يا أهل آسفي، يا أبناء هذه الأرض الطيبة، يا من ورثتم العزة والكرامة من أجدادكم، يا من حملتم في قلوبكم تاريخا لا يمحى، وذاكرة لا تنسى. اليوم وجب الوقوف جميعا لا لنرثي أنفسنا، بل لنرفع صوتا واحدا، صوتا قويا، صوتا لا يكسر ولا يسكت، صوتا يخرج من بين أنقاض البيوت المهدمة، من بين دموع الأمهات الثكالى، من بين صرخات الأطفال الذين فقدوا الأمان، من بين وجوه الشيوخ الذين رأوا مدينتهم تغرق أمام أعينهم.
لقد ضربت الفيضانات مدينتنا بقسوة، اجتاحت الطرقات، غمرت البيوت، ابتلعت الأرواح، وتركت وراءها جراحا غائرة في جسد هذه المدينة. ومع ذلك، لم نر من المسؤولين إلا الغياب، لم نر من البرلمانيين إلا الصمت، لم نر من الوزراء ولو حتى تلك التصريحات الباردة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
أين هم الذين أقسموا أن يكونوا صوت الشعب؟
أين هم الذين جلسوا على الكراسي باسمنا؟
أين هم الذين يمثلون ساكنة آسفي في البرلمان؟ لقد غابوا.
غابوا عن الميدان، غابوا عن الناس، غابوا عن المحنة، وكأنهم غرباء عن هذه الأرض التي أوصلتهم إلى مقاعد المسؤولية.
يا أهل آسفي، إننا لا نطلب المستحيل، نطلب فقط أن يكون المسؤول والبرلماني بيننا ساعة الشدة، أن يمد يده لا بكلمات فارغة، بل بأفعال ملموسة، أن يقف معنا في الميدان، أن يشاركنا الألم، أن يشاركنا الغضب، أن يشاركنا الصرخة.
فلنرفع جميعا هذا الصوت، فلنصرخ جميعا من قلب واحد، فلنعلنها مدوية: يا آسفي على آسفي!
صرخة تختصر الألم، صرخة تفضح الغياب، صرخة تطالب بالكرامة والعدالة، صرخة لن تسكتها مياه الفيضانات، ولن تطفئها دموع الحزن، ولن تخمدها وعود المسؤولين.
ساكنة آسفي، لن تصمت بعد الآن، ستظل تطالب بحقوقها، ستظل تفضح كل تقصير، ستظل تذكر كل مسؤول أن الكرسي الذي يجلس عليه إنما هو أمانة، وأن الأمانة لا تؤدى إلا بالوفاء للشعب، لا بالهروب منه.
يا أهل آسفي، قفوا وقفة رجل واحد. يدا في يد، قلبا إلى قلب، ليتحول هذا الغضب إلى قوة، وهذه المحنة إلى درس، وهذه الصرخة إلى بداية طريق جديد، طريق لا مكان فيه للغائبين والمتخاذلين، طريق يعيد للمدينة عزها وكرامتها، طريق يعيد للناس ثقتهم في أنفسهم.
عاشت آسفي، عاشت ساكنتها الصابرة، ولتكن هذه الكلمة شعارنا إلى الأبد: يا آسفي على آسفي، ولن يضيع حق وراءه مطالب.