الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

مستشار بتارودانت يصوب صواريخ "أرض- جو" نحو عبد اللطيف وهبي

مستشار بتارودانت يصوب صواريخ "أرض- جو" نحو عبد اللطيف وهبي محمد الحاتمي البونوني و عبد اللطيف وهبي رئيس جماعة تارودانت
هاجم المستشار الجماعي والأمين المحلي السابق لحزب "البام" بمدينة تارودانت (قبل أن يجمد عضويته داخل الحزب)، محمد الحاتمي البونوني، في مداخلة وصفت بـ"النارية" و"الكاشفة لحقائق صادمة"، المكتب المسير لجماعة تارودانت التي يترأسها وزير العدل والأمين العام لحزب التراكتور عبد اللطيف وهبي.
واتهم المستشار البونوني المكتب المسير بـ"اختيار الطريق السهل بل المدمر لخصوصيات المدينة، لأن لا قدرة لكم على إنتاج الأفكار. ليست لكم الإرادة لفتح المجال لنقاش مسؤول ونهج التشاركية في اتخاذ القرارات، قتلت فيكم الأنانية وقصر نظرتكم للحياة وتفكيركم وتبعيتهم القدرة على الإبداع، وأصبحتم تبحثون على أي شيء للظهور بصفة المجتهد في خلق الأفكار وجلب الاستثمار، ولكن في الحقيقة حالكم يقول إنكم محدودون فكريا، كسالى إبداعيا وأغبياء اقتصاديا".
وانتقد محمد الحاتمي البونوني أداء المكتب المسير في سياق جدول أعمال الدورة الاستثنائية ليوم 2 شتنبر. وهو الجدول الذي يحتوي على نقطتين رئيستين :
1- المصادقة على تقييم برنامج عمل الولاية السابقة بالنسبة لسنة 2021.
2-المصادقة على" بيع" أرض لـ"كارفور" بثمن بخس للمتر المربع .
وقال البونوني إن يوما واحدا "يفصل بين الدورة وانعقاد اللجنة التي في الأصل يجب أن تتوفر على الوثائق والمعطيات الكافية للإحاطة بجميع حيثيات الملف ودراسته، وأخذ القرار حوله، ثم المصادقة عليه". ووجه كلامه إلى المكتب قائلا: "ما تقومون به غير لائق.. ما تقومون به هو وأد لقدرات مدينة تملك إرثا لا يقدر بثمن".
وتابع المستشار الغاضب: "ما تسمونه جلب الاستثمار وما تتبجحون به هو تبخيس مؤهلات مدينة بنى أبناؤها أحلامهم على استثمارها لبناء مستقبلها. مدينة لها من المؤهلات ما تستطيع به تحقيق قفزة نوعية في تثمين ممتلكاتها والتفاعل مع التقلبات الاقتصادية المحتملة في عز هده الأزمة التي تعيشها بلادنا والعالم بأسره".
واتهم عضو حزب "البام" السابق مسيري الجماعة بتضييع الفرصة على المدينة بسبب "فقرهم الفكري والاستراتيجي"، معتبرا أن "مجلس اليوم استمرار لمجلس الأمس".
وأفاد الحاتمي البونوني أن "سياسة فتح الباب على مصراعيه ومد الأيادي المشرعة لأول مستثمر، وتسليمه العقارات بدون تفكير، وفي لهفة تضاهي لهفة البدايات، يضيع على هؤلاء فرصة التفاوض من أجل فرض شروط تعود بالنفع بشكل أكبر على الجماعة ومداخيلها، وعلى المدينة بأسرها.. فعملية استنزاف الرصيد العقاري لجماعة تارودانت وتبديده لازالت مستمرة والمبرر "اللهم العمش ولا العمى، المهم استثمار.. التفاصيل لا تعنينا" .
ووجه المستشار البونوني سهام غضبه إلى الجماعة التي قال عنها إن تعاملها مع عقار "لاسطاح"، خلال السنوات الأخيرة، "أصبح بمثابة من ورث الأراضي وبدأ في بيعها وهي ناقصة أو منعدمة التجهيز، فيُبخس المشتري ثمنها وهو على علم بغباء وقصر نظر البائع". وتساءل: "بعد تسليم جل أراضي "لاسطاح"، ماذا سيبقى للمدينة؟".
وجاء في مرافعة الأمين المحلي السابق لحزب "البام" أنه "عوض تهيئة العقارات المملوكة للجماعة، وتجهيزها بغية تثمينها وإعطائها القيمة الحقيقية من أجل تحقيق عائدات الاستثمارle retour sur investissement ، وتأهيلها لتكون حاضنة جاهزة لاستقطاب مشاريع واستثمارات تدر مداخيل على خزينة الجماعة مع احتفاظها بالعقار، من خلال وسائل متعددة يتيحها لها القانون في إطار تدبيرها لملكها الخاص.. عوض كل ذلك تسلم على شكل هدايا للمحظوظين في طبق من ذهب".
وتابع في مرافعته: "هل بهكذا مشاريع سوف يتم تشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل؟ تخلق عشرة وتهدم مئات فرص الشغل من أصحاب المحلات الصغيرة، وأصحاب العربات الجائلة الذي من المفروض على الجماعة أن توفر لهم أسواقا نموذجية، مئات الجمعيات التي تنتج منتوجات محلية وتروجها محليا، مئات الشباب الذين يحتاجون للمواكبة لخلق مطاعم صغيرة ومحلات تجارية لتطوير ذاتها".
وفي هجوم أشبه باتهام أعضاء المكتب بالجهل الشامل، وجه البونوني تساؤلات مهمة قائلا: "ثم هل تدركون أصلا كيف تتم العملية؟ هل منكم من كلف نفسه بالتحري والاجتهاد ودراسة حيثيات العملية؟ هل تعرفون المونتاج المالي الذي يتم نهجه في مثل هذه الصفقات؟". وتابع قوله: "في البداية إنها عملية عقارية تقوم الشركة المعنية باقتنائها وتثمينها، من خلال إنجاز فضاء البيع الذي لن يتعدى، في أحسن الأحوال، 5000 متر مربع، أي 10% من المساحة المهداة، ولن تتجاوز في أحسن الأحوال خلق خمسين فرصة شغل... فيتم بعدها كرائها للشركة التي تظنون أنكم استقطبتموها، ثم تنجز الشركة المقتنية المركز التجاري بمحلاته التجارية، فيتم بيع أو كراء المحلات للخواص بأغلى الأثمان من قبل الشركة التي سوف تهدونها القطعة الأرضية بثمن بخس ويصبح استثمارا عقاريا ربحيا مائة في المائة".
ونبه المستشار الغاضب إلى أنه ليس ضد الاستثمار، بل إن "هذا همنا الأول، ودورنا الأساسي في المجلس. لكن نريد الوضوح، نريد من يترافع عن المدينة ويحفظ حقوقها ويصون مصالح أبنائها، لا أن يبخسها ويحتقر قدراتها". كما تساءل عن غياب مجسم المشروع (ماكيت)، وقال: "هل تقررون في منح أراضي في ملكية الجماعة (وبالتالي في ملكية الساكنة) بناء على أحلام وجمل رنانة وتوقعات شفهية؟ أليس للجماعة القدرة على إنجاز مثل هذه المشاريع والاجتهاد في جلب التمويلات من شركاء مستعدين للمساهمة في التنمية، مثل مجلس الجهة؛ المجلس الإقليمي؛ شراكات وعقد توأمات مع مؤسسات التنمية الدولية؛ وزارة التجارة والصناعة؛ وزارة الصناعة التقليدية؛ وزارة الداخلية؛ فضلا عن فاعلين اقتصاديين يتوخون الربح المشترك، كالأبناك الوطنية، والأبناك الدولية (la BIRD) ، وصناديق الاستثمار ..".
واعتبر المستشار الجماعي في مرافعته أنه بهذه الطربقة وحدها سوف توفر الجماعة رصيدا عقاريا خاصا "يمكنكم من استقطاب الأسواق الكبرى بجميع ماركاتها وعلاماتها، فينمي مداخل الجماعة سنويا من جهة، ويوفر من جهة أخرى للشباب المقبل على العمل محلات تجارية، ومطاعم ومراكز للترفيه بأثمان مشجعة، وفي متناول الشباب العاطل والمقبل على مغامرة الاستثمار"، يقول البونوني.
وتابع القيادي المحلي لحزب البام بتارودانت انتقاداته اللاذعة للمكتب المسير: "يمكنكم التبجح بمبلغ الاستثمار الذي قدم لكم.. وتبررون موقفكم الضعيف (الثمن البخس للمتر المربع) بدفتر التحملات الذي لا أشك في أنكم لم تطلعوا أصلا عليه، من أجل أن تتستروا على عجزكم في تقييم المشاريع وجاذبيتها ودرجة عائد الاستثمار الذي ستحققونه في المستقبل القريب قبل البعيد، لكنكم لا تدركون بل تتسترون على جريمتكم في قتل تلك المدينة قتلا بطيئا"، ذلك أن الأولوية اليوم هي، في رأيه، لتأهيل "سوق جنان جامع بمرابده والسوق الكبير بخصوصياته (أوراش الصناع التقليدين وتجار البازار والصياغة والألبسة المحلية التقليدية) لتنشيط التجارة وتحريك الاقتصاد والتشجيع على الاستهلاك".
كما اعتبر أنه يجب أن تعطى الأولوية، أيضا، "لتأهيل المدينة عمرانيا، بإحداث الأسواق النموذجية لتوفير فرص العمل المنظم والمؤثر قانونيا، وتوفير ظروف التجارة المنظمة للشباب وللبائعين المتجولين، والقطع مع العشوائية وتنظيف أزقة المدينة العتيقة وشوارعها واضفاء الجمالية على المدينة ".
ومن الأولويات التي يقترحها البونوني "إنشاء ملاعب القرب والمركبات الرياضية الصغيرة بالأحياء لتشجيع الشباب على الرياضة، وتطوير قدراتهم وتوفير خزان من الكفاءات للفرق المحلية في جميع الرياضات". بالإضافة إلى "تأهيل مكونات تارودانت التاريخية، وإبراز مآثرها التاريخية، وإغناء الطابع الأصلي والتاريخي لتارودانت لجذب السياح الداخليين والأجانب، والاعتناء بالمراكز والمآثر السياحية التي تستقطب السياح، كسور المدينة الشامخ، ودار الدباغ، والساحات، وذلك عبر إشراك المجتمع المدني في عمليات التشوير، وأيضا الاجتهاد بإشراك الكفاءات المحلية من شباب ومبدعين ومجتمع مدني لإبراز الطابع الأصيل لتارودانت، وتنشيط الساحات التاريخية (اسراگ تمقلات، الرحبة، ساحة باب الجديد)، وأبواب المدينة المرممة، والفنادق القديمة، وترميم الصابات والزوايا، والعناية بعربات الكوتشي، وتأهيل الأسواق التقليدية المحلية كجنان الجامع والسوق الكبير والبازارات".
ويقترح ابن المدينة الذي جمد عضويته في حزب رئيس جماعة تارودانت، كأولوية ضرورية، "صباغة المدينة بصباغة أصلية متجانسة، تقطع مع العشوائية التي تسود في مداخل المدينة وداخل أحيائها، إلى جانب "الاعتناء بالمساحات الخضراء، وإنشاء الحدائق وخلق المنتجعات ومراكز الترفيه والتنشيط"، ناهيك عن "للتعريف بالمدينة، عبر حملات إشهارية مكثفة بمساهمة المكتب الوطني للسياحة، وتنظيم قافلات استعراضية تعريفية تجوب أرجاء الوطن، إلى جانب بعض الأسواق السياحية العالمية الجديدة (أمريكا، آسيا، الشرق الاوسط، افريقيا..)، وتنظيم عمليات علاقات عامة مع مهنيي السياحة وطنيا ودوليا، لعرض منتوج تارودانت على الزبناء من السياحة الداخلية أو الخارجية، وتشجيع الشراكات والتوأمات مع المدن التي توازيها سوسيولوجيا واقتصاديا وثقافيا".
ولم يفت البونوني أن يشير، في مرافعته الشاملة، إلى ضرورة "تحسين ظروف عيش السكان بتأهيل المجزرة، وتحسين خدمات القرب، فضلا عن تأهيل شبكات الصرف الصحي والنظافة وجمع الأزبال وتبليط المدينة وتقوية الإنارة العمومي، إضافة إلى خلق فرص الشغل بإنشاء الاحياء الصناعية، وإنجاز مركب لتنظيم الحرف، ومحاربة التلوث داخل المدينة العتيقة، وخلق ورشات جديدة، وتكوين صناع جدد من المتعلمين، سواء عند المعلمين القدماء أو خريجي مراكز التكوين، وذلك بمواكبة وتشجيع المبادرات الفردية للشباب في خلق فرص عمل جديدة". كما اقترح "تشجيع الشباب لخلق مبادرات في ورشات الصناعة التقليدية غير الملوثة، كصناعة الجلد والصياغة والخياطة التقليدية والحرف المحلية التي تنقرض سنة بعد سنة بموت المعلمين القدماء".
من جهة أخرى، انتبه البونوني إلى مساهمة المرأة الرودانية في خطة التنمية، حيث دعا المكتب المسير إلى "خلق نوادي نسوية لإحياء نسج الزرابي والحايك الروداني والخياطة التقليدية والطرز الروداني الأصيل، وأيضا إلى تشجيع ومواكبة النساء والشابات على خلق مبادرات ومشاريع صغيرة ومؤثرة في السياحة ".
واختتم المستشار الجماعي الغاضب كلامه قائلا: "عند رحيلكم القريب إن شاء الله، ستمسح حقبتكم من تاريخ هذه المدينة وترمون في مزبلة التاريخ".
نشير إلى أن مراقبين للشأن المحلي بتارودانت يرجعون صواريخ أرض-جو التي يرسلها المستشار محمد الحاتمي البونوني نحو المكتب المسير للجماعة إلى غضبه من وزير العدل الذي لم يلج بوابة الجماعة منذ انتخابه رئيسا لها إلا ثلاث مرات يتيمة، مما يدل على أن أمور مدينة تارودانت لا تقع في صلب اهتمامات الرئيس، كما تدل على أنه تنصل من جميع التزاماته تجاه الساكنة الرودانية.