الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: شكرا لبؤات الأطلس.. لقد كنتنّ في الموعد مع التاريخ

يوسف غريب: شكرا لبؤات الأطلس.. لقد كنتنّ في الموعد مع التاريخ يوسف غريب
كانت عاجزة عن مشاهدة  الركلة الترجيحية الأخيرة والحاسمة لفريقنا الوطني كرة القدم - سيدات.. وخبّأت وجهها بعلم بلدها منتظرة سماع صياح الفرحة من 45 الف متفرج، لا بمدرجات ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط فحسب، بل وفي كل  أرجاء الوطن.. في المقاهي والساحات.. في المنازل والتجمعات..
لا حديث إلا عن توقيت مقابلة سيحمل فيها العلم المغربي على صدور لبؤات الأطلس هذه المرّة نحو التتويج..
كانت الأرقام تخيفنا.. و الألقاب في خزانة الخصم ترعبنا.. ليرتفع منسوب الضغط بعد النزول إلى أرضية العراك… طويلات القامة.. بنيات جسدية صلبة.. وملامح صارمة..
وتذكّرنا بعد توالى الدقائق  ان اللبؤات ملكات التحدّي والصّمود والعنفوان.. لنعيش معكن يا زهرات بلادى لوحات إبداعيّة بعناوين مختلفة، عنوان الإنضباط والوعي بمسؤولية حمل راية البلد.. بين الدفاع الشرس عن العرين.. والهجوم المحكم والمبدع في مربع الخصم.
بين تحمل الخشونة والصّمود أمام ضربات الخصم.. وبين دموع لاعبة دفاع لحظة تسجيل هدف السبق ضدنا والتدخلات حد الإنتحار لحارسة شباككن، ستجعل من 120 دقيقة صفحة مشرقة من تاريخنا الجماعي كأمة ومجتمع ودولة… فبقدر ما نسجل هذا الحضور للمرأة المغربية في المحافل الرياضية الدولية بقدر ما علينا أن نفتخر بمجتمعنا الذي إحتضن الكرة النسوية  ،وإستوعب أن كرة القدم لا نوع فيها ولا جنس.. وأن الفتاة المغربية اليوم تقود ثورة ثقافية على المستوى العربي والإسلامي..
هي القيم التي تتأسس اللحظة  عبر كرة القدم بردح النزعة الذكورية وتراجعها نحو مجتمع المناصفة والمساواة..
وإذا كان إبن عربي قد ترك لنا  قولته المشهورة ( المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه أبدا)..
وإنّ هذه العبارة الآتية من أعماق زمن مضى لا تزال تطمح إلى تفعيلها في أزمنتنا الحاضرة وفي كل الأزمنة الإنسانية ، التي تسعى نحو قيم الحقّ والخير والجمال.
وعطفا عليها  فإنّ  تأنيث المكان في فضاءاتنا المختلفة يكتسب أهميّته في إشاعة قيم التسامح والإختلاف والتعايش والمساواة بين الجنسين، وفي النهوض بمجتمعاتنا وترسيخ قيم الديمقراطية والحريّة فيها للإنخراط في التاريخ المحلي والكوني.
نعم المكان الذي لا يؤنث، قد  يبقى مكانا لكن حين نضيف  إليه تاء التأنيث، فحينذاك يغدو مكانا ومكانة.
لكنّ مكانة خاصّة في قلوبنا يا زهرات بلادى.. وكم كان العلم الوطني جميلا بين أياديكن.. والنجمة الخضراء تنافس بهاؤكنّ.. وزئير النشيد الوطني يخترق أصداء إفريقيا نحو العالم.
أنتن السيدات والرائدات..
فخر الوطن والإنتماء..
شكراً سيداتي..
فقد كنتنّ في الموعد مع التاريخ