عديد هي المؤسسات التعليمية لبلادنا تعاني من ظاهرة الاكتظاظ المدرسي والذي يعتبر قضية تربوية واجتماعية وهيكلية. إن ظاهرة الاكتظاظ داخل الفصول الدراسية يمثل تحديا كبيرا للتعليم إذ يؤثر سلباً على جودة التعليم وفعالية الأداء البيداغوجي. ومع ذلك فهو لا يلغي دور المدرس لكنه يفرض عليه ابتكار ممارسات تربوية بديلة غير أن فعالية هذه الممارسات تظل رهينة بتوفير الموارد لتخفيف العبئ المهني ودعم السياسات التعليمية.
إن الاكتظاظ المدرسي على مستوى البعد التربوي يقوض مبدأ التعليم النشط ويعوق التقويم التكويني والمتابعة الفردية. وعلى مستوى البعد التكويني والمتابعة الفردية ، يعمق الاكتظاظ المدرسي الفوارق الطبقية ويضر بالفئات الهشة ويضعف تكافؤ الفرص.وعلى مستوى البعد المهني، يؤثر الاكتظاظ المدرسي سلبا على أداء المدرس ويرفع من الضغط النفسي ويهدد الاستقرار المهني وجودة التدريس. ويصبح المدرس مثقلا بالأعباء وغير قادر على تقديم الدعم الفردي كما تتحول المدرسة إلى فضاء الاكتظاظ بدل أن تكون فضاء للتفتح والنمو.
إن الاكتظاظ المدرسي يعود إلى مجموعة من الأسباب: النمو الديمغرافي، انخفاض في عدد المدرسين وضعف التأهيل إضافة إلى ضعف البنيات التحتية (قلة القاعات الدراسية رداءة المباني..) وضعف التمويل.
إن الاكتظاظ المدرسي له آثار سلبية على جودة التعليم منها استحالة التابع البيداغوجي الفردي. فالمدزس يفقد القدرة على تتبع حاجيات كل تلميذ، فيتراكم الضعف الدراسي وتتسع الفوارق بين التلاميذ.ومن آثار الاكتظاظ كذلك تدهور جودة التعليم، بحيث ينشغل المدرس بضبط النظام بدل التدريس. وتلقن المعارف بشكل سطحي دون ترسيخ الفهم الحقيقي أو بناء الكفايات. ناهيك عن ضعف النتائج الدراسية وتراجع المردودية وعجز المدرس على دعم المتعثرين أو تحفيز المتفوقين.
إن الاكتظاظ المدرسي يمثل معاناة يومية للمدرس وتهديدا مباشرا لمستقبل التعليم وٱنتهاكا بنيويا لحق أساسي من حقوق الإنسان. وأمام هذه الوضعية، لابد من إصلاح تربوي عادل ومستدام وتوفر إرادة سياسية وتعاون كل الفاعلين لضمان تعليم ذي جودة في ظل الاكتظاظ المدرسي. وأختم هذه الوقعة التربوية بمقولة الزعيم نيلسون مانديلا: التعليم هو أقوى سلاح يمكن استخدامه لتغيير العالم..
خليل البخاري، باحث تربوي
خليل البخاري