أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن اعتماد التاسع من دجنبر يوما وطنيا للوساطة المرفقية يجسد العناية الخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لورش إصلاح الإدارة وتكريس مبادئ العدل والإنصاف في علاقة المواطن بالمرفق العمومي.
وأوضح بايتاس، خلال كلمته في اللقاء الوطني الذي نظمه وسيط المملكة بالرباط، الثلاثاء 9 دجنبر 2025، بمناسبة تخليد اليوم الوطني للوساطة المرفقية، أن هذا القرار الملكي يحمل بعدا رمزيا ومؤسساتيا عميقا، لكونه يوافق تاريخ إحداث مؤسسة ديوان المظالم سنة 2001، بما يعكس استمرارية الاهتمام الملكي بترسيخ ثقافة الوساطة وتعزيز الثقة بين الإدارة والمرتفقين.
وأشار الوزير إلى أن اللقاء يأتي بعد صدور منشور رئيس الحكومة المتعلق بتعزيز التعاون مع مؤسسة وسيط المملكة، معتبرا أن هذا التوجه يشكل محطة نوعية في مسار إرساء علاقة مؤسساتية قائمة على النجاعة والمسؤولية لمعالجة الشكايات والتظلمات الإدارية.
وأضاف أن المنشور الحكومي لا يكتفي بوضع توجيهات عامة، بل يؤسس لمرحلة جديدة تقوم على جعل المواطن محور العملية الإدارية، واعتماد الوساطة كآلية فعالة لتسوية النزاعات وتحقيق الإنصاف.
واستعرض بايتاس أبرز التوجيهات الملكية التي شكلت الأساس المرجعي لإصلاح الإدارة المغربية، ومنها الرسالة الملكية سنة 1999 حول دعم الأخلاقيات بالمرفق العام، التي شددت على أن "أول واجبات المرفق العام هو الالتزام بالأخلاق الحميدة وخدمة المواطنين بإخلاص". كما أشار إلى الخطاب الملكي سنة 2016 من أن بقاء علاقة الإدارة بالمواطن دون تحسن قد يشكل عائقا أمام تقدم المغرب.
كما توقّف الوزير عند بلاغ الديوان الملكي الصادر في 24 مارس 2025، الذي دعا إلى إضفاء دينامية جديدة على المؤسسات المستقلة وتعزيز تفاعلها مع باقي الهياكل لخدمة الأوراش الوطنية الكبرى.
وفي الجانب التشريعي، أبرز الوزير أن الدستور المغربي من خلال الفصول 154 إلى 157 حدّد بوضوح المبادئ المنظمة للمرافق العمومية، مثل الحياد والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأضاف أن القانون 54.19 شكل منعطفاً حاسماً في هذا المسار بصفته ميثاقاً جديداً للمرافق العمومية يرسخ الإنصاف الترابي، الجودة، والانفتاح على المواطنين.
وأكد أن هذا الإطار القانوني منح الإدارات أدوات عملية لتقييم الأداء وتطوير الخدمات بما يعزز ثقة المواطنين في مؤسساتهم.
وتحدّث بايتاس عن المجهودات الحكومية في ميدان الرقمنة باعتبارها مدخلا رئيسيا لتقريب الخدمات، مشيرا إلى تطوير مكتب الضبط الرقمي، التوقيع الإلكتروني، الشباك الإلكتروني للخدمات، ومنصة idarati.ma، التي تمكّن المواطنين من تتبع طلباتهم عبر آليات عصرية وشفافة.
وأوضح أن هذه المشاريع تندرج ضمن رؤية المغرب الرقمي 2030، مؤكدا على ضرورة أن تبقى الرقمنة وسيلة لتقريب الإدارة لا لتكريس الفوارق الرقمية.
وشدد الوزير على أن مؤسسة وسيط المملكة تلعب دوراً محورياً في دعم الإصلاح الإداري وتكريس مبادئ العدالة والإنصاف، داعيا الإدارات العمومية إلى التفاعل الجاد مع توصياتها وتعيين مخاطبين مؤهلين للتنسيق المستمر معها.
واختتم بايتاس كلمته بالتأكيد على أن إرساء علاقة جديدة بين الإدارة والمواطن، قوامها الثقة والالتزام والاحترام المتبادل، يمثل فرصة حقيقية لتحقيق التحول المنشود في أداء المرافق العمومية، في انسجام مع المشروع المجتمعي الذي يقوده الملك محمد السادس.