السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

مَحمد المذكوري: المخيمات الصيفية .. آراء فيما يجري

مَحمد المذكوري: المخيمات الصيفية .. آراء فيما يجري مَحمد المذكوري
سلسلة نقط فوق الحروف حول قضايا تهم مخيمات الأطفال التربوية – الصيفية، كدعوة للنقاش حيث أن الجهات المسؤولة تتهرب من نقاش عمومي وحوار رسمي حول مظاهر أزمة المخيمات في مغرب اليوم وصيغ الاتفاق حول مخرجات مجتمعية لها.
 
1 "التريتور" في المخيم
انتهت " المرحلة الأولى " لمخيمات صيف 22، كانت فيها معركة تقديم التغذية احدى المعارك التي طغت على وسائل التواصل الاجتماعي والرسمي، حتى غطت على عدة مشاكل أخرى منها تقليص أيام المخيم إلى 10 أيام وتقليص أعداد المخيمين بتقليص فضاءات التخييم وحمولاتها، وتحديد مجال إشراف الوزارة بمرسوم يحد من مجال تدبير المخيمات ويترك الحبل على الغارب لتأسيس وفتح مخيمات من دون معايير ولامقاييس ولا جهة مسؤولة يرجع لها دور ووظيفة الإشراف والمراقبة، حيث اضحت المخيمات / طحالب تنبث على كل الأرصفة بدون رقيب، وغطت قضية التغذية والمطعمة كما كتب أحدهم على حائطه على المشاريع التربوية والتنشيطية التي كانت تتبارى فيها المنظمات والهيئات العاملة والتنافس الدائر كان حول النشاط الجاد في مقابل الميوعة، قبل اغراق المخيمات بالمستنسخين والنقالة الذين يلهفون أهداف وشعارات الفاعلين الملتزمين بدون الإيمان بها ويفرغونها من كل مدلول بنقل أنشطة والعمل على إخراجها في "برامج" بدون لون ولا طعم باي شكل وبدون توازن مع أنشطة أخرى وترجيح أنشطة الفرجة والزعيق على أنشطة المشاركة، ليلهفوا بذلك دعما مغلفا ومساهمات الآباء المالية التي تعرف هي كذلك عدة أشكال وحسابات وتغيب عنها في غالبها شفافية الإعلان عن مكوناتها بشكل علني وعمومي، وتغيب عنها حتى محاسبة وتدقيق داخلي للهيئات المنظمة وخارجي لجهات مرخص لها ومعتمدة لذلك.

وفي موضوع معركة التغذية حيث ربحت المعركة في نقطة تقديمها، (والتي يجب التأكد من تعميمها) إذ بدأ تعميم تقديم التغذية بصفة فردية في اواني فردية ترجيحا للجانب الصحي الذي تضمنه، وللجانب التربوي في إبعاد التنافس والتسابق والسطو على حصص الآخرين في الاكل الجماعي، فإن مجموعة من الملاحظات لا بد من تسجيلها بهذه المناسبة:
 
ان تحضير التغذية تحت مسؤولية الجمعية المخيمة وتدبيرها هذا الباب من اختيار البرنامج والاكلة والمواد والسهرعلى التحضير والطهي والتقديم، تحت أنظار جهاز مختص وبعد مناقصات قانونية وتموين مضمون، يدخل ضمن رؤيا تربوية لحياة جماعية يعيشها الأطفال في كل مناحيها من إقامة واستقرار ونوم وأنشطة واستراحات وجولات ...، فهذا النوع من العطلة "الجماعية المنظمة" ليست كالجولات والأسفار السياحية الجماعية التي تتعامل مع التغذية فقط باختيار مطعم ووجبة غير مكلفة للمنظم، بل هو شكل من الحياة وجزء من الحياة التي يجب أن يعيشه المشاركون (الأطفال) ويتعودوا عليه ويتعلموا منه كذلك قواعد المشاركة وتقاسم المسؤوليات والتعاون وحسن الاختيار بالقيام ببعض الاعمال من المساعدة في جلب وتنظيم مواد التغذية مع المقتصد المحلي، والمساعدة في تحضير الأطعمة بتنقية الخضر، وتنظيم المطعم وتزيينه، والسهر على استقبال الأصدقاء وتوزيع الأطعمة وتنظيف المطعم ... وكل ذلك في إطار جماعي تربوي إبداعي تشاركي وليس "كورفي" لا غرض منه، أولا حاجة لنا فيه كما يدعي البعض، والتغاضي عن سلبيات التكدس / التحلق غير المريح حول مائدة لا هي دائرية ولا ثمانية في الغالب بها صحن دائري، والتسابق نحو الفوز بما هو مقدم في الصحن الجماعي وتعمد السرعة في الأكل للفوز بأكبر كمية ..
 
والعمل بهذا النوع من التغذية يسمح بإبداع من طرف الجمعيات، انطلاقا من خصوصيات محلية، وليس كما أصبحنا اليوم نرى على مستوى متعهدي التغذية حتى في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والجنائز بحيث أصبح الحديث عن احسن ما يقدم هو اللحم بالبرقوق والدجاج المحمر في الزيت بالزيتون، في كل أنحاء البلاد بنفس الشكل ونفس التوابل، وكان قديما تنوع طريقة تحضير الدجاج - مثلا - تختلف من مدينة ومنطقة إلى أخرى والطجين بالخضر سيد الاطباق في منطقة ولم يكن الفريت هو سيد الموائد، بينما كان برنامج التغذية يعتمد تنوعا لتوازن المواد، ولم يكن يعتمد على ميزانية قصوى بل على كراماج (مقاييس) ضروري للأطفال في نموهم، وسيقول قائل انه قد تم اعتماد برنامج تغذية معتمد هذه السنة من جهات بمافيها جهات طبية ..لكن الملاحظ أنه لم يتم الاعتماد عليه في الصفقات المبرمة، مما دعا حسب بعضهم إلى إلغائها، ولم يتم توزيعه على المسيرين والجمعيات المستفيدة ولم يتم تنظيم عمليات استقبال ومراقبة ذلك بمساطر معلومة ومعروفة. أضف إلى ذلك أن صيغة التحضير في عين المكان المرخص بها للمتعهدين سمحت لهم بتجاوزات في إطار فرض الأمر الواقع من تأخر تسليم المواد وتأخر التحضير وبذلك يتم التغيير إلى بدائل سريعة وغالبا اقل تكلفة!.
 
أضف الى ذلك أن تغيير نمط الحياة العادية بحياة أخرى بضوابط وتشارك وتعاون هو المقصود من العيش المشترك والحياة الجماعية التي تقدمها مؤسسة المخيم.
وهناك كذلك ملاحظة حول شكل تقديم الخبز الذي يشمئز منه الانسان السوي بتوزيع خبزة او "كوميرة" أو نصفها كحق نهائي لكل طفل في الوجبة، بينما يمكن استعمال تقديم ملائم بتقسيم الخبر الى أجزاء يمكن استهلاك الأول والثاني والثالث حسب الرغبة بدون ترك بقايا مؤكدة ترمى الى الازبال وتزيد من ظاهرة أخرى في كل المخيمات وهي أولئك الذين يعملون على جمع بقايا الخبز غير المستعمل للتجارة به!.
 
كما أن الموائد المستعملة الآن في أغلب المخيمات موائد بلاستيكية – موائد المقاهي والبلاجات والحدائق- لا تسمح بالجلوس السوي للأطفال حول المائدة جنبا لجنب خلافا للموائد القديمة المسماة "شارلو" خشبية الصنع والتي تسمح بذلك بسهولة، من دون استعمالاتها المتعددة والتي لا تسمح به موائد البلاستيك التي يتكدس الأطفال حولها والتي لا تصلح لشيء وتضر بالبيئة في حالة تعرضها لأي تلف ولو جزئي!.