رئيس النيابة العامة.. تعقب الأصول الإجرامية أولوية في السياسة الجنائية لمكافحة غسل الأموال

رئيس النيابة العامة.. تعقب الأصول الإجرامية أولوية في السياسة الجنائية لمكافحة غسل الأموال جانب من اللقاء
أكد هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة أن آليتي الحجز والمصادرة أضحتا من الركائز الأساسية في السياسات الجنائية الحديثة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى دورهما الحاسم في ضرب البنية المالية للجريمة وتجفيف منابعها والحد من قدرتها على الاستمرار والتوسع.
 
وجاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها، صباح الجمعة 19 دجنبر 2025 بالرباط، في الجلسة الافتتاحية للقاء السنوي لجهات إنفاذ القانون، المنظم من طرف الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تحت عنوان: “التحديات العملية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: الحجز والمصادرة نموذجاً”، بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين وممثلي مختلف المؤسسات المعنية.
 
وأبرز هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة أن هذا اللقاء السنوي أصبح موعداً مؤسسياً راسخاً وفضاءً وطنياً متخصصاً للحوار وتبادل الرؤى وتقييم التجارب، بما يسهم في استشراف آفاق تطوير المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيداً في هذا السياق بالشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية.
 
وأشار إلى أن اختيار موضوع الحجز والمصادرة يكتسي أهمية خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتطور الأساليب الإجرامية المعتمدة في إخفاء العائدات غير المشروعة وغسلها، فضلاً عن الارتباط المباشر لهذا الورش بعملية التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية خلال الفترة 2026-2028.
 
وسجل المتحدث أن التحديات العملية المرتبطة بتعقب الأصول الإجرامية وحجزها ومصادرتها تتزايد بفعل الطابع العابر للحدود للجريمة، وتعقيد الهياكل المالية والرقمية المستعملة، وصعوبات الولوج إلى البيانات المالية وتحديد المستفيدين الحقيقيين، إضافة إلى الإكراهات المتعلقة بتدبير الأصول المحجوزة والمصادرة والحفاظ على قيمتها الاقتصادية.
 
وشدد رئيس النيابة العامة على أن فعالية مساطر الحجز والمصادرة لا تقتصر على إصدار القرارات القضائية، بل تقتضي إرساء آليات إجرائية وتقنية ومؤسساتية متكاملة، تمكّن من تعقب الأصول الإجرامية وجردها وتقييمها، وتنفيذ قرارات المصادرة وحسن تدبيرها بما يحقق المصلحة العامة.
 
وأكد هشام بلاوي، في هذا الإطار أن رئاسة النيابة العامة جعلت من هذا الورش أولوية ضمن سياستها الجنائية، من خلال تطوير آليات البحث والتحري المالي، وتعزيز تبادل المعلومات مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وإحداث منصات وتطبيقات رقمية لتتبع قضايا غسل الأموال والتعاون القضائي الدولي، إلى جانب إعداد دلائل عملية والرفع من قدرات قضاة النيابة العامة عبر برامج تكوين متخصصة وتبادل الخبرات الدولية.
 
وعلى المستوى الدولي، أبرز انخراط رئاسة النيابة العامة في عدد من المبادرات الإقليمية والدولية المتعلقة بتتبع واسترداد الأصول الإجرامية، من بينها الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول بشمال إفريقيا والشرق الأوسط (MENA ARIN)، ومبادرات الاتحاد الإفريقي، والتعاون مع منظمة الإنتربول وهيئات الأمم المتحدة، فضلاً عن المساهمة في تقييم المنظومة الوطنية في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
 
كما أشار إلى اعتماد مقاربة متوازنة في مجال الحجز والمصادرة، تقوم على تعزيز الفعالية في مكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية مع ضمان احترام الحقوق والحريات، وعلى رأسها الحق في الملكية، وعدم المساس غير المبرر بالأنشطة الاقتصادية المشروعة، مبرزاً أن هذه المقاربة وجدت ترجمتها في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد.
 
واختتم رئيس النيابة العامة كلمته بالتأكيد على أن تعزيز منظومة الحجز والمصادرة وتدبير الأصول المحجوزة يستدعي حكامة مؤسساتية فعالة، وكفاءات بشرية مؤهلة، وقدرات تقنية متقدمة، وتنسيقاً وثيقاً بين مختلف المتدخلين، معرباً عن ثقته في أن يفضي هذا اللقاء إلى توصيات عملية من شأنها دعم الجهود الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.