعويضات العائلية بشكل تدريجي ابتداء من نهاية 2023.
ثالثا: مواجهات مضاعفات أزمة كوفيد 19 وأزمة الماء والسياق الدولي المضطرب بسبب غزو روسيا على أوكرانيا وما نتج عنه من تضخم واستمرار موجة غلاء خلال السنة الجارية بسبب ارتفاع في أسعار المحروقات والموارد الطاقية وفي بعض المواد الأساسية كالحبوب ومواد البناء، وأخيرا.
رابعا: اعتماد ميثاق وطني جديد للاستثمار.
 
الفرضيات المركزية التي يقوم عليها مشروع قانون المالية لــ 2023 هي تحقيق نسبة نمو %4 من الناتج الداخلي الخام، ومحصول حبوب لموسم فلاحي عاد (75 مليون قنطار)، ومعدل تضخم لا يتجاوز %2. وإذا ما تحققت هذه الفرضيات بالرغم من صعوبة بلوغ بعضها، خاصة المرتبطة بالتضخم، فسيكون بإمكان الحكومة على مستوى تعزيز أسس الدولة الاجتماعية أن تستكمل ورش تعميم الحماية الاجتماعية عبر: 
 
أولا: انتقال مستفيدين من النظام RAMED بغلاف مالي يصل إلى 9،5 ملايير درهم.
 ثانيا: تنزيل تعميم التعويضات العائلية ليشمل 7 ملايين طفل منحدر من أسر في وضعية هشة أو فقيرة، و3 ملايين أسرة من دون أطفال.
ثالثا: أجرأة العمل بالسجل الاجتماعي الموحد.
 
أما بخصوص إصلاح منظومة الصحة وتنزيل خارطة طريق (2023-2026) لإصلاح منظومة التعليم، فأهم إجراء هو استمرار الرفع من ميزانية القطاع الصحي بنحو 4،6 ملايير درهم بالمقارنة مع 2022، وأيضا استمرار الرفع من الميزانية القطاعية للتعليم بزيادة تصل إلى 6،5 ملايير درهم بالمقارنة مع 2022.
 
على مستوى الحوار الاجتماعي، من المرتقب في ميزانية 2023 تخصيص اعتمادات تصل إلى 6،7 ملايير درهم، يوجه %64 منها لتحسين الوضعية المادية للأطر الصحية والتعليمية وأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، والرفع من حصص الترقي في الدرجة. في حين يخصص باقي الاعتمادات (2،4 ملايير درهم) لمراجعة النظام الجبائي برسم الضريبة على الدخل ورفع نسبة الخصم الجزافي على المعاشات الإيرادات العمرية.
 
بالإضافة إلى ذلك، برمجت الحكومة اعتمادات أخرى تهم نفقات المقاصة (26 مليار درهم)، ودعم الأشخاص في وضعية إعاقة، والدعم المالي المباشر للأسر لاقتناء السكن، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإنعاش ودعم الشغل، خاصة فيما يتعلق ببرامج "أوراش" و"فرصة" و"تحفيز".     
            
كيف يمكن أن نبلغ هذا الهدف ونحققه في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الراهنة؟
أظن أنه سيكون من الصعب الجزم بقدرة الحكومة خلال السنة المقبلة الوفاء بشكل كامل بهذه الالتزامات الاجتماعية لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية عالمية ترهن الاقتصاد المغربي بشبكات القيم معولمة تعاني منذ ثلاث سنوات الأخيرة، على الأقل، من تقلبات فجائية ومن تحولات عميقة بسبب تتالي الأزمات وضعف التنبؤ بها ومحاصرة مضاعفاتها المالية وخسائرها على مستوى استقرار الأسواق وتوفر المواد الأساسية والتحكم في أسعار المواد الطاقية. نحن أمام سنة لن يتراجع فيها مستوى التضخم بشكل ملحوظ، كما يصعب فيها تأمين كفاية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين بسبب موجة الغلاء التي من المحتمل ألا تتراجع بشكل كبير على المدى القصير؛ خصوصا إذا سجل موسم فلاحي ضعيف بسبب استمرار أزمة الماء وشح التساقطات المطرية.