هل يستطيع محلل سياسي، ذو بال، أن يقول لنا أو يدلّنا على نوع أو فصيلة الزرزور الذي ضرب أمين عام هذا الحزب، صاحب شعار "عفا الله عمّا سلف"، الذي حلّ بين عشية انتخابات 2011 المبكّرة وضحاها محلَّ شعار "صوتك فرصتك ضد الفساد"، وهو الشعار الكاذب بكل معايير "الفترة البنكيرانية الكحلة"، التي انقلبت فيها موازين صندوق الدعم أو الموازنة، وأُعفِي فيها جيشٌ عرمرمٌ من المفسدين ومهرّبي العملة وغاسلي الأموال من المتابعة، وهي أيضاً الفترة التي وصلت فيها إحصائيات الأموال المهربة إلى نحو واحد وأربعين مليار دولار، ولم يزد مجموع ما أعيد منها إلى أرض الوطن على المليارين، أو أقل، بالرغم من الحوافز البالغة أقصى درجات السخاء، والإغراء، تحت الشعار الهجين ذاته: "عفا الله عما سلف"، وهي كذلك، الفترة التي أصبحت فيها تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات مجرد "خضرة فوق طعام"، وتقلصت فيها متابعات المفسدين، وناهبي المال العام، ومُنَظِّفي الثروات الحرام، إلى ما يقارب "الصفر"... وحدّث في هذا الاتجاه ولا حرج!!
هذا الرجل، بوجهه السياسي "المقزدر"، لا يجد أدنى ذرة حياء في خروجه علينا، بالأمس، واول أمس، واليوم، وربما سيستمر في فعل ذلك غداً، بتصريحات يعجز المرء عن وصفها، يَنعي فيها ضحايا الغارات الإسرائيلية على إيران، ويؤكد فيها دعمه لأمبراطورية فارس المهلهلة، بالرغم من كونه وحزبه هما الموقعين الرئيسيين على "اتفاقية أبراهام" الثلاثية، بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وحتى وهو يعلم علم اليقين تورّط الحرس الثوري الإراني، وذراعه اللبناني "حزب اللات"، في دعم ميليشيات البوليساريو، أو بالأحرى فصائل الجزائر الجنوبية، بالمال والسلاح وبالتداريب، بل وبأنفاق تحت أرضية حفرها خبراء إيرانيون بسواعدهم، بعد أن أرسلهم "ملاّلي طهران" لهذا الغرض بالذات، إلى الجزائر، وتحديدا إلى صحرائنا الشرقية المحتلة!!
فأين نضعك يا بنكيران؟ وأين نصنّفك وأنت تخرج علينا هكذا عارياً وبلا ماكياج ولا حتى بورقة توت تستر بها عورتك السياسية؟!!
معذرة عن هكذا تعابير، فهذا الرجل يتفنّن فعلا، وإلى أبعد الحدود، في إخراج المرء من جلدته مهما كان كيِّساً وصبوراً، ويستحق بالتالي كل ما قد يخرج في مخاطبته عن اللباقة والكياسة وحفظ ماء الوجه، لأنه صار بخرجاته فاقداً لماء وجهه السياسي، أو بالأحرى، لما تبقّى من ذلك الماء بعد العشرية الكالحة التي قضاها هو وحزبه فوق دَكَّة السلطة التنفيذية (والكلام هنا، وبكل تأكيد، ليس موجهاً لشخصه)!!
إيران تواجه اليوم خطر التفكك والانشطار إلى دويلات لا تقل هوانا عن لبنان التي دوّخها وشلّ حركاتِها حزبُ اللات "الإيرانولبناني"، أو "الأهواز" التي احتلتها إيران واستعبدت أهاليها، المسلمين يا حسرة... وكل ذلك، بدلا من أن تُحقق منه إيران الحلم الذي أدمنت عليه القيادات الإيرانية منذ ثورة الخميني، التي فبركتها فرنسا على نار هادئة أيام كان آية الله الخميني ضيفاً عليها، أقصد الحلم ببعث أمبراطورية فارس من الرماد، كما ينبعث طائر "الفينيق" في الميثولوجيا الإغريقية، أو الفرعونية، او الفينيقية، بحسب اختلاف آراء الباحثين والدارسين... وها هي الآن تشرف على السقوط النهائي والمبرَم، وبالرغم من كل ذلك، يطلع هذا الشيخ من بين ظهرانينا ليلقي علينا فذلكاتِه ومَرثِياتِه، وليذكّرنا بذلك من حيث يقصد أو لا يقصد، بأن لإيران، ربما، جميلاً ويداً بيضاء في عنقه يحاول الآن ردّها كما هي، أو بأحسنَ منها، كما تُرَدُّ التَّحايَا!!
والأدهى من ذلك كله أيضا، أن الرجل، أقصد السي عبد الإله بنكيران بشحمه ولحمه، يعلم علم اليقين، أيضاً، بأن لإيران التي يتباكى عليها خارج الصفّ، وخارج أسراب المغاربة الأقحاح، تحالفاً لا تخفى خباياه على أحد مع جارتنا اللذوذ الجزائر، ومع لقيطتها الجمهورية الصحراوية الفضائية كما سلفت الإشارة... ومرة أخرى، أين نصنّفك يا سي عبد الإله؟!
السؤال الآن موجه إليك يا أمين عام حزب العدالة والتنمية، أين نضعك بين طول وعَرض خريطتنا الوطنية والمواطِنة؟!!
عجبي!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.
عجبي!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.