محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: بتعليمات من العامل.. اكتشفت 64 شبحا في ملف الإنعاش الوطني

محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: بتعليمات من العامل.. اكتشفت 64 شبحا في ملف الإنعاش الوطني محمد شروق
تنشر جريدة "أنفاس بريس" حلقات من ذكريات ومذكرات الكاتب الصحافي محمد شروق، انطلاقا من قضائه للخدمة المدنية بوزارة الداخلية والإعلام (قطاع الإعلام) في 01 دجنبر 1986؛ إلى إحالته على المعاش في 25 مارس 2024، بعمالة الدار البيضاء أنفا كمسشار للعامل في الصحافة والاتصال.

لم ولن يحدثني العامل حسن الرحموني عن اصطدامي بمخبره وصديقه المقرب؛ ولم يطلب مني أي استفسار حول الموضوع.
 
بعد أيام، سيكلفني بملف مهم يتعلق ببحث وتحقيق في ملف بطائق الإنعاش الوطني، ومن يستفيد منها. 
اتصلت بمندوب الإنعاش الوطني وهو تابع للعمالة. كنت عنده بالمكتب في الموعد المحدد. طلبت منه قائمة المستفيدات والمستفيدين من بطائق الإنعاش الوطني مع بطائقهم الوطنية.
كانت تعليمات العامل تتلخص في أن يتم استدعاء جميع من يتوفر بطاقة للإدارة للتأكد من هويته أمامي.
تسلمت الملف لأكتشف بأن بعض رجال السلطة وغيرهم من مسؤولين يستفيدون من بطاقيتين أو ثلاثة أو أكثر، في شخص سائقين أو طباخين أو بستانيين..، علما أن كل بطاقة تمكن من الحصول نقدا على مبلغ 820 درهما في الشهر.
بدأت بالاتصال بهؤلاء لإرسال المشتغلين معهم إلى إدارة الإنعاش الوطني للتحقق من  هوياتهم. هنا سأفاجأ بأن أغلب هؤلاء أشباح وأن البطائق كانت تعطى في شكل منح.
كان البعض يحاول التماطل والتأجيل، فكنت أعطيه الوقت وهو يعلم أننا نتكلم عن أشباح، وفي الاخير يستسلم. 
الغريب أن مندوب الإنعاش الوطني الذي لم يكن يعلم أنه قد أقيل من منصبه لأن العامل أخبرني بذلك، تجرأ وعرض علي الاستفادة من بطاقة أو بطاقتين..غريب!!!
فبعد يومين، سيتم تعويضه بكولونيل كان يتنقل يوميا من القنيطرة إلى المحمدية. 
بعد فترة من الاشتغال على الملف، بقيت 64 بطاقة بدون التعرف على أصحابها.
قدمت للعامل تقريرا مفصلا حول الموضوع دون أن أتلقى أي منحة أو أي شيء من هذا القبيل. لكن السؤال الذي طرحت آنذاك: ما هو مصير هذه البطائق؟
 
كنت أدرك جيدا أن حسن الرحموني الذي أعرفه منذ سنوات وزارة الإعلام، أنه لن يغفر لي ما اعتبره هو اعتدائي على صديقه المخبر. 
والدليل حرماني من السكن الوظيفي من بين نحن الأربعة القادمين من الرباط؛ المحسوبين عليه.
بعد قضائي حوالي ستة أشهر بالديوان، سيطلب مني العامل الانتقال إلى العمل بكتابته الخاصة حيث يوجد محمد فراح القادم هو الآخر من وزارة الإعلام وكاتبتين.
التحقت بالكتابة الخاصة وهي تجربة مهمة لأنها تعطي الإمكانية للاطلاع على كل ما يتوصل به العامل من بريد وتقارير وعلى تعليماته التي يدونها على الملفات.
كان العامل يطلب منا التعامل بقلة احترام مع رؤساء الأقسام الذين يبعثون بملفات يعتقد هو أن فيها أخطاء أو هفوات. كان يطلب منا الاتصال بهم وتأنيبهم. وهو شيء لم أكن لأقدر شخصيا على تلبيته لأخلاقي ولاحترامي لأشخاص مسؤولين كنت على علاقة ود واحترام بينهم.
كنت أنقل تعليمات العامل بكل أدب وابتسامة.
طبعا، كان كل شيء يصله عبر مخبريه المنتشرين في ممرات الطابق الأول للعمالة الذي توجد به مكاتب رؤساء الأقسام والديوان والكتابة الخاصة. فقد عوض "الشواش" المدنيين بالمخازنية مع إعطائهم تعليمات بالاتصال به في أي وقت من الهواتف المتاحة في مختلف المكاتب.
تعاملي المؤدب مع هؤلاء المسؤولين أغضبه دون أن يعلن عن ذلك مباشرة، ولكن كنت أشعر بأن الأجواء غير صحية ومتوترة لدرجة ترددت في طلب العودة إلى وزارة الإعلام.
كنت أحضر للمكتب حوالي الساعة التاسعة أو التاسعة والربع، فتقول لي الكاتبة إن العامل اتصل بها في الساعة الثامنة والنصف وسأل عني. كنت أرد عليها في تحد صارخ: غدا إن شاء الله سأحضر متأخرا في نفس التوقيت وليكن ما يكون فلم يعد لي ما أخسره. السائق والمطعم؟؟
أنا ابن الشعب ومعتاد على وسائل النقل العمومي و10 دراهم تكفيني للغداء..
طبعا كل ما أكتبه عليه شهود أحياء..
يتبع..