مهدي لحلو ملخص
يستعرض هذه الفصل نهج المغرب في مسألة إعادة القبول في سياق إدارة الهجرة، مع التركيز على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف مع الاتحاد الأوروبي. ويضع إعادة القبول في إطار القوانين الدولية، ويسلط الضوء على الانتقادات التي توجهها منظمات المجتمع المدني، كما يحلل التحديات السياسية والعملية المرتبطة بتنفيذ هذه الاتفاقيات. كما يستعرض الفصل سياسات المغرب في مجال الهجرة العكسية، بما في ذلك الأطر المؤسسية وآليات إعادة الإدماج، ويناقش الاعتبارات السياسية والفلسفية الأوسع، مع التأكيد على الحاجة إلى حلول منسقة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
الكلمات المفتاحية: المغرب؛ إعادة القبول؛ حوكمة الهجرة؛ الهجرة العكسية؛ الاتحاد الأوروبي؛ حقوق الإنسان؛ إعادة الإدماج.
أ.إعادة القبول السياق العام
1-تعريف إعادة القبول والإطار الدولي
تشير إعادة القبول إلى الفعل الرسمي الذي بموجبه تقبل الدولة عودة أحد مواطنيها أو في بعض الحالات مواطن دولة ثالثة إلى أراضيها. تدعم المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الدول الأعضاء في التفاوض وتنفيذ اتفاقيات إعادة القبول التي تحدد شروط وآليات إعادة غير المواطنين إلى بلادهم الأصلية. يجب تنفيذ هذه الاتفاقيات مع احترام كامل لحقوق الإنسان الأساسية.
2-الالتزامات القانونية الدولية
تخضع اتفاقيات إعادة القبول للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك:
ويعد الامتثال لهذه الأطر أمرًا بالغ الأهمية لضمان أن إجراءات العودة لا تؤدي إلى الترحيل القسري أو الاحتجاز التعسفي أو انتهاك حقوق المهاجرين الإجرائية والموضوعية.
3-الانتقادات من المجتمع المدني
غالبًا ما تنتقد المنظمات غير الحكومية المتخصصة في حقوق المهاجرين اتفاقيات إعادة القبول. فهي ترى أن اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع الدول الثالثة غالبًا ما تُفاوض في ظل ظروف غير متكافئة، حيث تميل المساعدات التنموية والمالية أو النفوذ الدبلوماسي لصالح الاتحاد الأوروبي. وتعتبر هذه المنظمات أن الهدف الرئيسي لهذه الاتفاقيات هو تفويض مراقبة الحدود الأوروبية لدول لا تمتلك غالبًا القدرة المؤسسية أو السياسية أو المالية على حماية حقوق المهاجرين. وبهذا، يُطلب من دول العبور أو الأصل منع الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، لتعمل عمليًا كمنطقة عازلة.
Migreurop4- موقف شبكة
Migreurop تدعو شبكة
التي تضم نحو أربعين جمعية في 13 دولة أوروبية وإفريقية بما فيها المغرب، إلى شفافية أكبر في اتفاقيات إعادة القبول. وتطالب بإتاحة هذه الاتفاقيات للمجتمع المدني مراقبة مدى الالتزام بحقوق الإنسان. كما حث البرلمان الأوروبي على التدقيق في هذه الاتفاقيات ورفض أي اتفاقية لا تضمن حماية فعلية للمهاجرين.
ب. موقف المغرب
الأطر الحالية لإعادة قبول المواطنين المغاربة
يركز المغرب في تعاونه بشأن إعادة القبول على مواطنيه الخاضعين للترحيل بسبب الإقامة غير النظامية. وتخضع هذه الترتيبات لاتفاقيات ثنائية مع ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا وإيطاليا. ومنذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم تفويض المفوضية الأوروبية بالتفاوض على اتفاقيات إعادة قبول على مستوى الاتحاد الأوروبي مع الدول الثالثة، بما في ذلك المغرب، والتي قد تكون دولًا أصلية أو عبور.
شروط إعادة قبول المواطنين المغاربة في وضعية غير نظامية 2
يقبل المغرب إعادة مواطنيه الخاضعين لأوامر الترحيل، شريطة استيفاء الشروط التالية:
تهدف هذه الشروط إلى ضمان إجراء العودة بشكل قانوني مع احترام الإجراءات القانونية وكرامة المهاجرين.
مشروع اتفاقية إعادة القبول بين الاتحاد الأوروبي والمغرب
بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب (26 فبراير 1996)، لا سيما المواد 69 و71 المتعلقة بالحوار حول العودة وإعادة الإدماج، بدأ الاتحاد الأوروبي والمغرب مفاوضات في 2003 لإبرام اتفاقية شاملة لإعادة القبول. بعد سبعة عشر جولة من المفاوضات، تم تعليق النقاشات في أوائل 2016.
رغم وجود تقارب في عدة نقاط تقنية، فإن القضايا العالقة تشمل:
بموجب اتفاقية كوتونو إعادة قبول رعاياه الذين دخلوا أوروبا بشكل غير نظامي؛
الاعتبارات الفلسفية والسياسية
يضع الموقع الجغرافي للمغرب كمعبر بين إفريقيا وأوروبا تساؤلات أوسع تتعلق بإعادة القبول
توضح هذه الاعتبارات أن إعادة القبول لا يمكن معالجتها بشكل فعال عبر الاتفاقيات الثنائية فقط. وتحتاج إلى حلول مستدامة تحترم حقوق الإنسان، من خلال تنسيق مشترك بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، بحيث تُناقش وتُعتمد الاتفاقيات على مستوى هذين الكيانين الإقليميين مع مراعاة جميع التداعيات المالية والسياسية والمؤسسية.
سياسة المغرب في الهجرة العكسي
إلى جانب المفاوضات المتعلقة بإشكالية قبول العودة (la réadmission) طور المغرب خلال السنوات الأخير سياسته المرتبطة بموضوع الهجرة العكسية. و هكذا
أصبحت الهجرة العكسية، سواء كانت طوعية أو قسرية، جزءًا مركزيًا من إطار حوكمة الهجرة في المغرب، خصوصًا بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء (SNIA) في 2013. ورغم أن الاستراتيجية تركز على الإدماج والحماية والتنظيم، إلا أنها تعترف أيضًا بضرورة وجود آليات منظمة لعودة المواطنين المغاربة من أوروبا. وتعكس هذه السياسة الدور المزدوج للمغرب كدولة أصل وكممر متزايد الأهمية
الأطر المؤسسية وآليات إعادة الإدماج
عزز المغرب أطره المؤسسية والتشغيلية لإدارة العودة. وتنسق وزارة الشؤون الخارجية، والوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة مغاربة العالم، والقنصليات المغربية تحديد وإجراءات التعريف وتقديم المساعدة القنصلية للعائدين. وتشمل تدابير إعادة الإدماج الدعم الاجتماعي والاقتصادي، والتدريب المهني، والمساندة النفسية، والمبادرات المجتمعية. وقد ساهم التعاون الدولي، بما في ذلك برامج العودة الطوعية والمساعدة على إعادة الإدماج (AVRR) التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، في تطوير إجراءات وطنية منظمة.
. التحديات والقيود
رغم هذه الجهود، يواجه المغرب تحديات هيكلية في إدارة الهجرة العكسية. إذ يظل الدعم لإعادة الإدماج متفاوتًا، وتمويله طويل الأمد غير مؤكد، وفرص العمل المستدامة للعائدين محدودة. ويعود العديد من المواطنين المغاربة المطرودين من الدول الأوروبية تحت ظروف قسرية، غالبًا بدون إعداد كافٍ، مما يولد هشاشة اجتماعية واقتصادية. كما أن غياب إطار تشريعي شامل لإعادة الإدماج يعيق التنسيق المؤسسي، وهو ما يؤثر على موقف المغرب التفاوضي في مفاوضات إعادة القبول مع الاتحاد الأوروبي.
المراجع
د. مهدي لحلو، أستاذ التعليم العالي، خبير في قضايا الهجرة
جمعية الهجرة الدولية، المغرب
مشروع GAP’s
بتمويل من الإتحاد الأوروبي