Tuesday 2 December 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: كلام خطير خارج السياق

إدريس المغلشي: كلام  خطير خارج السياق إدريس المغلشي
الكلام يعكس حقيقة المدبرين الحاليين الذين ابتليت بهم السياسة في الوقت الراهن .فحين خرج علينا وزير التربية ياحسرة بتصريح لايضبطه عقل ولا يحكمه قانون فيما يشبه دردشة عابرة لكنها خطيرة وطائشة، بعدما ألقى في وجه الجميع معطيات أصابتنا بالصدمة وصرنا نحلل ونفكك لنصل إلى نتيجة مفادها أننا فقدنا البوصلة في كثير من الملفات الحيوية، من خلال تصريحات لامسؤولة تزرع الشك في المؤسسات والخوف على مصيرنا المشترك، فيما يشبه الأحاجي المفزعة بغية الإثارة.  
 
فضح التصريح المعلوم ما نعيشه من ارتباك لحدود الساعة بعدما تسلم مقاليد القطاعات أناس لاعلاقة لهم بالمجال، وهم يتناوبون على مجالات قتلوا فيها كل فرص الإصلاح ، لم تستقر منظومتنا على شط وأصبح قدرها المتعثر أن تتلاعب به الأيادي كماهي الإرادات . ومن سوء حظها العاثر أن حفنة من الشناقة أحكموا قبضتهم عليها في زمن تواطأ فيها انعدام الكفاءة ولغة الصمت الرهيب. 
 
حاولنا فهم ماجرى  لكن ذهب الجهد سدى، بعدما أيقنا أن المسؤول الأول على القطاع  أصابه الخرف، ولم يعد يعقل مايقول وهو يجر وراءه فضيحة صفقة الأدوية التي تمت من تحت الطاولة ولم يجف بعد مداد تدوين فقراتها المستفزة . فكان وفيا سيرا على نهج كبيرهم الذي علمهم السحر فأنكر وتجاهل رغم أن كل المعطيات تثبت تورطه وتفضح بما لايدع مجالا للشك، أننا أمام حكومة تضارب المصالح التي مازالت تمطرنا في كل لحظة بفضيحة تلو أخرى، مصرة على إتمام مرحلة تسييرها بالعلامة الكاملة من الإفلاس السياسي والاخلاقي.
 
 ليتساءل أحد المتتبعين لماذا لايستقيل الوزير مع وجود هذه الاختلالات؟ وهل أصبح الأمر عادي إلا توقع مغادرة مسؤول لمنصبه رغم فداحة الفعل، بل قد نجده يصر على البقاء والدفاع عن منصبه في وقاحة قل نظيرها سياسيا. 
 
من حسنات تصريحات بعض الوزراء أنها تكشف لنا حقيقة التدبير ومدى تمكن المعني بالأمر من مجال تدبيره، بل بعض المفردات تنسف كل مقومات التواصل لنتساءل: هل  الوزير  فعلا يعي مايقول وهو يخاطب قطاعا يضم النخبة، وأن درجة الوعي لدى عموم المواطنين تدقق في كثير من الكلمات، فهي محددات للتوجه العام قد تزرع الأمل حين تتبنى لغة العقل والاتزان والصدق، وقد تنشر الإحباط حين يتكلم بلسان فاقد للجرأة والصراحة وهو يرسم أحلاما وردية بعيدة عن الواقع ؟
 
الوزير وهو يحاول تلميع صورة مدرسة الريادة دون أن يبذل مجهودا من خلال التقييم كآلية تنقل المشروع من التجريب إلى التبني وهذا دليل على أننا نبني مقارباتنا فوق ركام من التجارب الفاشلة دون ان نعي أننا نقوم بهدر فظيع للموارد والمقدرات. من يستمع لخطابه وهو يقدم نصيحة تشبه إلى حد بعيد وصلات إشهارية خادعة غير موثوقة .كيف لا وهو صاحب شركات تنشط في (المصاصات.) ومادام كلام صاحبنا خرج من مخيلته كاجتهاد يضرب عرض الحائط بالمؤسسات فقد سقط في خطإ ثاني دون أن يزن كلامه مرة اخرى حين طلب من المواطنين توفير النقل للبحث عن مدرسة الريادة دون أن يقدم سببا وحيدا يجعل الناس يقبلون عنها، ثم من يفترض فيه القيام بذلك يا وزير التعليم المحترم ؟
 
إننا امام لحظة شعبوية بامتياز حين تحول الحديث من مسؤول ينتظر الآباء منه أن يطمئنهم على فلذات أكبادهم، رأينا كيف انقلبت المعادلات ولم نعد نفهم الأدوار في زمن ساد فيه العبث . ومما زاد الطين بلة أن يصف المسؤول القطاع، الأطر الجديدة عديمة التجربة كونها (مكفسة ) وهو نعث قدحي يستوجب المساءلة والاحتجاج . لكن ماذا نفعل في زمن ترتكب فيه الفضائح في مرفق عام وعوض استقالة المسؤول يصر ليس على البقاء  ليصحح على الأقل أخطاءه ويعتذر لجميع المواطنين، بل  ليوزع أقبح النعوث ويزرع الفتن بين الكل. 
إننا فعلا في زمن السيبة... والفوضى.