Sunday 2 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

محمد البزاز : قرار مجلس الأمن 2797... تكريس لسيادة المغرب على الصحراء

محمد البزاز : قرار مجلس الأمن 2797... تكريس لسيادة المغرب على الصحراء محمد البزاز
يعتبر قرار مجلس الأمن رقم 2797 بكل تأكيد انتصار للحقوق الثابتة للمغرب على الصحراء، وهو في ذات الوقت تكريس صريح لشرعية السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية المسترجعة. حقيقة يشكل قرار مجلس الأمن رقم 2797، منعطفا حاسماً في مسار تفاعل منظمة الأمم المتحدة مع قضية الصحراء المغربية، سواء من حيث شكل القرار أو من حيث مضمونه، فقد صدر هذا القرار عن أهم جهاز رئيسي في نظام الأمم المتحدة، وفي إطار الفصل السادس من الميثاق، وذلك بموافقة إحدى عشر دولة عضو في المجلس، وامتناع ثلاث دول ولم تعترض عليه أي دولة.
في تقديري، ومن منظور القانون الدولي، فإن ما يجعل هذا القرار الأخير يندرج ضمن المكتسبات الهامة التي حققها المغرب على مستوى تكريس مشروعية حقوقه التاريخية على الصحراء، هو اللغة القانونية الجديدة التي استعملها القرار، مقارنة بقراراته السابقة المتعلقة بملف الصحراء. 
حقيقة، منذ أن تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي إلى منظمة الأمم المتحدة في شهر أبريل 2007، جاءت قرارات مجلس الأمن التي صدرت بعد هذا التاريخ، لتؤكد على أرجحية المقترح المغربي في تعاطي المنظمة مع ملف تسوية هذا النزاع الإقليمي بشأن الصحراء، بعد المساندة الكبيرة لمبادرة الحكم الذاتي المغربي من طرف العديد من الدول والقوى الدولية؛ وكانت هذه القرارات تصف دائما هذه المبادرة بكونها "جدية وذات مصداقية". 
وعند التمعن في مضمون القرار رقم 2797، يتبين أن مجلس الأمن يؤكد بشكل واضح على سيادة المغرب على الصحراء، حيث يصرح في البند الرابع من هذا القرار "أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى"، وأنه "أساس لحل عادل ودائم ومقبول"، فهذا التوصيف القانوني باستعمال مفهوم "السيادة المغربية" وكونه "أساس الحل العادل"، يشكل في نظري اعترافا صريحا من مجلس الأمن بمغربية الصحراء، بعد الاعترافات المتتالية والواسعة للدول أعضاء المنظمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، وبالتالي فإن أي مفاوضات مستقبلية بين الأطراف المعنية بنزاع الصحراء يجيب أن تكون وفق هذه المرجعية القانونية الجديدة التي حددها مجلس الأمن، وفي إطار احترام السيادة المغربية على الصحراء.
ولعل هذه القراءة القانونية التي تجعل من مبادرة الحكم الذاتي هي الأرضية المرجعية الوحيدة لأي مفاوضات مستقبلية من أجل الطي النهائي لملف الصحراء، هو ما يتجلى كذلك في تصريحات ممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التي صوتت لصالح هذا القرار، عندما أخذت الكلمة لتبرير موقفها المساند للقرار وتفسير موقفها.د حيث اعتبر المندوب الفرنسي لدى منظمة الأمم المتحدة في تدخله "أن حاضر ومستقبل الصحراء يقعان في إطار السيادة المغربية، وندعمد مقترح الحكم الذاتي دعما راسخا باعتبارها السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم لهذا النزاع".
وبالتالي فإن صدور هذا القرار الأممي بهذه المرجعيات القانونية المؤطرة للمفاوضات من أجل الطي النهائي لملف الصحراء، يعتبر نجاحاً باهراً للديبلوماسية المغربية باعتمادها الدائم على الطرق السلمية في تدبيرها لملف الوحدة الترابية، بما يتماشى مع القانون الدولي المعاصر. فصدور هذا القرار بهذا الزخم القانوني ينضاف إلى مجموعة من المنجزات الدبلوماسية المتتالية بخصوص مسار استكمال الوحدة الترابية، وهو من ثمار الدبلوماسية النشطة والحكيمة لجلالة الملك محمد السادس وتوجيهاته المتبصرة والاستشرافية، وعلى مختلف المستويات في تفاعل المغرب مع محيطه الدولي، والانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير. وهذا ما أدى إلى رسم الحدود للمسار التفاوضي النهائي الذي يجب أن يرتكز على تفوق وجدوى المقاربة القانونية المغربية، باعتبارها هي الحل السلمي والواقعي الوحيد لهذا النزاع الإقليمي المفتعل الذي دام لأكثر من خمسين عاماً.
 
محمد البزاز، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية جامعة مولاي إسماعيل مكناس