عمر المصادي: "الغدر السياسي" بين السلطة والبدلة العسكرية.. من يحكم الجزائر؟

عمر المصادي: "الغدر السياسي" بين السلطة والبدلة العسكرية.. من يحكم الجزائر؟ عمر المصادي
منذ الإستقلال، ظل المشهد السياسي الجزائري محكوما بعلاقة معقدة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية، علاقة اتسمت بالتداخل أكثر مما اتسمت بالفصل الواضح للمهام، فالدستور ينص على دولة مدنية، غير أن الممارسة السياسية كثيرا ما كشفت عن حضور قوي للجيش في صناعة القرار، خاصة في اللحظات المفصلية من تاريخ البلاد.

في السنوات الأخيرة، عاد هذا الجدل إلى الواجهة مع بروز ثنائية الحكم بين رئاسة الجمهورية وقيادة المؤسسة العسكرية، حيث بدا أن مراكز النفوذ لم تعد متطابقة دائما في الرؤية أو المصالح، هذا الوضع أعاد إلى الأذهان تجارب سابقة، كان فيها التحالف بين السياسي والعسكري تحالفا ظرفيا، سرعان ما يتحول إلى صراع صامت أو مفتوح.

يستخدم بعض المراقبين تعبير "الغدر السياسي" لوصف لحظات الإنقلاب على التوافقات، أو كسر التوازنات التي تبنى داخل هرم السلطة، ولا يقصد بالغدر هنا معناه الأخلاقي المباشر، بل دلالته السياسية: أي إقصاء الشريك، أو تحميله كلفة الأزمات، أو إعادة رسم موازين القوة على حسابه.

في هذا السياق، يطرح تساؤل جوهري حول طبيعة العلاقة بين الرئاسة وقيادة الجيش: هل هي شراكة استراتيجية قائمة على توزيع أدوار واضحة؟ أم مجرد هدنة مؤقتة تفرضها الظروف، بانتظار لحظة الحسم؟ التاريخ السياسي الجزائري يوحي بأن مراكز القوة نادرا ما تتعايش طويلا دون احتكاك، خاصة عندما تتقاطع ملفات الشرعية، والإقتصاد، والتمثيل الشعبي.

غير أن اختزال الأزمة في أشخاص بعينهم يظل تبسيطا مخلا، فالإشكال أعمق، ويتعلق ببنية نظام سياسي لم يحسم بعد خياره النهائي بين الدولة المدنية الخاضعة للمساءلة الشعبية، والدولة التي تلعب فيها المؤسسة العسكرية دور الحكم والفاعل في آن واحد.

في ظل هذا المشهد الضبابي، يبقى السؤال مطروحا في الأوساط السياسية والإعلامية دون إجابة حاسمة: عندما تضيق دوائر السلطة وتتصادم المصالح، من سيسبق الآخر إلى كسر التحالف؟

هل تكون الغلبة للمؤسسة العسكرية ممثلة في شنقريحة، أم للرئاسة ممثلة في عبد المجيد؟
أم أن التجربة الجزائرية ستعيد إنتاج سيناريو مألوف، يكون فيه الخاسر الحقيقي هو الثقة الشعبية في النظام ككل؟