الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

فضيحة جزائرية.. استعراض عسكري لدبابات سوفياتية وخردة أسلحة

فضيحة جزائرية.. استعراض عسكري لدبابات سوفياتية وخردة أسلحة محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية
قال محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن الجزائر تعيش زمن المهازل والسفاهة وأنها لا تستطيع تصنيع مجرد خرطوشة صيد، وذلك على خلفية ما اعتبرته الجزائر، أضخم استعراض عسكري لها يوم الثلاثاء 5 يوليوز 2022.
وقال الطيار في تصريح خص به جريدة "أنفاس بريس"، أن هذا "الاستعراض" كشف ضعف النظام العسكري الجزائري وهشاشته، بعد عرض دبابات تعود إلى العهد السوفياتي أربعينيات القرن الماضي..
فيما يلي تحليل محمد الطيار، الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية:

في بلد يستورد معظم ما يأكل ويلبس،  تم تنظيم استعراض عجيب للخردة العسكرية، واكب الإعلان عن تنظيمه حملة إعلامية حاولت أن تقدمه بأنه الأضخم في تاريخ الجزائر، وأن أهميته تأتي من كونه جاء بعد 33 سنة من الغياب، لم تشهد خلالها الجزائر تنظيم أي استعراض عسكري، حيث يعود آخر استعراض إلى سنة 1989 في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، قبل أن تنزلق البلاد في دوامة أزمة أمنية شهدت مجازر عديدة استمرت طيلة 10 سنوات، عرفت بمرحلة العشرية السوداء، 10 سنوات كتبت بالدماء حيث قتل مايقارب 200 ألف واختفاء أزيد من 7200 جزائري، لازال مصيرهم  مجهولا، و لازال ملفهم بمثابة شوكة في حلق النظام العسكري الجزائري.

 تلك العشرية التي وُصفت في بعض الصحف الأوروبية بأنها "حرب أهلية جزائرية"، كشفت بشكل كبير عن  تورط أجهزة المخابرات في "صناعة الإرهاب" بشكل سافر لخلط الأوراق، من أجل إقبار المسار الديمقراطي لسنة 1992.

بمناسبة الذكرى الخمسين لاندلاع الثورة، كان من المقرر سنة 2004 تنظيم عرض عسكري، لكنه ألغي بأمر من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي  برر إلغاء العرض برغبته في تجنب سوء فهم المغرب، حفاظا على روح الأخوة، وتجنيبا لمنطقة المغرب العربي لكل ما من شأنه إشعال نار الفتنة والحرب.

غير أنه وبعد سنوات من تراجع الجزائر على جميع المستويات، لم يعد النظام العسكري يحافظ على قدر معين من روح الاخوة أو الأعراف الدبلوماسية في علاقته مع الغير، فقد أبان منذ تعيين الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، عن درجة كبيرة من التخبط والسفاهة الدبلوماسية والعزلة والسقوط في وحل الغباء والبذاءة وانعدام الموثوقية.

لقد تجند الإعلام الجزائري التابع للنظام العسكري، لإبراز ضخامة وقوة الاستعراض العسكري المنظم يوم 5 يوليوز 2022، بمناسبة الذكرى الستون للاستقلال، واتفق على ترديد عبارات تؤكد أنها من مصدر واحد، ظهرت بشكل موحد تقول بالحرف: "ويحمل الاستعراض العسكري المنتظر عدة رسائل سياسية، بعضها موجه للداخل وأغلبها للخارج، خصوصا جار السوء بالغرب".
ثم جاء اليوم الموعود، وتابعنا هذا "الاستعراض المعجزة" الذي يستهدف "جار السوء"، وقلنا أن الحملة الإعلامية التي واكبت تنظيم هذا الاستعراض، لا بد أنها تستعد لتقديم مفاجأة كبيرة كالإعلان عن اختراع سلاح جديد تسير بذكره الركبان، أو أقله عرض معدات وأسلحة مصنعة حديثا بالخارج، وقد جرى تطويرها وتعديلها من طرف الجيش على أيدي كفاءات جزائرية، غير أن الواقعة أكدت مرة أخرى أن الجزائر تعيش زمن المهازل والسفاهة وأنها لا تستطيع تصنيع مجرد خرطوشة صيد، ذلك أن هذا "الاستعراض الضخم" كشف بشكل بارز عن ضعف النظام العسكري وهشاشته، فقد تم عرض العديد من الدبابات التى تعود إلى عهد الاتحاد السوفياتي، وإلى سنوات الأربعينات والخمسينيات من القرن الماضي، وهي تسير بصعوبة بالغة في الشارع المخصص للاستعراض والدخان ينبعث منها بكثافة معبرا عن حالتها المتردية. 

خلال هذا الاستعراض تم عرض العديد من المعدات، التي تبين عن حق أن مايسمى بالجيش الشعبي لا يمتشق سوى سلاحا عبارة عن خردة تعود إلى العهد السوفياتي، وقد تم كذلك عرض بعض منظومات الدفاع الروسية المعدة للتصدير ك "300S  " وهي منظومات وقف الجميع على فشلها، خاصة في الحرب بين أرمينيا وأدربيجان وفي حرب روسيا على أوكرانيا، ولم تعد تشكل أهمية كبيرة في سوق الأسلحة.

غير أن ما ميز هذا العرض المهزلة الذي يستهدف المغرب، هو انكشاف وانهيار أكاذيب النظام العسكري الجزائري الذي دأب على تسريب معلومات تتعلق بامتلاكه  لمنظومة "400S" في إطار سياسة الردع، بل وعلى "صواريخ الاسكندر" الروسية بعينها، وهي معلومات كثيرا ماروجها الذباب الإكتروني والاعلام التابع للنظام العسكري، وقد فضح هذا الاستعراض درجة تعاطيه للكذب بدون استحياء، رغم أن روسيا لم تعلن قط عن أي صفقة بيع تفيد حصول الجزائر على منظومة "400S" وصواريخ الاسكندر،  فجاء هذا الاستعراض العجيب ليظهر زيف إدعاءات النظام العسكري الجزائري ويشكل له فضيحة كبيرة. 

بمناسبة الذكرى الستون لاستقلال الجزائر، عرض النظام العسكري أمام أنظار العيان جيشه الذي ينوي به خوض حرب ضد المغرب في القرن الواحد والعشرون، بمعدات يعود أغلبها الى القرن الماضي، تعاني من الصدأ الشديد وسوء الصيانة، الأمر الذي لا شك خلف الكثير من التهكم والاستغراب والاستهزاء لدى المتتبعين والمهتمين بالشأن العسكري، وكشف هيمنة الغباء الشديد على كل إجراء يتخذه النظام العسكري الجزائري ويبتغي من وراءه معاكسة المغرب وإبراز مقدار حقده وعداوته.