رقمان صادمان جعلني أضع يدي على قلبي حول مستقبل مدينة وزان.
الرقم الأول: يرتبط بالتفريغ الديمغرافي الذي تتعرض له وزان. إذ في ظرف عشر سنوات، وعلى عكس باقي أقاليم الشمال، عرف إقليم وزان نقصا في عدد سكانه بنسبة 1%، خاصة في جماعات: وزان، بريكشة، بني كلة وسيدي أحمد الشريف. وما يثير التساؤل أنه في الوقت الذي عرفت وزان تفريغا سكانيا من تراب الإقليم، تميزت الأقاليم التابعة لجهة طنجة بانتفاخ ديمغرفي لافت بزيادة قاربت 1،5% خلال نفس المدة.

عبد الرحيم أريري ومنظر عام لمدينة وزان
وجاهة السؤال الحارق ترتبط بالمبرر الذي قدم في سنة 2009(تاريخ إحداث عمالة إقليم وزان)، من كون خلق العمالة سيساهم في تثبيث السكان، بل وجعل وزان ذات جاذبية ترابية لاستقطاب ساكنة المناطق المجاورة على امتداد محور سهل الغرب وجبال الريف، فإذا بالعكس هو الذي حصل.
الرقم الصادم الثاني: يتمحول حول ارتفاع نسبة الطلاق في وزان بنسبة 2،6% في الفترة بين 2014 و2024، علما أن منطقة وزان اشتهرت على مر التاريخ بإعطاء مكانة خاصة لمؤسسة الزواج ولمؤسسة الأسرة، فإذا بها اليوم تشكو من زحف لوثة اللااستقرار في العلاقات الزوجية. بحيث إذا استمر منحنى الطلاق في الصعود، فسيزيد ذلك من تفاقم تفريغ إقليم وزان من السكان، ليس لقلة الخصوبة وغياب جاذبية استقطاب ساكنة أخرى فحسب، بل لغياب المحاضن التي بفضلها تقع الخصوبة وإمداد المجال الترابي بالمواليد الجدد.
أمام هول هذه المعطيات وغياب دراسات تنور الرأي العام الوطني وتساعد السلطة العمومية على فهم أسباب هذا التحول، قصدت ضريح "دار الضمانة"، حيث دفن مولاي عبد الله الشريف، مؤسس الزاوية الوزانية، وأنا استحضر القولة المأثورة عن القطب الرباني مولاي عبد الله الشريف، حين قال:"دارنا هذه كسفينة نوح، من ركبها قد نجا".

عبد الرحيم أريري في بهو منزل أحفاد مولاي عبد الله الشريف
ومن يدري لعل وساطة أحفاد مولاي عبد الله الشريف، لدى صانعي القرار بالرباط، أن يشفع بتدخل مركزي مدروس ومفكر فيه لإعادة التألق والبهاء لوزان، علما أن الزاوية الوزانية لها ماض مشرق في تاريخ المغرب بتأثيرها الإيجابي في مسار الحكم، وبالتالي فهي قادرة اليوم، بامتدادات أبنائها وبناتها، أن تساهم في رد الاعتبار لوزان، وقد شدت من قبل لحمة الشمال ككل..
إن مدينة وزان من بين أقدم الأنسجة الحضرية بالمغرب. ومن غير اللائق أن يبقى المغرب يتفرج على النزيف الذي يهدد حاضنة قبائل مصمودة ورهونة وبني مسارة وغزاوة، بالتآكل والإقصاء.
و"شايلاه أدار الضمانة"!