عزيز الداودي لم ينتهِ ديربي الشرق بين المولودية والـ"ليزمو" كما كان يتمنى عشاق الكرة المستديرة بمدينة الألفية. فرغم أن كل المؤشرات كانت توحي بأن الانفلات سيكون لا محالة، وأن دعوات التهدئة وضبط النفس والتحلي بالروح الرياضية ذهبت أدراج الرياح، انطلقت شرارة العنف مباشرة بعد انتهاء مقابلة عادية في كرة القدم، حيث اقتحم أنصار الفريقين الملعب المكتظ عن آخره، وبدأ التراشق بالحجارة بعد أن سبقه تبادل السب والقذف.
والضحايا طبعًا هي الرياضة أولًا، ثم المنشآت العامة والخاصة، وقبل ذلك السلامة الجسدية للجمهور. وكان يمكن تفادي حجم الخسائر وهول الصدمة باتخاذ إجراءات استباقية، أهمّها:
أولًا: تفادي إجراء المقابلة في الملعب البلدي، لكون جنباته لا تتسع للجمهور الغفير الذي حجّ إليه، والذي وجد صعوبة كبيرة في النجاة بجلده نظرًا لقلّة أبواب الخروج، علمًا أن الملعب يتموقع وسط أحياء شعبية في المدينة العتيقة تتجاوز كثافتها السكانية المعدّل العام بكثير.
ثانيًا: إعادة النظر في التحسيس والتعبئة ضدّ عنف الملاعب، وهي مهمة موكولة للأسرة والمدرسة والإعلام، مع تحمّل الأسر مسؤولياتها في عدم اصطحاب الأطفال وحتى المراهقين إلى الملاعب دون مراقبة.
ثالثًا: الابتعاد عن توظيف الرياضة لأغراض انتخابية محضة، إذ لا يخفى على أحد أن العديد من الوجوه السياسية الانتخابوية لا تدع مناسبة تمرّ دون استغلالها قصد جني ثمار الأصوات الانتخابية.
رابعًا: تأطير أنصار الفريقين وضبط الشعارات وما يُصاغ أو يُكتب في اللافتات، وتفادي كل ما من شأنه استفزاز جماهير الناديين العريقين بتاريخيهما الحافل ودورهما الكبير في إشاعة قيم التضامن والإخاء بين أبناء المدينة الواحدة التي ظلمتها الجغرافيا؛ فبدل أن يكون موقعها مكسبًا، أصبح عبئًا عليها.
رجاءً، المدينة ليست بحاجة إلى نزيف آخر، بل إلى من يضمّد جراحها قبل أن تتحوّل هذه الجروح إلى أورام يستحيل علاجها.
عزيز الداودي، فاعل نقابي وحقوقي