الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الصمد بن شريف: أحداث ملعب وهران: هل الاعتداء على فتيان عزل في مقتبل العمر رجولة وشجاعة؟

عبد الصمد بن شريف: أحداث ملعب وهران: هل الاعتداء على فتيان عزل في مقتبل العمر رجولة وشجاعة؟ عبد الصمد بن شريف
أسوأ وأبأس وأسخف شيء يمكن أن يصل إليه نظام سياسي شمولي منغلق، على غرار النظام العسكري في الجزائر، هو أن ينتقم من بلد جار وينفث حقده ورعونته وعداءه وسمومه وغله، وهو أيضا الاعتداءعلى فتيان صغار لا يفقهون شيئا في السياسة وذاكرتهم مجردة من الأوهام والأمجاد. كل منافسة فيها منتصر ومنهزم.
طيب انتصر المنتخب الجزائري مبروك. فلماذا الهجوم الوحشي والمخزي على حارس ولاعبين عزل وإشباعهم لكما ورفسا من طرف لاعبي منتخب النظام الفاشستي الذين تم شحنهم  بكميات وافرة من الحقد وتم تحضيرهم لارتكاب الأسوأ؟ هل هذا السلوك رجولة وشجاعة وإنجاز ثوري؟  
والغريب في الأمر، هو انخراط جوقة الإعلام الجزائري، في نوبة من الهذيان. خاصة عندما انبرى بعض المعلقين والمنشطين، يتحدثون عن الروح الرياضية التي يعرف بها الجزائريون. وأنهم أبطال في كل شيء، وقلبوا الصورة والمشهد بشكل غبي ووقح وفج، عندما جعلوا عناصر المنتخب المغربي، هي التي تشنجت وغضبت ولم تقبل الهزيمة، وزاغت عن سكة الروح الرياضية. 
عناصر الواقعة ومعالمها واضحة.جمهور ملقح بجرعات عالية من العداء والكراهية تجاه المغرب. ولاعبون فتيان مشحونون، نابوا عن تبون وشتقريحة في اعتداء غير مبرر،على لاعبين أبرياء ينتمون إلى بلد جار، كان من المفروض حمايتهم، وضمان الأمن لهم، والترحيب بهم وتوديعهم بشكل يليق بهم. لا أن نترك في أذهانهم وذاكرتهم، تلك المشاهد المدانة بكل اللغات والأشكال. 
وهنا يجب أن نسأل النخب الجزائرية، وبعض من يعتبرون أنفسهم حكماء وعقلاء في الجار الشرقي. هل تقبلون بما حدث؟ وهل يتحمل الموقف مزيدا من الصمت والتزام الحياد السلبي؟ هل وصل بكم الأمر إلى الإضراب عن الكلام والسكوت عن قول الحق  خشية التعرض لمكروه من طرف النظام الجزائري؟  
يا جماعة، لانطلب منكم الدفاع عن المغرب ومدحه وتمجيده. فقط قولوا كلمة حق. 
بالنسبة للمغرب، وأقولها بكل ثقة في النفس، يستحيل أن يقع فوق أرضية ملاعبه، ما وقع فوق ذلك الملعب الحزين بمدينة وهران. ولن يقبل المغاربة بالتغول على فتيان في مقتبل العمر وترهبيهم وتعنيفهم.
كلما حاولنا تجاوز التشجنات، وغض البصر عن الحروب الإعلامية والنفسية، والسب والشتم والضربات القاصمة والطعنات الغادرة، والهيجان والاندفاع الدبلوماسي المسعور. إلا وأمعن وتمادى النظام الجزائري، ومختلف أذرعه ومؤسساته، في التصعيد وتوتير الأجواء، وتطبيق استراتجية الأرض المحروقة وتحريض الشعب الجزائري، لتستفحل عنده عقدة الكراهية، وتتضخم لديه مشاعر العداء صوب المغرب بكل مكوناته.
أقولها بكل صراحة ودون لف ودوران: إن الجزائر تريد سحق المغرب بكل الوسائل. ومستعدة لارتكاب الحماقات وركوب المغامرات. فالتهور والشعور بالقوة الزائدة، وتداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، التي ضخت ملايير الدولارات في خزينة السيستم الجزائري، بفضل ارتفاع أسعار الغاز والبترول، والرغبة في الإنتقام من عقد كثيرة،تمتد عميقا في التاريخ والثأر لسنوات الشلل الدبلوماسي، خلال العشرية الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. كلها عوامل وعناصر تفسر مجتمعة العقيدة العدائية التي ينهجها النظام الجزائري تجاه المغرب. 
وإذا كان الأمر كذلك. فعن أي قمة عربية يتحدث النظام الجزائري؟ هل يصدق عاقل، ما تروجه الدبلوماسية الجزائرية، وأبواق الإعلام المغلوب على أمره. كون القمة المقبلة، ستكون قمة لم الشمل، وتوحيد الصفوف، وتنقية النفوس من الضغائن والأحقاد.!؟ كيف يمكن أن يؤمن أي شخص، يمتلك قدرا صغيرا من التفكير المنطقي بهذه الشعارات والاوهام؟  
ولنفترض أن كل الوفود ستحضر القمة لاضفاء شرعية شكلية عليها إرضاء للنظام الجزائري. فإن الجوهر لن يتغير والأجندة ستظل هي هي. إذا لم يتخل النظام الجزائري، عن معاداته لكل ماهو مغربي، وإذا لم يطلق إشارات إيجابية يمكن أن تسهم في تليين المواقف وتنقية الأجواء وتلطيفها.