الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

حسن أبوعقيل: حديث عما بعد الخطاب الملكي لثورة الملك والشعب بخصوص الجالية

حسن أبوعقيل: حديث عما بعد الخطاب الملكي لثورة الملك والشعب بخصوص الجالية حسن أبوعقيل
حركية جديدة قلبت صفحات التاريخ لعهد تأسس فيه مجلس الجالية المغربية بالخارج ‏حيث غلب الاندفاع عن تحكيم العقل والرصانة المطلوبة في أكثر من موقف.
فكثير من أبناء الجالية، اقتحموا النقاش العمومي دون معرفة سابقة لظهير تأسيس ‏المجلس، ودون مراجعة شاملة لخطاب الملك محمد السادس للمسيرة الخضراء سنة ‏‏2007، بل أكثر من ذلك أن البعض أصيب بنوبة التمرد والسعار لأنه لم يحظى ‏بمنصب بهذا المجلس وحتى كثير ممن لا يخدمون الجالية رفعوا أصواتهم عاليا ‏للاحتجاج والاستخفاف بمجلس جعله ملك البلاد مجلسا استشاريا كمرحلة أولى ‏حددها جلالته في أربع سنوات ما دام الأمر يستعصي لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة ‏‏.
مشكلة الكثيرين سماعون ويدبرون أمورهم عن طريق القول وناقل القول، ما يجعلهم ‏في وضع الشفقة عليهم، والأولى لهم الصمت بدلا من الصوت.
حقيقة المجلس مرتبطة بظهير ومرتبطة بتعليمات ملكية، وإرادة واختيار لأن ‏المبادرة تدخل في ورش ملكي له تصوره وأهدافه وليس القفز على أسوار مجلس ‏أراده ملك البلاد أن يكون مجلسا إستشاريا بجانبه ليدلي برأيه في العديد من القضايا ‏التي تخدم الجالية المغربية والهجرة، فما علاقة المجلس الاستشاري بمغاربة الخارج ‏حتى تقوم عليه قيامة الاحتجاج؟ وعلى ماذا يحتج البعض وهو مجلس لا يمثل ‏مغاربة الخارج؟
يقول ملك البلاد في خطاب المسيرة الخضراء:" لذلك، ارتأينا اعتماد اقتراح الرأي ‏الاستشاري، لصيغة مرحلية لانتداب هذه المؤسسة في تشكيلتها الأولى التأسيسية، ‏لمدة أربع سنوات. والتزاما بموقفنا المبدئي، فإننا ندعو هذه المؤسسة الجديدة إلى أن ‏تجعل في صدارة أعمالها إنضاج التفكير ووضع الأسس الصلبة لبلوغ الهدف الأسمى ‏للانتخاب الواعي والمسؤول، وتوفير شروط المشاركة الواسعة فيه بدل ركوب الحلول ‏التبسيطية."
انطلاقا من هذه القولة السديدة كان على أصحاب الإدغام الكف عن تأجيج الرأي العام ‏بخطابات لا علاقة لها بالواقع، فالأربع سنوات انتهت مع دستور جديد الذي جعل ‏للمجلس موقعا وموطنا تجلى في المكسب الدستوري في فصله 163 لكن الحكومات ‏المتعاقبة عوضا العمل على تنزيل القانون التنظيمي حتى يتسنى للمجلس أن يلعب ‏دوره كما خوله الظهير الشريف، لكن مع الأسف الشديد ومع عدم اتخاذ الحكومات ما ‏وجب أخذه ‘فطالت المدة الزمنية إلى 15 عاما.
فحسب القانون والمعطيات ودستور المملكة، فمجلس الجالية استمر بتشكيلته الأولى ‏التي أرادها الملك وهي دوره الإستشاري وما دام لم يصدر أي تعويض فيبقى الحكم ‏هو الفصل 179 من الدستور قائما على كل المؤسسات، ما يعني أن صلاحية مجلس ‏الجالية قائمة وليست منتهية الصلاحية.
من جهة أخرى لماذا هذا الكم من التعليق والاحتجاج على مجلس الجالية فحين أن ‏هناك مؤسسات مكلفة بقضايا مغاربة الخارج لم تقوم عليها هذه الإنتقاذات التي ‏تجاوزت السب والقذف والتشهير؟ أليس من الواجب أن تحتج الجالية على مؤسسة ‏الحسن الثاني وبنك العمل ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومؤسسة محمد ‏السادس المكلفة بمغاربة الخارج واللجنة الوزارية أم أن الأمر مقصود ومختزل في ‏مجلس الجالية؟
فبعد خطاب ثورة الملك والشعب، أراد ملك البلاد من خلال كلمته بخصوص مغاربة ‏الخارج أن تستقيم الأوضاع وأن تخرج الحكومة من جمودها لتنزيل الفصول ‏الدستورية التي تهم مغاربة الخارج وكذلك تنزيل الفصل الدستوري 163 حتى تتوفر ‏الإمكانات التي وعد بها ملك البلاد في خطاب المسيرة لعام 2007 والتي تكمن فيما ‏أتى به الخطاب السامي:" وقد قمنا بإمعان النظر في توصيته، المرفوعة لجلالتنا، ‏من ثلاثة منطلقات:
‏ أولها: اقتناعنا بأن التمثيلية الحقة، إنما تنبع من الانتخاب، الذي سيظل صوريا، ما ‏لم يقم على المصداقية والأهلية والتنافس الشريف وتعبئة مواطنينا المهاجرين‎. ‎‏
ويقوم المرتكز الثاني، على استبعاد التعيين المباشر، لأسباب مبدئية، لأن الأمر يتعلق ‏بهيأة تمثيلية، وليس بوظيفة إدارية أو منصب سياسي، لذلك، نعتبر أن الانتخاب يظل ‏هو المنطلق والمبتغى في إقامة هذه المؤسسة‎. ‎‏
أما ثالث المرتكزات، فيستند إلى تجاوبنا الموصول مع الآراء الاستشارية لمجلس ‏حقوق الإنسان اعتبارا لوجاهتها ونزاهتها. وانطلاقا من الدراسات المعمقة ‏والاستشارات الموسعة، فقد أخذنا بعين الاعتبار، استخلاص المجلس، أنه من ‏المجازفة ارتجال انتخابات عشوائية مفتقرة للضمانات الأساسية، للشفافية والنزاهة ‏والتمثيلية الحقة، اللازمة لبلوغ الغاية النبيلة من قيام هذه المؤسسة المتخصصة في ‏شؤون جاليتنا العزيزة المقيمة بالخارج " .
انطلاقا مما ورد في الكلمة السامية فالقادم هو تكريس انتخابات نزيهة وشفافة من ‏أجل مجلس ستكون له الصفة التمثيلية بأعضاء منتخبين .